أنماط التدريس
منتدى المقهى
أنماط التدريس
إن أنماط التدريس تعني تفضيل المعلم لأساليب تدريس بعينها ، أو سيادة بعض الصفات الشخصية دون غيرها ،أو عدد من التصرفات السلوكية دون سواها باستمرار طوال مواقف التعلم دون الاهتمام بتعديلها أو مراعاة المرونة وفقا لما تمليه متطلبات مواقف التعلم أثناء التدريس .
وترجع أسباب ذلك إلي أن المعلم أحيانا ما يجد سهولة في استخدام أساليب تدريسه عن غيرهم ومن ثم فهو يفضلها ويميل لاستخدامها عن غيرها من الأساليب الأخرى ، كما انه قد يجد صعوبة في تعديل بعض من صفاته الشخصية ويطلب من التلاميذ أن يتكيفوا معه ولا يبذل أي جهد في سبيل أن يكيف هو نفسه مع تلاميذه ، أو قد يجد أن صفاته الشخصية جيدة وليست في حاجة إلي تعديل ويشعر بالسعادة أن التلاميذ يرون فيه هذه الصفات ، أو يرى أن السلوكيات التي تسود تصرفاته مع التلاميذ أثناء التدريس هي أفضل ما يكون من اجل تحقيق السيطرة لذلك فهو دائم التمسك بها ، أو العكس لديه مشكلات شخصية خاصة به يصعب بها تعديل هذه السلوكيات الغالبة على تصرفاته .
إن أنماط التدريس تتنوع في الواقع التعليمي وفي ضوء هذا التنوع فان هناك أكثر من تصنيف لهذه الأنماط السائدة بين المعلمين نعرض منها ما يلي :
أولا : أنماط التدريس وفقا للتفاعل السائد في حجرة الدراسة بين المعلم والتلاميذ :
1- النمط اللفظي :
وفق هذا النمط نجد أن المعلم دائم استخدام اللفظ في التدريس ، فنجده يلجا إلى استخدام أساليب التدريس اللفظية مثل (الشرح- المحاضرة- إلقاء التعليمات- إلقاء الأسئلة الإسترسالية التي يجيب عليها بنفسه) ، فهو يوضح ويشرح ويتحدث ويلقي التعليمات والتوجيهات أكثر مما يستمع التلاميذ، يعتمد على نفسه في إحداث عملية التعلم ، لا يعطي للتلاميذ فرصا كثيرة للتساؤل أو لإبداء وجهات نظرهم أو التعبير عما تم تعلمه في الدرس .
ويتباين المعلمين فيما بينهم في درجة انتمائهم لهذا النمط من التدريس :
فمنهم من يبدي تفاعل جيد مع تلاميذه أثناء التدريس على الرغم من انتماءه لهذا النمط ومنهم من يبدي تفاعل ضعيف مع تلاميذه ، ويتحدد المعلم الذي ينتمي لهذا النمط من خلال إجراء عمليات ملاحظة أو تسجيلات صوتية أو فيديو ، ثم إجراء عمليات تحليل وحساب الزمن المستخدم في حديث المعلم والزمن المستغرق في حديث التلاميذ وفترات الصمت مقارنة بنسبة الزمن الكلي للحصة ، ويمكن للمعلم المبتدئ أو الطالب المعلم إجراء عمليات الملاحظة والتحليل تحت إشراف أساتذته للتعرف على أنماط التدريس السائدة في تخصصه ، أو على سيادة التدريس اللفظي عن غيره من أنماط التدريس الأخرى .
وجدير بالذكر الإشارة إلى النمط اللفظي لا يعني بالضرورة ضعف فعالية التدريس ، فأحيانا ما نجد المعلم على الرغم من أن نمط تدريسه لفظيا إلا انه يستطيع الاستحواذ على انتباه طوال مواقف التعليم ، ودون أن يدفعهم إلي الملل أو الإحساس بالرتابة ، وذلك نتيجة لما يستخدمه من أمثلة وتشبيهات مشوقة أو لعرضه القصصي لموضوع الدرس ، أو لأنه دائما ما يربط ما يتم تعلمه بواقع التلاميذ واهتمامهم ، أو يثير روح المرح عندما يتحدث مع تلاميذه عن موضوع التعلم ، وعلى الرغم من هذا يمكن القول أن غلبة النمط اللفظي كنمط تدريسي في الواقع التعليمي أمر غير مستحب ، فالتلاميذ ينتقل من حصة إلي حصة ومن مادة دراسية إلى أخرى وكأنه يركب قطار للرحلات لم يجد تنوع كافي في تدريس المواد الدراسية المختلفة على مدار اليوم الدراسي فانه يشعر بالملل ، ذلك الشعور الذي يصاحب بعدم الاستفادة الكافية مما يقدم في الدرس .
