ميشيل دابليو يانج
تقوم الساعات البيولوجية بحساب الفترات الفاصلة على مدار أربعة وعشرين ساعة في معظم أنماط الحياة وقد أظهر علم الوراثة أن الساعات الجزيئية المسؤولة عن ذلك تعمل على الدوام في كل من: ذبابة الفاكهة, والفئران, وبني الإنسان.
إن من الصعب مقاومة الشعور الملح بالنعاس في الساعة السابعة مساء, كما يصعب مقاومة إلحاح بالجوع بعد الثالثة بعد الظهر, لكن بالعكس لا تكون هناك شهية للطعام بعد أن مضى وقت تناول الغداء, وكذلك الاستيقاظ من النوم في الرابعة صباحاً لا يجعل العودة للنوم بعد ذلك أمرًا ميسورًا.
يألف هذا السيناريو الكثير من أولئك الذين استقلوا طائرة من الساحل الشرقي للولايات المتحدة إلى كاليفورنيا, في رحلة تستلزم القفز ثلاث ساعات فرقا في التوقيت.
وفي رحلة عمل أو إجازة تستمر أسبوعًا لا يكاد جسمك يتأقلم مع الجدول اليومي الجديد إلا وقد حان الوقت للعودة إلى الوطن مرة أخرى الأمر الذي يتطلب أن تعود ثانية للنظام القديم.
أقوم أنا وزملائي بصفة يومية تقريباً بوضع مجموعة من ذباب الفاكهة في مكان أنبوبي في رحلة «كاذبة» من نيويورك إلى سان فرانسيسكو أو العودة, فلدينا عدة حضانات في حجم الثلاجة «في مختبرنا» واحدة تسمى نيويورك والأخرى تسمى سان فرانسيسكو وكلتاهما مصممة على أن يقوم الضوء بداخلها بالإضاءة والانطفاء مع شروق الشمس وغروبها في تلك المدينتين. «وللثبات على ذلك فقد برمجنا شروق الشمس على الساعة السادسة صباحاً والغروب في السادسة مساء, في كلا الموقعين», ودرجة الحرارة في كلتا الحضانتين ثابتة ومنعشة حوالي 77 درجة فهرنهايت.
تقطع الذبابات رحلتها الكاذبة في داخل أنابيب زجاجية صغيرة متصلة بأطباق خاصة تقوم بمراقبة حركاتها بواسطة حزمة دقيقة من الأشعة تحت الحمراء.
وفي كل مرة تتحرك الذبابة في نطاق الحزمة الضوئية تترك صورة على مستقبل كهروضوئي صغير موجود في الطبقة موصل بالكمبيوتر يقوم بتسجيل النشاط الحاصل.
ووقت الذهاب من نيويورك إلى سان فرانسيسكو لا تستغرق رحلة الخمس ساعات طيران لذبابتنا, فنحن ببساطة نفصل إحدى الحضانات المليئة بالذباب ونحركها إلى الحضانة الأخرى ثم نوصلها بالتيار مرة أخرى.
وقد استخدمنا تعبير «عبر القارات» لنحدد وندرس وظائف عدة جينات يبدو أنها تمثل العجلات والتروس في عمل الساعة البيولوجية التي تتحكم في دورات الليل والنهار لأصناف كثيرة من الكائنات الحية والتي لا تشمل فقط ذباب الفاكهة بل أيضًا الفئران والإنسان, وقد ساعدنا التعرف على الجينات في تحديد البروتينات التي تحولها إلى رموز.
تلك البروتينات التي قد تستخدم كالتروس في علاجات كثير من العلل الجسدية من اضطرابات النوم إلى الاكتئاب الموسمي.
إن الجزء الثانوي للساعة البيولوجية في الإنسان هو النواة فوق التصالبية, وهي «مجموعة من الخلايا العصبية في منطقة بقاعدة الدماغ تسمى الوطاء أو (ما تحت السرير البصري ).
فعندما يصل الضوء إلى شبكية العينين في كل صباح, تقوم الأعصاب المسؤولة بإرسال إشارات إلى النواة فوق التصالبية التي تقوم بدورها بالتحكم في دورة إفراز بعض المواد الحيوية النشطة.
تقوم النواة بوفرة فوق التصالبية بتحفيز المنطقة المجاورة من الدماغ التي تسمى الغدة الصنوبرية.
فعلى سبيل المثال, تقوم الغدة الصنوبرية بإفراز الميلاتونين طبقا للتعليمات التي تصدر من النواة فوق التصالبية, والميلاتونين يسمى هرمون النوم, وهو متوفر الآن على شكل حبوب في كثير من محلات غذاء الصحة. ومع تقدم اليوم باتجاه المساء تبدأ الغدة الصنوبرية تدريجيا بإنتاج المزيد من الميلاتونين. وعندما يرتفع مستوى هذا الهرمون في الدم يحدث انخفاض طفيف في درجة حرارة الجسم ويزداد الشعور بالميل إلى النوم.
الساعة البشرية
بينما يبدو الضوء وكأنه يعيد ضبط الساعة البيولوجية في كل نهار, أو على نحو نهاري ليلي أو على نحو يومي, فإن النظم يستمر في العمل حتى عند الأشخاص المحرومين من الضوء, مشيرًا إلى أن نشاط النواة فوق التصالبية فطري غير مكتسب.
أظهر جورجين آشوف وزملاؤه في أوائل الستينيات بمعهد ماكس بلانكك لوظائف الأعضاء السلوكية بسويسين بألمانيا, أن متطوعين من الذين عاشوا في مستودعات الفحم الحجري المعزولة بدون ضوء طبيعي قامت الساعات البيولوجية أو وسائل تحكم أخرى بالحفاظ على دورة نوم واستيقاظ طبيعية لهم تقريبا على مدار 25 ساعة.
يوم في داخل الساعة الجزيئية لذبابة
خلايا من دماغ ذبابة بها نشاط ساعة جزيئية قريبة الشبه جدا بالتي عند الإنسان
ْ
________*التــَّـوْقـْـيـعُ*_________
لا أحد يظن أن العظماء تعساء إلا العظماء أنفسهم. إدوارد ينج: شاعر إنجليزي