17- الشخصية المبدعة
هل هناك مواصفات خاصة بالشخصية المبدعة؟
ذكرنا سابقاً أن الذكاء مرتبط بالإبداع . إذن فالمبدع شخص ذكي.
كما ذكرنا أن الإبداع مرتبط بالقيم والأخلاق. إذن فالمبدع شخص يتحلى بالأخلاق الحميدة والقيم الإنسانية.
كما ذكرنا أن الإبداع يحتاج إلى العمل الدؤوب والمتواصل. إذن ، فالمبدع شخص نشيط ومثابر، وهو كذلك ذو ثقة عالية بنفسه، يتحمل المسؤولية، ويبحث دائماً عمّا هو جديد. كما أنه يبتعد عن التقليد والمحاكاة، ويبتكر ما هو أصيل.
والمبدع شخص خلاّق بالمعنى الدقيق للكلمة. قد يستفيد من تجارب الآخرين، إلا أنه يُضيف إليها من ابتكاراته الخاصة. وهو عنيد ومغامر. يحلم ، ويعمل جهده على تحقيق أحلامه. وهو دائم التفكير ودائم العمل، ولا يثنيه عن الوصول إلى أهدافه أي عائق مهما كان.
وفي دراسة حول مشاهير المبدعين، تبين أن 90% منهم تميّز بدرجة عالية من الذكاء وحب الاستطلاع، الذي لا يكفّ عن طرح التساؤلات. ( سايمتن ، 1989، ص77).
ثم إنّ هناك الدافعيّة والرغبة في التفوق والشهرة والتوق للإنجاز والنجاح والفوز.
أما جيلفورد، فهو يربط بين الشخصية المبدعة وبعض الخصائص، كالمرونة والطلاقة والأصالة والتفكير التباعدي، أي المنطلق. ( روشكا، 1989، ص54)
بينما يرى غيره أهمية الدافعية والمزاج واستقلالية التفكير.
كما يرى آخرون أن هناك علاقة كبيرة بين الإبداع والصحة النفسية للشخص المبدع.
وإذا تتبعنا بعض خصائص المبدعين، فإنهم يقضون ساعاتٍ وربما أياماً متواصلة في العمل. وبأنهم قارئون من الدرجة الأولى.
أياً كان الأمر، فلا شك أن المبدع يحتاج إلى بيئة تحفزه على الإبداع، وأشخاص يُشجّعونه ويُقدّرون أعماله، ويساعدونه على المضي في أبحاثه وإنجازاته، وعلى نشرها وتعميمها والاستفادة منها.
وهناك مؤشرات تُساعد أي شخص على الإبداع في مجالٍ من مجالات الحياة المختلفة. منها، الذكاء والثقافة والرغبة في العمل والنشاط المتواصل . وكذلك، الدافعية الداخلية والخارجية. كما تساعد البيئة في تكوين وترسيخ الإبداع، خاصة في البيت والمدرسة. وذلك بإتاحة الفرصة للأطفال للبحث والتجريب والدراسة بشكل مستقلّ أو بشكل جماعي.
ومن الجدير ذكره أن هناك الشخصية متعددة الإبداعات. وهي الشخصية التي لا تُبدع في مجال واحد فحسب، وإنما في عدّة مجالات في آن واحد. ونحن نطلق عليها الشخصية العبقرية.
مثال ذلك، ليوناردو دافنشي، الذي كان رساماً ورياضياً وميكانيكياً ومهندساً ومكتشفاً في الفيزياء. ( روشكا، 1989، ص99).
كما أن هناك كثيراً من العباقرة العرب والمسلمين الذين نبغوا في الطب والفلك والموسيقى والشعر وغيرها من الفنون، مثل : الرازي وابن سينا وابن جني وعمر الخيام وغيرهم.
ويُمكن أن نستنتج بأن العبقريّ النوعيّ هو ذلك الذي يملك طاقة عالية، وقدرة مُركّبة وغنية في سرعة الانتقال من مجال إلى آخر . ومثل هذا المُركّب هو الذي يقود إلى الإنجاز الإبداعيّ في أكثر من مجال، دون الإقلال من قيمة وثراء المجال الأساسيّ للمبدع. ( روشكا، 1989، ص 102-103).
وبشكل عام، فإن الشخصية المبدعة أو العبقرية تتسّم بالجرأة في قول الحقيقة ، والشجاعة ، والثقة بالنفس. ولا يهمها أن تجد معارضة لما تُقدّمه من إنجاز أيّاً كان نوعه. فهي تُدرك جيداً أن ما تُقدّمه هو جديد، ويحتاج إلى وقت حتى يدرك الآخرون قيمته وأهميته.
كما أنّ الشخصيّة المبدعة تتسم بالشعور بالسعادة لما تقوم به من أعمال أياً كانت صعوبتها . وهي مهذبة في التعامل مع الآخرين، وتتصف بالصدق والعدالة ومراعاة القيم الإنسانية، وتتمتع بالروح المرحة، والتفاؤل، وبقدر كبير من الحضور الشخصي.
ْ
________*التــَّـوْقـْـيـعُ*_________