العلم من المنظور الحديث
العلم من هذا المنظور مفهوم عام يشمل النظريات والتطبيقات العملية للمعارف المنَّظمَة التي تم جمعها وتصنيفها، أو اكتشافها وتطويرها، ودراسة العلاقات بينها، ضمن مناهج وطرائق محددة. ويدرسُ العلماء أنواعاً مُختلفة من الموضوعات.
فعلى سبيل المثال، يبحث بعض العلماء عن دلائل على أصل الكون، ويفحص آخرون تركيب الجزيئات في خلايا الحيوانات والنباتات الحيّة.
وآخرون يتحروّن عن مُسببات سلوكنا، أو يحاولون حل المشاكل الرياضية المعقّدة.
ولكن مهما تعدّدت المجالات التي يعملون فيها، فإنّ العلماء كلهم إنما يستكشفون الطرق التي يعمل بها العالم.
يستعمل العلماء أساليب علمية لتسجيل المشاهدات وتجميع الحقائق.
ثم يعملون بعد ذلك على تطوير نظريات تساعدهم في ترتيب الحقائق المترابطة أو توحيدها.
وتتكون النظريات العلمية من مبادئ أو قوانين عامة تحاول تفسير الكيفية التي حدث أو يحدث بها شيءٌ ما وسبب حدوث ذلك.
ويتقدّم العلمُ عندما يتراكم لدى العلماء الكثير من الحقائق المفصلة، ويتوافر لهم فهمٌ أفضل لهذه القوانين والمبادئ الأساسية.
ولايمكن لنظرية يقترحها عالم أن تُقبل جزءًا من المعرفة العلمية ما لم يتم التحقُّق من صحتها من خلال دراسات الباحثين الآخرين وتجاربهم.
وفي الحقيقة، فإن أية معرفة كي تكون علمية، ينبغي أن تُفحص بالتجربة مراراً ليبرهن على صحتها.
هذه الصفة المميزة للعلم تضعه بمعزلٍ عن فروع المعرفة الأخرى.
فالعلوم الإنسانية التي تشمل اللغات والفلسفة والفنون مثلاً، تتعامل مع الأفكار المتعلقة بالطبيعة الإنسانية ومعنى الحياة.
هذه الأفكار لا يمكن البرهنة على صحتها علميًا.
فليس ثمة فحصٌ يخبرنا إن كان نظام فلسفي معين صحيحًا.
وليس بمقدور امرئ أن يحدّد بطريقةٍ علمية المشاعر التي حاول فنان ما التعبير عنها في لوحته، مثلما لا يستطيع أحدٌ أن يقوم بتجربة للبحث عن خطأ في قصيدةٍ شعرية أو سيمفونية.
ويختلف العلمُ أيضاً عن أنواع المعرفة الأخرى في حقيقة أنّ التقدُّم العلمي يعتمد على أفكار جديدة تطور الأفكار القديمة أو تحل محلّها.
والأعمال الفنية العظيمة التي يتمّ إنتاجها الآن، لا تحلّ محلّ روائع الماضي الفنية، ولكن نظريات العلماء المعاصرين أعادت النظر في العديد من الأفكار التي آمن بها العلماء الأوائل.
وقادت المشاهدات والتجارب المتكرّرة العلماء إلى تحديث النظريات الموجودة واقتراح نظريات جديدة.
وباستمرار الاكتشافات الجديدة، فإنّ المزيد من النظريات العلمية الحديثة سوف يؤول إلى القدم، ويجب أن يتمّ استبدال نظريات أفضل بها تستطيع أن تُفسر المزيد من الحقائق.
وبهذه الطريقة، فإن المعرفة العلمية في نموٍ وتطور مستمرين.
مع تحياتي