قد يبدو تعبير "توليد الأفكار" لأول وهلة غريباً بعض الشيء لأن الشائع بيننا أن الأفكار تأتي مصادفة، و هو ما نعبر عنه بقولنا: "خطرت لي فكرة"، وإذا كنا لا نختلف على أن هذا المفهوم واقعي، فعلينا أن لا نعتمد عليه في التصدي للتحديات التي تواجهنا في مسيرة الحياة. الفرق بين أن تأتيك الفكرة مصادفة، وأن تقوم أنت بتوليد الفكرة هو الفرق بين أن تكون منفعلاً وأن تكون فاعلاً، وكما نعلم جميعاً، فإن الكثير من التحديات لا نستطيع التصدي لها إلا عندما نكون فاعلين لا منفعلين.
وإذا كان توليد الأفكار يبدو لنا أمراً صعباً لا يمكننا المضي معه فذلك لأننا لم نتعلم كيف نقوم به، ولم يكن ذلك من ثقافتنا في يوم من الأيام، فهل تتذكر أنك تعلمت شيئاً على مقاعد الدراسة عن الفكر الإبداعي؟ عن طرق التفكير؟ كيف تكون مبتكراً؟ من هنا نشأنا ونحن نعتقد أنه من الصعب علينا أن نكون من صانعي الأفكار، لأنه تكرس لدينا أنه أمر له أهله ولسنا منهم ... وسمحنا لهذا المفهوم أن يترسخ.
إلا أن توليد الأفكار في حقيقته ليس صعباً، ولكنه يبدو كذلك بسبب بعض العوائق التي تحول دونه، هذه العوائق هي عوائق صنعناها بأنفسنا ووضعناها أمامنا لنجد أنه من الصعب تخطيها ومنها أننا:
نحمل أفكاراً مقولبة في عقولنا
نخشى من الفشل
لا نحب أن نبدو أغبياء
لا نحب أن يضحك علينا أحد
لا نحب أن نبدو غريبي التفكير
نفكر بمنطقية
وقد تكون وضعت لنفسك عوائق أخرى.....
كيف يمكن أن نجعل من توليد الأفكار أمراً سهلاً
من السهل علينا توليد الأفكار، ببساطة لأن الله خلقنا وأنعم علينا بنعمة العقل: التفكّر والتدبر والتأمل، وكل إنسان يتمتع بنسبة من الذكاء تؤهله تعلم الطريقة والأسلوب اللذين يخولانه القيام بهذا الأمر، كل ما يحتاجه الأمر شيء من الإرادة والجرأة، فهم حقيقي للمشكلة وتجربة عملية صغيرة وستنهار الحواجز أو العوائق التي وضعتها أمامك الواحد تلو الآخر.
والآن تذكر:
إن الأفكار المقولبة ليست أكثر من سجن تضع موهبتك الفكرية ضمنه فلا تفكر إلا من خلاله، وتلغي محاكمة الخطأ والصواب بالنسبة لأي فكرة جديدة مطروحة أمامك، وهذا ببساطة يعني أن تفقد مرونتك الذهنية مع مرور الوقت وتقع في مطب ما يُطلق عليه "الفكر المتحجر"؛ الأفكار المقولبة هي أشد ما يعيق المقدرة العقلية ويبعدها عن مسار التفكير الصحيح والصحي.
إن الفشل (أو سمّه الإخفاق لتخفف من وقع الكلمة) أمر طبيعي وفطري فلا بد من الإخفاق للوصول إلى النجاح، بداية طريق الإبداع التجربة والإخفاق. والفشل لا يخشاه ذوو الأهداف النبيلة ولا يعيقهم عن الوصول إلى أهدافهم الحقيقية، ولا يتحاشاه إلاّ الجبناء المدّعون الذين يفضلون التضحية بأهدافهم النبيلة على الظهور بمظهر الفاشل!!
إن نظرة الناس إلينا لا تعني أنهم محقون فيها وأنها تقع موقعها الصحيح، فأن تبدو فكرتك غبية في نظر البعض لا يعني أنها غبية فعلاً، بل قد تكون في واقعها عبقرية، فمن قال أن هؤلاء يحملون مقياساً حساساً للغباء والذكاء، هم بشر في النهاية...
إن الكثير من المواهب والأفكار الجيدة، بل وحتى الشخصيات العبقرية قد ضاعت بسبب نظرة الآخرين، الآخرين الذين يحملون في كثير من الأحيان معاولاً يهشمون بها الأفكار ويحطمون بها الشخصيات، هي لا تبدو للعين المجردة ولكنها أشد فتكاً في كثير من الأحيان من المعاول التي تستخدمها الأيادي. تَبيـَّن الرأي الآخر، ولا تدعه يسيّر تفكيرك. لا تسمح له أن يمس ثوابتك، ويزعزع مفاهيمك لمجرد أنها تبدوا مضحكة أو غريبة بالنسبة له، أو لا تتلاءم مع التفكير العصري.
إنك ذو شخصية مميزة لها الحق في طرح الأفكار والنقاش، كما للآخرين.
لا يمكن أن نطبق التحليل والتفسير المنطقي على جميع المسائل. نحن نرتاح لحدوث الأشياء بشكل منطقي ومنظم، فعندما يحصل الأمر الفلاني يجب أن تترتب عليه النتائج الفلانية، لذلك نحن نتعجل نتائج الأفعال، فإذا لم تحدث الأشياء بتسلسل منطقي، فيمكن أن تترتب عليها نتائج غير متوقعة، وهذا لا يريحنا، لذلك نحن نتجنب ما هو غير متوقع بالبقاء مع ما هو مريح. تجنب فخ المنطق.
لا تستسلم للخدعة التي تقول بوجود رابط منطقي بين الأشخاص الأذكياء والإبداع، فكلما كان الشخص ذكياً كلما كانت تجربته أدعى للقبول. لا تقع في فخ الذكاء هذا، فهذه فكرة قديمة أثبتت فشلها.
إن قدراتك العقلية بحاجة إلى مساحة لا تشغلها القيود التي يفرضها عليها "الوضع الراهن" "الناس من حولي"، "أخشى... "، "ربما... "،
ثق بها، حررها وستلمس نتائج... مذهلة إن شاء الله - تعالى -.
ولا تنس أبداً أنك صاحب هدف عليك تحقيقه بالرغم من كل ما قد يعترضك...
ْ
________*التــَّـوْقـْـيـعُ*_________
لا أحد يظن أن العظماء تعساء إلا العظماء أنفسهم. إدوارد ينج: شاعر إنجليزي