2- النمط الحيوي (الدينامك) :
المعلم في هذا النمط يظهر حيوية عالية أثناء تدريسه فهو قادر على التحرك بنشاط في إرجاء حجرة الدراسة ، ماهر في استخدام اللغة اللفظية (حركات الجسم- تعبيرات الوجه- الإشارات- نظرات العين) ، وهو يتفاعل مع مواقف التعلم بكل إحساسه وبكل حواسه ، وأحيانا يبتكر لغة لا لفظية خاصة به ليتفاعل بها مع تلاميذه ويعرف كيف يتفاعل بها معهم ويوفر بهذا كثير من الوقت والجهد المبذول في التفاعل اللفظي مع التلاميذ ، وتمثل اللغة اللالفظية مكانة لها وزنها في تدريس المعلم الذي ينتمي لهذا النمط ، وأيضا اللغة اللفظية التي يستخدمها بمهارة حيث يجيد استخدام نبرات الصوت وطبقاته بطريقة تعني معنى لما يتحدث عنه ، كما انه يجيد استخدام فترات الصمت بفعالية أثناء التدريس ، ويمكن التعرف على انتماء معلمي التخصص لهذا النمط من خلال الملاحظة وتتبع درجات الحيوية المتوفرة لدى المعلم ومهارته في استخدامها وذلك من خلال استمارة تقييم مقننة تعد لهذا الغرض.
3- النمط المفكر :
يعكس هذا النمط معلم يوجه اهتماما نحو إثارة تفكير التلاميذ وتنمية قدراتهم الذهنية ،فهو كثير ما يلجا إلى استخدام أساليب تدريس تدفع إلي التفكير مثل : (حل المشكلات- اتخاذ القرار- الاستقراء- الاستقصاء- المناقشات- إثارة الأسئلة المتعمقة والمرتفعة المستوى- يشجع على التفكير الناقد والمبدع).
فهو يدفع التلاميذ إلى زيادة بذل الطاقة العقلية وتدريب القدرات العليا للعقل على العمل ، ويمكن التعرف على ممارسة المعلم لهذا النمط من التدريس من خلال : إجراء الملاحظات المقننة للمعلم ، ومتابعة المهام التعليمية التي يمارسها التلاميذ أثناء الدرس ، وتحليل أسئلة المعلم ، والأنشطة التعليمية التي يطلب من التلاميذ أدائها (التمارين- الامتحانات- الواجبات المدرسية ......) ، والمعلم هنا لا يعتمد على اللغة اللفظية ، وإنما يعتمد على الأنشطة الباعثة للتفكير ، وهو مستمع وملاحظ ومحكم لأداء التلاميذ أكثر منه متحدث ، كما انه يحرص على توجيه تفكير التلاميذ في الوجهة السليمة ، ويتبع الأسلوب العلمي معهم ويمارس القيم العلمية من موضوعية وصدق وغيرها .
4- النمط التكنولوجي :
يعكس هذا النمط معلم يوجه اهتمام بالغ نحو التكنولوجيا واستخدامها في حجرة الدراسة ، فهو يستعين في تدريسه بوسائل تعليمية متعددة وعلى درجة عالية من التكنولوجيا مثل الوثائق متعددة الأغراض (الكمبيوتر- الفيديو- الكاسيت- الأفلام التعليمية- الشرائح الملونة...) ، والمعلم وفق هذا النمط يعتقد بقوة في تأثير التكنولوجيا في تحسين عملية التعلم داخل الفصل ، وفي الاستحواذ على انتباه التلاميذ واهتماماتهم ، خاصة في عصر أصبحت فيه التكنولوجيا متوفرة ومتاحة حول التلاميذ وفي كل مكان خارج المدرسة ، مما يجعل الاهتمام به داخل المدرسة أمر مطلوب ، ويمكن التعرف على المعلم المنتمي لهذا النمط من خلال التعرف على نوع وكم الوسائل التعليمية المعينة التي يستخدمها المعلم أثناء تدريسه ، ومتابعة كيفية استخدام المعلم لها أثناء التدريس .
