الدكتور نعيم شحرور
النوم الطبيعي عند الإنسان هو حالة متوسطة بين الصحو الكامل والموت، وحاجة ماسّة من حاجات جسمه ودماغه لايمكنه الاستغناء عنها بأي شكل. وهو حالة ديناميكية (حركية) على عكس ما يبدو ونشاط متميز ومعقد يقوم به الدماغ. تختلف حاجة الإنسان للنوم مع اختلاف العمر حيث تتناقص عموماً مع تقدم العمر، كما تختلف مراحله، فالنوم بشكل عام مرحلتان متميزتان تسميان: مرحلة حركات العيون السريعةREM، ومرحلة حركات العيون اللا سريعة Non-REM والتى تقسم بدورها لأربعة مراحل (من1إلى4) حسب عمقها. وقد وضع هذا التقسيم اعتماداً على تخطيط الدماغ الكهربي أثناء النوم والصحو
ماهي خطورة اضطرابات النوم؟
إن اضطراب النوم يؤثر سلباً على الصحة، كما أن للاضطرابات الجسمية العضوية والنفسية من جهة أخرى تأثيراً على النوم، مما يؤثر في النهاية على نوعية الحياة. وهذا ما يدرسه طب النوم.
إن اضطراب النوم يؤدي إلى أعراض فيزيولوجية مختلفة، بعضها يؤدي إلى نقص النوم الفعال (الحرمان من النوم) ويحدث إما لعدم قدرة المريض على النوم لساعات كافية أو أن نوعية النوم تكون سيئة بسبب تقطع النوم أو نقص الأكسجين أو زيادة الجهد التنفسي أثناء النوم (كما يحدث أثناء الشخير) أو زيادة أمراض القلب والرئتين. وقد يؤدي الحرمان من النوم إلى زيادة الأمراض العضوية كأمراض القلب والأمراض النفسية كالاكتئاب. إن اضطراب النوم يؤدي إلى اضطراب في نوعية الحياة، بسبب نقص الذاكرة والانتباه المرافق وعدم القدرة على التركيز ونقص فعالية المنعكسات مما قد يعرض المريض إلى الحوادث.
ونقص النوم يزيد من البدانة وذلك بسبب زيادة هرمون لبتين (Leptin) ونقص هرمونات الشبع (Gherlin).
ما هي أشيع اضطرابات النوم المشاهدة؟
إن اضطرابات النوم شائعة بشكل عام، ومما يشاهد منها بكثرة الشخير وزيادة النوم ونقص النوم، وتوقف النفس الانسدادي OSA والمركزيCSA والنوب النومية narcolepsy وحركة الأطراف الدورية أثناء النوم PLMs، والمشي والأكل والشرب أثناء النوم، ونوب الفزع والكوابيس night terror، واضطرابات نظم القلب والضغط الشرياني، ونقص التروية وقصور القلب، والصرع، واضطرابات هضمية مختلفة.
كيف تتم دراسة هذه الاضطرابات؟
لدراسة هذه الاضطرابات والوقوف على أسبابها ومراقبة الاستجابة لمعالجتها، نُخضع المريض لمراقبة لصيقة أثناء النوم تتضمن تخطيطاً للدماغ والعضلات وجريان الهواء من الأنف والفم وتسجيل الشخير وحركة الصدر والبطن والأطراف وتركيز الأوكسجين أثناء ذلك، بالإضافة لمراقبة عيانية بآلة تصوير مبرمجة. يسمى هذا، تخطيط النوم المتعدد Polysomnography.
يجرى التخطيط عادة ليلاً بعد أن يعطى المريض تعليمات تحضيرية معينة، وبحضور اختصاصي بذلك وضمن مكانٍ مجهز تجهيزاً خاصاً. يستخدم في الدراسة جهاز كومبيوتر متطور ذو إمكانياتٍ متفوقة في التسجيل والتحليل. يتم بعد ذلك دراسة التخطيط بشكلٍ مفصّل لإعطاء النتائج النهائية.
