freeman المـديـر العـــام
عدد المساهمات : 19334 تاريخ التسجيل : 05/01/2011 العمر : 64 الموقع : http://sixhats.jimdo.com/
| موضوع: مفهوم القوة في العلاقات الدولية و علم السياسية 6 الثلاثاء يونيو 28, 2011 8:41 pm | |
| استخدامات القوة سبق وذكرنا أن القوة ليست هدفاً في ذاتها، ولكنها وسيلة لتحقيق أهداف أخرى من خلال النفوذ أو التأثير الناتج عن ممارسة القوة، فما هي تلك الأهداف التي تُستخدم القوة لتحقيقها ؟ تختزل أغلب الدراسات الغربية أهداف القوة في هدف واحد : هو تحقيق المصلحة القومية فالعلاقات الدولية ليست سوى علاقات قوى تخضع لقانون واحد : هو قانون المصالح القومية . ويضيف بعض الباحثين استخدامات أخرى للقوة لا تبتعد كثيراً عن هدف المصلحة القومية، مثل حماية الحدود وضمان الأمن وصيانة المعاهدات وتحقيق الرفاهية .
والحقيقة أن إعلان بعض الدول عن استخدامات أخرى للقوة لا ترتبط بعامل المصلحة القومية، قد يكون مجرد قناع لإخفاء السبب الحقيقي الذي يحكم حركتها في النطاق الدولي، والذي لا يعدو أن يكون المصلحة القومية نفسها .
سبق وذكرنا أن إدعاء رسالة فرنسا الثقافية الذي أسُتخدم لتوسيع الحروب والفتوحات النابليونية في القارة الأوربية، ولتوسيع الاستعمار الفرنسي لدول العالم الثالث لم يكن في الحقيقة سوى قناع للأطماع الفرنسية خارج حدودها وبالطريقة نفسها يمكن تفسير ادعاءات الولايات المتحدة الواردة بوثيقة البيت الأبيض عن ( إستراتيجية الأمن القومي للولايات المتحدة )، والتي تربط استخدام القوة في النطاق الخارجي بنشر قيم الحرية والمساواة والقضاء على الإرهاب، بأنها مجرد ستار تستتر خلفه الأسباب الحقيقية التي ترتبط بالسيطرة على منابع البترول، وضرب القوى الإسلامية، وتكوين إمبراطورية أمريكية (19) وإذا كانت الدولة القومية العلمانية ذات التقاليد الرأسمالية والقائمة على مبدأ الدولة الحارسة، تأبى إلا أن تجعل من لغة المصالح أساس حركتها في النطاق الخارجي، حتى لو غلفت تلك المصالح بغطاء من القيم والمثاليات، فإن النموذج الآخر للدولة القومية – أي الدولة القومية العقدية التي تعتمد على العامل العقدي في عملية بناء الدولة، وتأسيس شرعية السلطة السياسية، ورسم سياستها الداخلية والخارجية – يقوم على الربط بين حركتها السياسية في النطاق الخارجي، ووظيفة حضارية لا تنبع من منطـق المصالح، وهو النمـوذج الذي تتحول فيه القوة إلى إرادة حضارية، أي أداة تحقيق الوظيفة الحضارية، تلك التي تدور حول نشر قيم عالمية واحدة تضمن التقدم الروحي والمعنوي لسائر البشر . ثمة تطبيقان لهذه الدولة التي تستخدم القوة بوصفها إرادة حضاريةالدولة الأيديولوجية، والدول الدينية)، الأولى تضع قوتها في خدمة عقيدتها السياسية، وتربط حركتها في المجال الخارجي بفكرها الأيديولوجي، أما الثانية فتجعل محور تعاملها الخارجي يدور حول نشر عقيدتها الدينية . وذلك من منطلق القناعة بأن كلاً منهما – أي الفكر الأيديولوجي والعقيدة الدينية – يمثل إضافة جديدة إلى معالم التقدم الإنساني تفرض عليهما – أي الدولة الأيديولوجية، والدولة الدينية – الالتزام بنشر هذه المنجزات وتعميمها من أجل الارتقاء بالوجود البشري، وتسخير قوتهما للدفاع عن هذه الوظيفة الحضارية .