ثانيا :أنماط التدريس وفقا لنوع المناخ التدريسي السائد في حجرات الدراسة :
1- النمط الديموقراطي :
المعلم وفقا لهذا النمط يتيح للتلاميذ فرص للتعبير عن الرأي وعرض وجهات النظر المختلفة ، وهو يعتقد بأهمية توفير فرص لممارسة الحرية أثناء التعلم ، ويقدم خبرات التعلم التي تتواءم مع اهتمامات التلاميذ وميولهم ، وهو مدرك لوجود الفروق الفردية بين تلاميذه وان لكل منهم جوانب متميزة وأخرى بحاجة إلي تنمية ، لذلك فهو يراعي الاختلافات بين التلاميذ ، ويتسم بالمعرفة ، ويسمح بتعديل خطط تدريسه في ضوء احتياجات التلاميذ المعرفية ، وما يكشف عنه واقع عمليات التعلم أثناء التدريس ، ويميل لاستخدام استراتيجيات تدريسية مثل (المناقشات بأنواعها- الندوات- المناظرات) ، ويستمع جيدا لتلاميذه ويقدم لهم قدوة جيدة في كيف تمارس الديموقراطية .
2- النمط الديكتاتوري :
والمعلم وفق هذا النمط يسلك مسلكا مخالف تماما للنمط السابق فهو متسلط يعتقد في صحة ما يقوله لا يقبل وجهات نظر الآخرين ، ولا يعطي للتلاميذ فرص للتعبير أو عرض الآراء ، فهو لا يبالي باهتمامات وميول التلاميذ ويلتزم بإتباع خططه التدريسية على النحو الذي صاغه مسبقا ، ولا يسمح بتعديل خططه وفق لمتطلبات المواقف التعليمية الواقعية ، لا يسمح بالأخطاء ولا يتساهل معها سريع في استخدام أساليب العقاب دون أن يعطي اهتمام نحو فهم أسباب الأخطاء وكيفية معالجتها وتجنبها .
3- النمط الفوضوي :
وهو نمط لمعلم يسمح بان تسود الفوضى مواقف التعلم ، فهو يفتقد القدرة في السيطرة على التلاميذ وضبط إدارة الفصل على نحو يسمح بحدوث التعلم ، يفتقد القدرة على إصدار تعليمات وتوجيهات تلزم التلاميذ بالاستجابة ، لذا فان خططه التعليمية لا يستطيع تنفيذها على النحو الذي خطط له مسبقا ، وغالبا ما يكون المعلم فاقد الثقة بالنفس ، أو لديه اتجاهات سلبية تجاه عمله المهني .
4- النمط الحازم المنضبط :
وهو نمط لمعلم ملتزم في تدريسه لديه قدرة على ضبط الفصل وإدارة مواقف التعلم على النحو الذي خطط له مسبقا ، ولديه القدرة على توجيه تعليمات ملزمة للتلاميذ ، ويقدم المهم التعليمية للتلاميذ في صورة إجرائية يسهل لهم متابعتها وأدائها ، يسيطر على مواقف الفوضى ، ولا يقبل بها حين تعتري مواقف التعلم ، يدرك تلاميذه الفرق بين الحرية والمسئولية ، يمتثل التلاميذ لهذا المعلم بسهولة ، والمعلم وفق هذا النمط يقدم لتلاميذه مثال وقدوة جيدة ، ويسعى تلاميذه للحصول على اهتمامه وإبداء السلوك الجيد لاكتساب تقديره .
5- النمط العشوائي :
المعلم في هذا النمط يقدم تدريس دون أن يستند في ذلك إلى تخطيط أو إعداد مسبق ، فهو لا يعطي اهتمام لإعداد الدروس وتجهيز بيئة التعلم بما يلزمها من متطلبات مثل أوراق النشاط والوسائل التعليمية وغيرها ، ويقترح على تلاميذه أداء مهام تبدو له فجأة أثناء التدريس وأثناء تتابع مواقف التعلم ، ويحقق أهداف غير تلك التي عليه تحقيقها ، ويوجه تدريسه تبعا لمعطيات مواقف التعلم الحادثة أثناء التدريس .
ثالثا : أنماط التدريس وفقا للعلاقة المتبادلة بين أساليب التدريس وأساليب التعلم :
1- النمط المتمركز حول المتعلم :
المعلم وفقا لهذا النمط يقدم تدريسا يتناسب مع اهتمامات وميول التلاميذ ، وهو يسعى دائما لدمج التلاميذ مع عمليات التعلم أثناء التدريس ، ويثري محتوى مادة التعلم بخبرات ترتبط بمشكلات التلاميذ واهتماماتهم ، ويعدل تدريسه وفق ما تكشف عنه استجابات التلاميذ أثناء التعلم .
2- النمط المتمركز حول المادة الدراسية :
المعلم وفق هذا النمط يوجه كل اهتمامه حول المادة العلمية من اجل استكمال المقرر والاطمئنان على الانتهاء منه بصرف النظر عن اهتمامات التلاميذ وميولهم وعن ما ينبغي تحقيقه من أهداف وجدانية .