هل تتوفر هذه الإجراءات في سوريا؟
نعم -والحمد لله- أصبحت هذه التقنية برمتها متوفرة في سوريا، وأصبح العدد المدروس من المرضى جيداً, ونحاول التوسع أكثر كي يستفيد أكبر عدد ممكن من المرضى.
ما هي أشيع اضطرابات التنفس
المشاهدة ليلاً؟
اضطرابات التنفس أثناء النوم هامة وشائعة وأبسطها الشخير: Snoring وهو شائع جداً، إذ يصل عدد المصابين به إلى 20-40% من الذكور وأقل من ذلك بقليل عند النساء. ويزداد أيضاً عند البدينين والمدخنين. وعلى الرغم من أن الشخير قد يكون علامة لأمراض بسيطة، كاحتقان الأنف والبلعوم, إلا أنه في كثير من الأحيان يكون الإشارة الأولى لأمراض خطيرة لايزال الانتباه إليها وللأسف ضعيفًا، مثل توقف النفس الانسدادي أثناء النومOSA ومتلازمة مقاومة الطرق الهوائية العليا.UARS كما يعتقد أن الشخير يؤهب لارتفاع الضغط الشرياني وتصلب الشرايين.
أما سبب الشخير فهو اهتزاز الأعضاء الرخوة في الطرق التنفسية العلوية كسقف الحنك الرخو واللهاة وجدر البلعوم، ويزداد بأي انسداد في الأنف (انحراف وتيرة، ضخامة قرينات، بوليبات) أو في البلعوم (بدانة، ضخامة لوزات، مشاكل الفك السفلي..)
هل يمكن أن يتوقف النفس أثناء النوم؟ وكيف؟ نعم، توقف النفس أثناء النوم نوعان: انسدادي ومركزي : أما توقف النفس الانسدادي OSA فموقع الانسداد فيه هنا هو في البلعوم، حيث ترتخي وتنطبق عضلات البلعوم على بعضها وتسد مجرى الهواء ويزداد الأمر سوءاً بوجود تشوهات تشريحية في أعضاء البلعوم. يلعب دوراً في ذلك أيضاً مراحل النوم المختلفة ووضعية المريض وعوامل أخرى.
وأما توقف النفس المركزي العصبي CSA: فسبب توقف النفس فيه ليس انسداد مجرى الهواء بل اضطراب السيطرة العصبية المركزية في الدماغ على التنفس. المهم هنا هو تمييز هذا النمط عن الانسدادي لاختلاف معالجته. المعالجة: هناك أساليب عدة لمعالجة توقف النفس الانسدادي والشخير منها الدوائي ومنها الجراحي ومنها ما يستخدم أجهزة تنفسية مساعدة. بالإضافة لتعليمات صحية عامة تساعد على حل المشكلة كتخفيف الوزن عند البدينين، الإقلاع عن التدخين وشرب الكحول، تنظيم أوقات النوم والتخفيف من شرب المنبهات(القهوة-الشاي- الشوكولا-الكولا) قبل أوقات النوم، تعديل وضعيات النوم والسرير والوسائد.
من بعض المعالجات الدوائية المساعدة، مضادات الاحتقان الأنفي والأدوية التي تزيد مقوية عضلات البلعوم.
المعالجات الجراحية تستخدم لتصحيح التشوهات التشريحية في الأنف والبلعوم واللسان والفك من أجل تحسين جريان الهواء عبرها والتخلص من الشخير. وهناك الأجهزة التنفسية المساعدة والتي تطبق أثناء النوم على الأنف خاصة، تسمى CPAP. حيث تقوم بإعطاء ضغط مستمر من الهواء لداخل الأنف فتحافظ على انفتاح مجرى الهواء وتمنع الشخير وتوقف النفس، وبالتالي تمنع نقص أكسجين الدم أثناء النوم وتمنح المريض نوماً مريحاً طبيعياً. واستخدامها سهل وشائع جداً.
ْ
________*التــَّـوْقـْـيـعُ*_________
لا أحد يظن أن العظماء تعساء إلا العظماء أنفسهم. إدوارد ينج: شاعر إنجليزي