الخريطة الذهنية في تعليم اللغة!
د.عبدالمحسن السيد أحمد الطبطبائي
إذا شعرت بأن مقدرتك على الحفظ قوية وسريعة، وأن أفكارك مرتبة بحيث تستطيع بسهولة ان تستذكر أي معلومة تريد استخدامها وبسرعة مذهلة، فان الخبر الذي ينتظرك- وقد لا تعلمه- هو أنك تمتلك خريطة ذهنية عجيبة تستطيع من خلالها التنقل عبر معلوماتك المخزنة في الدماغ بكل راحة ويسر!!
الخريطة الذهنية طريقة حديثة ابتكرها أستاذ العقل والذاكرة (توني بوزان) قبل أكثر من خمسين سنة، وذلك عندما كان يدرس في المرحلة الثانوية، وكان معلموه يستغربون من مطابقة اجاباته مع ما جاء في الكتاب تماماً ومن ضمنها التفصيلات الدقيقة للاجابة، وربما الفواصل وبقية علامات الترقيم! عندما سألوه عن هذه العبقرية وضّح لهم الطريقة التي ذاكر بها دروسه، وسماها فيما بعد الخريطة الذهنية أو (خريطة العقل)!!
ألّف توني بوزان كتابه الخطير(كيف ترسم خريطة العقل)، وأشار في الكتاب الى طريقة عمل الخرائط الذهنية، بحيث يقوم الطالب أو المتعلم برسم كل المعلومات المطلوب تذكرها في ورقة واحدة بشكل منظم، ويحاول فيها ما أمكن ان يستبدل بالكلمات والجمل الطويلة خطوطاً عريضة أو رسومات معبرة تختصر الموضوع وتسهل التذكر.
وبهذه الطريقة يستطيع الدارس تنظيم المعلومات في الدماغ بطريقة سهلة ومريحة للدماغ تسهل حفظ المعلومة واسترجاعها حتى لو طالت المدة، لأنها- بعد المراجعة أكثر من مرتين- ستكون قد خُزّنت في الذاكرة طويلة الأمد!
والآن ما المشكلة عندنا في تعليم اللغات؟ لا أقول في تعليم اللغة العربية فحسب، بل حتى في تعليم اللغات الأجنبية! وأظن ان الأمر واضح للعيان، فهل يستطيع كثير من الجامعيين ان يفسروا عدم تمكنهم من المحادثة باللغة العربية أو الانجليزية على الرغم من تعلمهما في قاعات الدروس النظامية طيلة ست عشرة سنة؟!
الواقع يقول أننا في تعليم قواعد اللغة العربية نحشو عقول الطلاب بمصطلحات ومعلومات كثيرة ومبعثرة دون ربطها ربطاً ذهنياً واضحاً، ثم نتفاجأ فيما بعد بأن الحصيلة التعليمية لدى الطلاب لم تحقق الهدف المنشود، فنضطر الى اعادة تلك الدروس في مراحل تعليمية متقدمة!!
اننا نرى بأعيننا اليوم عزوف أبناء الأمة العربية عن تلقي لغتهم الأم، بل وصولهم الى مرحلة الازدراء والانتقاص من تلك اللغة التي أزعجتهم في فترات متباينة من الدراسة، وعلى الرغم من كون اللغة العربية أشرف اللغات وأغناها وأروعها على الاطلاق، الا ان الواقع يشير الى عدم رضا أهل العربية عنها، بل وخوفهم من الاقتراب منها!
أقول ان استمرارنا في عرض الدروس اللغوية والنحوية والأدبية والكتابية...الخ، دون رابط واضح، وبشكل جامد، وبمنهج غير مرتب، وبدون استخدام خرائط ذهنية مناسبة، وبأفكار حديثة، واستخدام عناصر التشويق كالألعاب اللغوية مثلاً، كل هذا سيجعل العجلة تدور في مكانها دون تقدم ملموس أو حتى محسوس!!
ْ
________*التــَّـوْقـْـيـعُ*_________
لا أحد يظن أن العظماء تعساء إلا العظماء أنفسهم. إدوارد ينج: شاعر إنجليزي