النمذجة وطفل التوحد
هي إحدى العمليات الهامة فى عملية تعديل السلوك الانسانى وتقويمه وهى عملية تغيير للسلوك نتيجة ملاحظة سلوك شخص أخر
وهذه العملية أساسية في معظم مراحل التعلم الإنساني لأننا نتعلم معظم سلوكياتنا من خلال ملاحظة سلوك الآخرين وتقليدهم، بل لا نكون متجاوزين أذا قلنا أنها العملية الأهم فى تعليمنا جمعيا معظم ما تعلمناه .
فغالباً مايتأثر سلوك الطفل بملاحظة سلوك الأفراد الآخرين ، فالطفل يتعلم العديد من الأنماط السلوكية مرغوبة كانت أو غير مرغوبة ، من خلال ملاحظة الآخرين .
ويمكن القول أن المشكلة الأكبر لدى طفل التوحد هى ضعف قدرة هذا الطفل على إتمام هذه العملية بنجاح حيث أن هذا الطفل يعانى من خلل واضح فى عملية التقليد ,
ويسمى التغيير في سلوك الأطفال الذي ينتج عن ملاحظته لسلوك الآخرين في علم النفس بالنمذجة (Modelning ) ومن المهم جداً معرفة أن وظائف النمذجة أو التقليد لا تقتصر على اكتساب سلوكيات جديدة لم تكن موجودة من قبل ، أو تعديل السلوك القديم ، بل يمكن تعليم السلوك الاجتماعي الجيد من خلال المراقبة لحالات متنوعة .
لذا يجب أن نكون منتبهين دائماً إلى أهمية تقديم نماذج من السلوك المرغوب لأن الأطفال يتأثرون بما يشاهدون .
فمثلاً يتعلم الطفل حب القراءة ويهتم بها أذا شاهد والده يقرأ كثيراً في المنزل
وكثيراً ما تكون عملية التعلم بالتقليد أو النمذجة عملية عفوية لا حاجة لتصميم برامج خاصة لحدوثها بالنسبة للطفل العادي فالطفل الصغير نجده يشاهد الأب فى مواقف عديدة كالصلاة أو طريقة ارتداء الملابس ويقوم بتقليد نموذج الأب وكذلك الفتاة تقوم بتقليد نموذج الأم كالوقوف أمام المرأة بل أن الفرد فى مرحلة المراهقة يقوم باتخاذ نموذج لممثل أو لاعب كرة أو شخص شهير ويقوم بتقليد قصة الشعر الخاصة به أو طريقة ارتداءه للملابس حتى المواقف الاجتماعية يتعلمها الفرد من خلال التعلم بالنموذج فالفرد يتعلم كيف يسلك فى المواقف الاجتماعية المختلفة من خلال مشاهدته لنموذج الأب أو الأم حتى الأم تتعلم كيف تقوم بعملية تربية أطفالها من خلال النموذج الذي قدمته لها والدتها فى السابق
ولكن بالنسبة لذوي الاحتياجات الخاصة الموضوع مختلف فالعديد منهم لا يستطيع أن يتعلم بالنموذج بطريقة عفوية وهنا يجب أن يوضع في الاعتبار تصميم برامج خاصة.
ومن الأمثلة على ذلك تعلم الطفل أن يستأذن أثناء الدخول إلى الفصل، تعلم الطفل غسيل اليدين بعد الخروج من الحمام / رمي المهملات في السلة.
أنواع النمذجة
النمذجة المباشرة :
يقوم النموذج بتأدية السلوكيات المستهدفة بوجود الطفل ، وهذا النوع من النمذجة لا يطلب من الطفل تأدية سلوكيات النموذج وإنما مجرد مراقبتها فقط .
النمذجة المصورة :
يقوم الطفل بمشاهدة سلوك النموذج من خلال الأفلام أو أي وسائل أخرى .
