مع ان الوالد كفى ووفى سوف اضيف القليل على ما قال
الأخلاق
الإسلام دين الأخلاق الحميدة، دعا إليها، وحرص على تربية نفوس المسلمين عليها. وقد مدح الله -تعالى- نبيه، فقال: {وإنك لعلى خلق عظيم}.
وجعل الله -سبحانه- الأخلاق الفاضلة سببًا للوصول إلى درجات الجنة العالية
وأمرنا الله بمحاسن الأخلاق، فقال تعالى: {ادفع بالتي هي أحسن فإذا بالذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم} [فصلت: 34]. وحثنا النبي صلى الله عليه وسلم على التحلي بمكارم الأخلاق، فقال: (اتق الله حيثما كنتَ، وأتبع الحسنةَ السيئةَ تَمْحُها، وخالقِ الناسَ بخُلُق حَسَن) [الترمذي].
وهنا يمكنني القول بان الحضارة الاسلامية تتراجع فكرا وقوة وهذا منذ حوالي ستة قرون تقريبا اذا لم تخني الذاكرة
عندما تراجعت الحضارة الإسلامية وسيطرت حضارة الاستعمار الأوروبي فرقوا بين الناس، وقسموا البشر إلى غالبين ولهم الخير
كله، وإلى مغلوبين وعليهم الغرم كله، وانطلقت خطى الحضارة الطاغية حتى أصبح العالم عالمين، العالم الأول: الصناعي المتقدم
المسيطر، والعالم الثالث: الذي يستنزف حتى الموت.. وكلما تقدم الزمن ازدادت شقة الخلاف واتسع المدى بين الجانبين حتى
طالعتنا أخيرا التقارير الرسمية للأمم المتحدة والبنك الدولي سنة 1980 لتقول إن في العالم الثالث -وأغلبه مسلمون- 600 ستمائة
مليون إنسان يعيشون تحت مستوى الفقر المطلق، وأن 12 اثني عشر مليون إنسان منهم ماتوا من الجوع سنة 1978، وما زالت
طواحين الحضارة المعاصرة تعمل وما زالت غيلانها تتعطش إلى الدماء، وتحتكر التكنولوجيا والعلم الحديث، ودق ناقوس الخطر
ينذر المسلمين.
أما فكرنا الإسلامي فقد أرست قواعده السماء، واجتهدت في استيعابه الأمة الإسلامية فأصابت حينا ثم أخطأت أحيانا، هذا الفكر
عانى بعد صحوة الإسلام من نزعات الهوى وطموحات النفوس الأمارة بالسوء، ولكنه بفضل ما يحمل في أعماقه من جذور وبذور
اليقين، ظل يغالب النزوات العارمة منذ حمل "معاوية" المصاحف على أسنة الرماح في الفتنة الكبرى إلى معاناة الإمام الأعظم "أبي
حنيفة" لإشفاقه من مسؤولية القضاء إلى إيذاء الإمام "ابن حنبل" في محنة خلق القرآن، إلى تيسير "أبي يوسف" للفتاوى في بلاط
الرشيد، إلى حملة "الإمام الغزالي" على العقلانية في (تهافت الفلاسفة)، إلى ردود "ابن رشد" في (تهافت التهافت) إلى الفرق
المتصارعة من سنية إلى شيعية إلى معتزلة إلى أشعرية إلى إباضية إلى زيدية...إلخ، ثم إلى الاتفاق على وقف الاجتهاد بما له وما
عليه.
نعود إلى إنسان العالم الثالث المسكين المشدود إلى ساقية الحضارة المزعومة، وهو يدور حول نفسه ويتأخر كلما خيل إليه أنه يتقدم، وهو يملك إمكانات، منها المواد الخام وأهمها البترول، ومنها فوائض الأموال المكدسة والتي تستفيد منها الإمبريالية في كل مكان، ومنها القوى البشرية الهائلة التي أصبحت لكثرتها عبئا عليه، والتي يحاول هو التخلص منها ليتخفف.
وهذه العناصر لو أتيح لها الوعي الناضج، ونحيت عن سبيلها العقبات، لكان لها في المسيرة شأن آخر.
عزيزتي ما مر به العالم الاسلامي ليس بقليل واظن ان السبب الحقيقي لوضعنا هذا هو كما احب ان اسميه انا سرقة كل افكار الحضارة الاسلامية واستغلالها بافضل استغلال .. فإن النظرة المجردة إلى الواقع المرير للعالم الإسلامي
هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى بلغ الاستغلال والاستنزاف والقهر والتبعية المفروضة على العالم الثالث إلى حد موت الإنسان من الجوع كما سبق وقدمنا من واقع التقارير الرسمية للهيئات الدولية التي تسيطر عليها أيضًا القوى الكبرى، ولعل ذلك تخطيط يراد به القضاء على الإنسان حيث تحل محله الآلات الحديثة.
فهل بعد بعض ما مر به عالمنا الاسلامي تتوقعون ان تكون اخلاق المسلمون هي نفسها التي يوصي بها الله
طبعا لا فقد نزفت الحضارة الاسلامية وتراجعت فكرا وقوة والسبب عائد الى ثلاث قوى الا وهي أمريكا وروسيا واتحاد أوروبا
تتشبث بالسيطرة على العالم الثالث ومنه العالم الإسلامي،
هذا ما نعلمه، وهناك -على سبيل القطع- ما لا نعلمه من أسرار العلم والتكنولوجيا المحتكرة، وهو كثير.
وخلاصة القول: أننا أمام إنسان مسلم يعيش غالبيته في العالم الثالث، متخلفا مقهورًا مستغلا تابعا للإمبريالية العالمية، وهو يزداد تخلفا بالموازين العالمية -كلما خيل إليه أنه يتقدم، وهو يقع ضحية غزو فكري ثقافي لأكثر من قرن من الزمان، وقد ارتبط بحضارة غريبة عنه يتشبث بمظاهرها ويعيشها على وهم، ولكنه يزداد ارتباطا بها، وهو واقع تحت ضغط طوفان إعلامي قاهر
ْ
________*التــَّـوْقـْـيـعُ*_________
اكتٌب مايقُوله الناسعنٌك على أوراَق و ضعٌها تحت قدميٌكفكلمٌا ازادت ْ الأورَاق, كلمّا ارتفَعت انت الى الأعلى