ربما يكون النموذج السائد ناجحاً وقوياً، لكن نجاح اليوم ليس هو الضمانة الأكيدة لنجاح الغد، فحكايات الانهيار والسقوط المدوي والمؤثر عند كبريات الشركات والبنوك والدول في التاريخ القديم والمعاصر عديدة. وربما تكون كلها انطوت على شكل ما من أشكال التحول في النموذج المعياري المهيمن.
يقع حدث ما ملفت أو مدوي يظن الناس معه أن لحظة التغيير قد حانت وأن ساعة الجديد قد دقت. ولكن قبل ذلك بوقت قد يقصر أو يطول، تكون المليمترات الأولى للانحراف عن سكة النموذج الثابت قد وقعت دون أن يلحظها إلا قلائل ممن هم على رأس هرم النجاح والهيمنة وقد لا يلتفتون إليها فيجدون أنفسهم بعد وقت على مفترق طرق: إما التكيف أو الزوال التدريجي... وهما أمران أحلاهما مرّ عندما تكون قابعاً في القمة.
على المستوى العلمي، يقول توماس كونز، وهو مبتكر هذا المصطلح في دراسته لتاريخ الثورات العلمية، إن التحول في النموذج المعياري –أي الثورة العلمية- يحدث عندما يبدأ العلماء بمواجهة أمور يتعذر على النموذج المتعارف عليه تفسيرها وبالتالي يبدأ التطور العلمي بالتحرك من تلك النقطة فتتوالى الثورات العلمية في مجال ما حتى يصبح متقدماً للغاية أو مستقراً نوعاً ما. ويُشبَّه التفكير ضمن نطاق أو إطار النظريات العلمية المتعارف عليه "بالتفكير داخل الصندوق" أما الثورات العلمية فتحدث من خلال عملية التعليل التي "تفكر خارج الصندوق" كما فعل نيوتن ومن بعده آينشتاين "أبو النسبية".
هذه بعض الجوانب المتعلقة بمفهوم النموذج المعياري (أو البارادايم) على سبيل إلقاء بعض الضوء على المسألة التي أثارتها في الواقع في ذهني مسألة كيفية ترجمة المصطلح على مسار ما وراء الترجمة. هناك مقالات تشرح بنوع من التفصيل على الواكيبيديا، وهناك طبعاً كتاب توماس كونز (The Structure of Scientific Revolutions) لمن يريد التوسع في فهم النموذج المعياري العلمي وفلسفة الثورات العلمية.
مع أصدق التمنيات،
أحمد الفهد
ْ
________*التــَّـوْقـْـيـعُ*_________
لا أحد يظن أن العظماء تعساء إلا العظماء أنفسهم. إدوارد ينج: شاعر إنجليزي