النمذجة من خلال المشاركة :
يقوم الطفل بمراقبة نموذج حي أولاً ثم يقوم بتأدية الاستجابة بمساعدة وتشجيع النموذج ، وأخيراً فإنه يؤدي الاستجابة بمفرده .
ويلعب النموذج الحي دوراً مهماً للأطفال ذوى الاحتياجات الخاصة بوجه خاص.
لذا يجب على الأبوين أن يحسنا سلوكهما ويحرصا على انتقاء الألفاظ بدقة ، وأن يحرصا على آداب السلوك لأن الأطفال سيقلدون الوالدين ، ويتعلم الأطفال السلوك الذي يشاهدونه أكثر من الذي يسمعونه عن طريق النموذج مع تقديم الإيماءات والإيحاءات للطفل .
أما عن طفل التوحد وكما ذكرنا سابقا انه يعانى من خلل واضح في عملية التقليد وبالتالي هو يحتاج في البداية الى تعلم هذه العملية وإذا نجحنا في تعليم طفل التوحد عملية التقليد أو كما نطلق عليها التعلم بالنموذج نكون بذلك قد عبرنا بهذا الطفل خطوات كبيرة في مجال العلاج ثم بعد ذلك استخدام التعلم بالنموذج في تعليم طفل التوحد السلوكيات المرغوب فيها والمهارات المختلفة..
وهنا يجب على المعلم أن يقوم بالسلوك أمام الطفل التوحدى بشكل واضح وببطء وبشكل متكرر حتى يستطيع أن يعيده ويقلده ، مع منح تعزيز على كل جزء من الأداء الصحيح الذي ينجح في القيام به كنوع من التعزيز والتدعيم الايجابي المباشر .
كما أن هناك مجموعة من العوامل التي تزيد من فعالية النمذجة مثل انتباه الطفل للنموذج وهنا وقبل البدء فى عملية التعلم بالنموذج لدى طفل التوحد لابد من تنمية عملية الانتباه التي هي فى الغالب ضعيفة وينبغي التركيز على النماذج التي ترى من خلال العين حيث أن الانتباه البصري يكون فى الغالب مرتفع لدى طفل التوحد .
كما ينبغي إجراء عملية تقييم لسلوك طفل التوحد فى عملية التقليد قبل البدء فى استخدام فنية التعلم بالنموذج حتى نبدأ من السلوك الأخير الذي وصل إليه طفل التوحد فى عملية التقليد فنرى هل الطفل لا يقلد مطلقا ام يقلد الإشارات البسيطة أم وصل لمدى ابعد من ذلك حتى نستطيع أن نحدد إمكانية طفل التوحد فى عملية التعلم بالنموذج
كما ينبغي أن نزيد من دافعية الطفل من خلال تقديم مجموعة من المحفزات .
كما ينبغي أن نراعى مقدرة الطفل الجسمية على تقليد سلوك النموذج فهناك العديد من أطفال التوحد تعانى من ضعف فى العضلات الدقيقة أو العضلات الكبيرة وهنا يجب على المعالج السلوكي أن يلاحظ ذلك
ولابد للمعالج السلوكي من قياس مقدرة الطفل على الاستمرار بتأدية السلوك بعد اكتسابه وفى مواقف متعددة حيث يعانى طفل التوحد من مشكلة تعميم السلوكيات التى تعلمها وبالتالي لابد من التأكد من أن الطفل قد أتقن المهارة أو السلوك وانه قادر على تعميم السلوك فى مواقف مختلفة حتى يتم الانتقال الى المهارة التي تلي هذه المهارة.
واخيرا ينبغى الحرص على عدم الانتقال من تدريب الطفل على سلوك اخر الا بعد التاكد من اتقانه للسلوك االسابق عليه .
منقووووووووول للافادة
لكم مني اجمل تحية...
ولا تنسوني بالدعاء
ْ
________*التــَّـوْقـْـيـعُ*_________
لا أحد يظن أن العظماء تعساء إلا العظماء أنفسهم. إدوارد ينج: شاعر إنجليزي