3- النمط المتمركز حول التعلم :
يوجه المعلم وفق هذا النمط اهتمامه نحو المفاهيم وكيف يمكن تنميتها لدى التلاميذ ، ونحو أهداف التدريس وكيف يمكن تحقيقها ، فهو يساعد التلاميذ على النمو من خلال تحقيق أهداف تدريسه .
4- النمط التعاوني المشترك :
يدرك المعلم وفق هذا النمط أهمية التعاون المتبادل بين التلاميذ وبعضهم البعض ، وبينه وبينهم ، ويدرك أيضا أن طبيعة المتعلم ككائن اجتماعي عليه أن يكتسب المهارات الاجتماعية من خلال تعلم محتوى المواد الدراسية المختلفة ، فهو يخطط خبرات التعلم بما يشجع على ممارسة تفاعلات تعاونية متبادلة أثناء التدريس بين التلاميذ وبعضهم البعض ، وبينه وبين التلاميذ ، لذا نجد مجموعات العمل ، ومراكز التعلم ، والتعلم بالأقران ، والتعلم التعاوني من الاستراتيجيات التي دائما ما يلجا إليها كما انه معلم متعاون مع زملاءه يستعين بالخبراء منهم في التدريس (التدريس بالفريق) .
5- النمط العلمي (الإجرائي) :
المعلم في هذا النمط يقدر التفكير العلمي ويتبع خطواته عند تخطيطه وإعداده وتنفيذه ، حيث يضع خطط تدريسه في صورة سلسله من الإجراءات والادعاءات المتتابعة منطقيا ، ويحرص على تنفيذ تلك الخطط مع التقييم المستمر أثناء التدريس ، كما يقيم إدارته للتدريس بعد الانتهاء من الحصة (تقييما ذاتيا) ، ويسجل ملاحظاته ، وهو في ذلك يتبع نظام صريح – للتقييم والتقويم .
6- النمط الوجداني :
المعلم في هذا النمط يظهر اندماج عاطفي قوي في التدريس ، فهو متحمس دائما ، يستخدم الأمثلة والتشبيهات التي تؤثر على المشاعر ، يستعين بالقصص والوقائع الحقيقية المرتبطة بموضوع الدرس ، يعد الدرس في صورة سيناريوهات يربط فيها بين الواقع ومواقف التعلم ، وهو يعتقد أن العواطف والمشاعر الإيجابية تجعل التلاميذ يقبلون بحب وشغف على التعلم .
العوامل التي تؤثر على أنماط التدريس :
1- ثقافة المجتمع ومستواه الحضاري تؤثر على أنماط التدريس .
2- مستوى إعداد المعلم وأساليب متابعته وتدريبه أثناء الخدمة تؤثر في أساليب إدارة التدريس .
3- تؤثر صفات المعلم الشخصية على نمط التدريس إلي حد كبير .
4- تؤثر اتجاهات المعلم نحو المهنة ، وما يعتقده من قيم ومبادئ على نمط التدريس .
5- سيادة نمط من أنماط التدريس بين معلمي التخصص الواحد عامل من العوامل التي تعزز وتدعم هذا النمط .
6- طبيعة المادة التعليمية (المحتوى المعرفي للدرس) يؤثر على نمط التدريس فالدروس ذات الطبيعة النظرية مثل (اللغات- المواد الاجتماعية- الرياضيات) تختلف عن الدروس ذات الطبيعة العملية مثل (التربية الرياضية- الفنون) عن تلك التي تجمع بين النظرية والعملية مثل (العلوم- الاقتصاد المنزلي- التربية الزراعية) .
الاعتبارات التي ينبغي أن تراعى من قبل المعلم المبتدئ في أنماط التدريس:
1- لا يوجد نمط تدريس بعينه هو الأفضل و إنما يجب التوازن بين الأنماط الجيدة التي تتلاءم مع مادة التعلم وخصائص التلميذ والإمكانات المتاحة .
2- أنماط التدريس ليست منفصلة أو محددة بدقة ، فهي تتداخل فيما بينها .
3- أنماط التدريس أيا كانت تصنيفاتها فهي محاولة للتعبير عن غلبة أو سيادة لأساليب تدريسية ، أو لخصائص سلوكية أو لصفات شخصية بعينها على أداء المعلم .
ْ
________*التــَّـوْقـْـيـعُ*_________
لا أحد يظن أن العظماء تعساء إلا العظماء أنفسهم. إدوارد ينج: شاعر إنجليزي