القوة والتوازن لاشك أن هناك اختلافات في القوى النسبية للدول، ومرد هذا الاختلاف يعود إلى تباين ما هو متاح لكل دولة من المصادر والمكونات والمـوارد المادية وغير المادية التي تدخل في تركيب هذه القوة، وتدرك كل دولة في ظل البيئة الدولية الحالية والتي يحكمها منطق الصراع أن حماية حدودها ومكتسباتها الوطنية فضلاً عن تحقيق مصالحها القومية رهن بامتلاك القوة والسعي الدائم إلى زيادة هذه القوة إلى أبعد مدة ممكن وذلك بإضافة مصادر أو طرق أو وحـدات إنتاج جديدة للقوة (تحالف، تعاهد تفوق علمي وعسـكري وغيرها) أو بالعمل على إضـعاف قوى الآخـرين بشتى الطـرق (الحرب، الحرب النفسية، التفريق، التقسيم .. وغيرها ) لخلق التوازن المطلوب لضمان أمنها وصيانة استقلالها (20) التوازن ليس حالة جامدة، بل عملية متغيرة ومتطورة، وعملية حركية متغيرة تندفع من سعي الأطراف ذات العلاقة إلى الحفاظ على أوضاعها ومصالحها النسبية التي تعكس القدرات والإمكانات والموارد المتاحة لها، وعند تغير القدرات بشكل حاسم من طرف يسعى الطرف الآخر إلى إعادة التوازن من جديد، ومفهوم توازن القوى الشامل مركب ومتعدد الأبعاد وهو من حيث القدرات يتجاوز مفهوم التوازن العسكري الذي يدخل كأحد أبعاد توازن القوى الذي يضم علاوة على ذلك القدرات الاقتصادية والبشرية والسياسية . تستعمل عبارة توازن القوى أحياناً كوصف لكيفية توزيع القوى ويجري استعمال هذه التعبير للإشارة إلى توزيع عادل للقوة مثل كفتي ميزان متساويتين، والمشكلة في هذا الاستعمال هو أن الغموض في قياس القوة يجعل من الصعب تحديد متى يكون هذا التوازن متساوٍ، والتوزيع المتساوي للقوة بين الأمم أمر نادر، وفي أغلب الأحيان فإن عمليات النمو المتفاوت والتي تعتبر قاعدة أساسية في السياسة الدولية تعني صعود دول وانحدار دول أخرى وتعمل هذه التحولات في توزيع القوة على حفز رجال الدولة إلى تكوين التحالفات وبناء الجيوش والقيام بمخاطرات تؤدي إلى موازنة أو كبح القوى الصاعدة، ولكن موازنة القوة لا تحول دائماً دون بروز دولة مسيطرة، وتحاول نظريات الهيمنة وانتقال القوة تفسير السبب الذي يجعل بعض الدول التي أصابت النجاح والتفوق تفقد هذا النجاح وهذا التفوق فيما بعد .
تراوحت أساليب التوازن التي مورست عبر التاريخ ما بين التحالفات والتحالفات المضادة والتدخل المباشر وغير المباشر ونزع السلاح والتفرقة بين الخصوم والتعويضات والتهدئة بل والحرب بمستوياتها، وتلجأ الدول إلى إتباع ما يناسبها فيها في إطار النظام الدولي في مرحلة معينة بما يتضمنه من شروط وعلاقات متغيرة، ولا توجد قاعدة ثابتة ومحددة تحكم توازن القوى (21) وقد ظهرت في الأعوام القليلة الماضية شعارات دولية حول الاعتماد المتبادل ورفض استخدام القوة وتوازن المصالح، وتطور النظام من توازن المصالح إلى اختلال توازن القوى، إذا حدث تحول غير ملحوظ من مثالية توازن المصالح على إلى التسليم بتفوق الغرب وشبه الإنفراد الأمريكي بمكانة القوى العظمى.
ومن ناحية أخرى يوجد اتجاه يؤكد بشكل مستمر على أنماط التفاعل التكاملية والتنمية الاقتصادية والتجارة الدولية والتقدم التكنولوجي تمثل احد الأركان الرئيسية لما يسمى بالنظام العالمي، طبقاً لذلك فإن العالم يبدو وكأنه يمثل مجتمع من الدول تتفاعل فيما بينها على مستوى عال من ديناميكية الذاتية في مجالات التبادل الدبلوماسي والاقتصادي والاجتماعي، وخلال هذه التفاعلات فإن الدول ترتبط فيما بينها بعملية مستمرة للموازنة الحساسة لتصرفات كل منها (22).
ْ
________*التــَّـوْقـْـيـعُ*_________ لا أحد يظن أن العظماء تعساء إلا العظماء أنفسهم. إدوارد ينج: شاعر إنجليزي
| |
|