[right]الفيضان الذي غيّر حياة جيف
لمح «جيف» الماء يقترب صوبهم على مسافة قريبة، وكان الناس في القرية يركضون ويركضون لاهثين بغية إنقاذ حياتهم. تجمدت في مكاني وتذكرت ما حدث لأبي عندما كان عمري سنة وسبعة أشهر لا غير، إذ مات في بضع ثوانٍ، وربما أواجه المصير ذاته الذي واجهه أبي.
تشبثت بي والدتي ثم ركضت شأنها شأن الآخرين. كان الماء يندفع سريعًا، وجرف كل ما يصادفه في طريقه المحاذي للنهر العميق، رجل ما في النهر أمسك بي وأخذ يقطع النهر سباحة إلى الجانب الآخر منه. لقد أنقذ الرجل حياتي، أما أمي فلم تنج من الكارثة، إذ غرقت، وسحبها التيار إلى المحيط.
احتاجت القرية إلى سنوات لكي يتم ترميمها فيما انتقلت أنا إلى بيت للرعاية في قرية أخرى، غير أن الرجل الذي أنقذني أراد أن يتبنّاني. أنجز كل الأوراق المطلوبة فانتقلت، وعشت معه، كان بيته كبيرًا وواسعًا. وفي لحظة هادئة قدّم لي ساعة جيبية كان قد ورثها عن جده الخامس في عام 1869.
ألقيت الساعة في صندوق النفايات مفكرًا بأمي وأبي، فهذا الرجل لا يستطيع أن يحل محل أبويّ بمجرد نقرة من إصبعه. حبستُ نفسي في غرفتي حينما طلب مني أن أذهب وأتناول عشائي. ظل يصطحبني إلى خارج المنزل لتناول وجبات الغداء، أراد أن أحبه، أن أتعلّق به، لكنني لم أفعل ذلك، بل بالعكس كرهته.
ذات مرة بكيت، نشجت في غرفتي فجاء واحتضنني، أصغى إليّ، واستوعبني، فعرفته على حقيقته، وبدأت أميل إليه وأحبه. أمضيت الليل وأنا أشعر بالذنب لدرجة أنني قذفت ساعته الجيبية بعيدًا.
قصة: دانييل أحمد - العراق (مقيم في لندن)
رسوم: أشرف حسن العربي - المغرب