تعتبر المدرسة مجالا اجتماعيا تربويا تجتمع فيه عقليات بخصوصيات مختلفة .عقليات اختلفت خلفياتها الاجتماعية والتربوية إلا أنها اجتمعت تحت لواء المنظومة التعليمية مع اختلاف الأدوار بين المدرس والمتمدرس.معلمون أنيطت بهم مهمة تربية وتعليم النشء.وتلاميذ رغبوا في التأسيس لنجاح في حياتهم عبر مسلك الدراسة وطلب العلم.
إن تواجد المعلمين والمتعلمين في الوسط المدرسي وداخل المنظومة نفسها يجعل التواصل بينهم ضرورة حتمية.تواصل بين التلاميذ بعضهم ببعض وتواصل بينهم وبين معلميهم.فالتواصل هو القناة التي عبرها تمر العملية التعليمية وبدونها فلا وجود لتعليم أو تربية . وهكذا فيجب أن يشكل هذا التواصل الإيجابي الأساس المتين لأي علاقة بين المعلم والمتعلم . هذا التواصل لا يحمل صفة الايجابية دون أن يحترم فيه كل طرف اختصاصات الطرف الأخر ورغباته وميولاته الشخصية . فالتلميذ بجدر به أن يحترم شخصية المعلم مادام هذا المعلم يبادله الاحترام ويسعى جاهدا لتطوير ذاته من اجل مصلحة المهمة ونجاعتها . وحتى وان كان احد الطرفين لا يبادل الأخر الاحترام فلا يجب أن يشكل ذلك محركا لرد فعل سلبي . حتى لا ندخل في حلقة مفرغة من الأفعال وردود الأفعال.
العلاقة السليمة بين المعلم والمتعلم لا تشكل بالضرورة قاعدة في مدارسنا بل في مدارس العالم بأسره حيت تكتر العلاقات المتوترة بين الطرفين وهنا يمكننا أن نتحدث عن سلبيات كل طرف والتي تحدث الهوة بينهما وتؤجج الخلاف.
المدرسون هم الأجدر بان يكونوا مثالا وقدوة للتلاميذ وبالتالي يجب أن يبادروا إلى إعطاء العبرة لتلاميذهم في حسن التربية والأخلاق الرفيعة . فيتجنبوا تصرفات من شأنها أن تُحدث رد فعل سلبي كالسب والشتم والتلفظ بألفاظ بذيئة . كما يجب أن تشكل مصلحة التلميذ همهم الأول فيسعون بمجوداتهم إلى تبليغ المعارف والمهارات والسلوك المرجو .
من جهة أخرى تلاميذنا ليسوا دائما على خلق وتربية جيدة وقد يقومون بتصرفات توقظ غضب المعلم المهيأ أصلا للغضب بحكم أوضاعه التي لا تكون دائما على ما يرام . فيلجئون إلى سلوكات هدفها إغاظة المعلم والإساءة إليه . فمنهم من يسب معلمه سواء بطريقة مباشرة او غير مباشرة.ومنهم من يُحدث البلبلة داخل الفصل حتى لا يكون المعلم في وضعية مريحة للعمل.
وهكذا فتصرف سلبي من احد الطرفين يثير الطرف الأخر للتحول المدرسة من مجال تربوي إلى مجال للفعل ورد الفعل وتحيد العملية التعليمية عن مسارها لتنتج العنف عوض الأخلاق الحسنة والحقد عوض الحب . وهذا يبدوا سببا منطقيا لما نلحظه في مدارسنا من عراك وعنف متبادل بين رجال التعليم والتلاميذ وبين التلاميذ أنفسهم وحتى بين المعلمين أنفسهم.
لا تبدوا للخلاف حلول دون التزام كل طرف بدوره في المنظومة التعليمية .فالمعلم يجب أن ينسى همومه الشخصية حينما يلج باب المدرسة ويركز على عمله ودوره المعرفي والأخلاقي داخل المدرسة فمن لا يحترم نفسه لا يحترمه احد . وبالمقابل يجب ان تكون الإدارة المدرسة على قدر المسؤولية لضبط سلوك التلاميذ داخل أسوار المدرسة دون الإساءة إليهم بل بالكلمة الطيبة والنصح وكذا بتوفير المجالات التربوية لكي يعبر التلميذ عن ذاته ويُفرغ طاقاته عوض أن يلجأ الى مضايقة المعلم كوسيلة لاتباث الذات . م جهة أخرى يجب تفعيل القانون الداخلي للمؤسسة الذي يعتبر ميثاقا يعرض غير الملتزمين به للعقوبة سواءا كانوا معلمين أو تلاميذ.
لا يغير الله ما في قوما حتى يغيروا ما في أنفسهم.إذا حرص كل شخص على أداء واجبه على أحسن حال فالأكيد أن حالنا سينصلح في كثير من الأمور وليس فقط في تعليمنا.فنحن نحتاج إلى مصالحة دواتنا أولا قبل مصالحة الآخرين.
منقول
ْ
________*التــَّـوْقـْـيـعُ*_________
لا أحد يظن أن العظماء تعساء إلا العظماء أنفسهم. إدوارد ينج: شاعر إنجليزي