الإدارة اليابانية
أدت الإدارة وما زالت دورًا ماثلاً في إحياء الحس الفردي والجمعي لدى العنصر البشري العامل، كما أثبتت وجودها بل إكسيرها الفاعل في تفعيل النشاط الحضاري، فأكسبته بريقًا حقق له تعلقًا وتألقًا في مدارج التطور للركب الحضاري العالمي.
ما إن وضعت الحرب العالمية الثانية أوزارها عام 1945، بخسارة اليابان وحليفتها ألمانيا، وتوقيعهما معاهدة الاستسلام والتي تخلت اليابان بموجبها عن الأنشطة العسكرية، حتى انكبت الدولة اليابانية وشعبها على العمل بجد ومثابرة في الميادين السلمية، وبفعل الجهود الجبارة والعقول المتفتحة والسياسات الناجحة التي طبقت هناك، فقد حدثت ثورات علمية وصناعية متلاحقة بلغت أوجها وذروتها في ثمانينيات القرن الماضي، ففرضت اسم اليابان في المحافل الدولية، وخرجت اليابان لتفاجئ العالم كقوة اقتصادية يحسب لها حسابها، متطورة في الكثير من المجالات، لا سيما الصناعية منها والتجارية، حيث اتبعت في هذه الميادين أسلوب إدارة وقيادة ناجحة ومتطورة أدى باليابانيين إلى الاهتمام بالعمل والإنتاج وتطوير مهاراتهم ومقدرتهم، ليثبتوا للجميع وبخاصة الأمريكيين بأن أحداث (هيروشيما وناكازاكي) لم تقسم ظهورهم ولا ظهر بعيرهم، بل زادتهم إصرارًا على النجاح والتطور.
لقد دفع هذا التقدم الذي حققته اليابان- فخرجت من محنتها نحو القمة- العديد من الباحثين والإداريين إلى دراسة الأساليب الإدارية المتبعة في المؤسسات والمنظمات المختلفة، وقد برز من بين هؤلاء- وهو موضوع البحث- وليم أوتشي الذي أعد نظرية إدارية استنادًا إلى دراساته وتحليلاته أطلق عليها (نظرية Z)، أكد فيها على الاهتمامات الإنسانية للأفراد في المنظمات.
إن شهرة نظرية الإدارة اليابانية وتفوقها على كثير من الإدارات في العالم، تعزى إلى أسباب: منها مقدرة اليابانيين على إيجاد نوع من الإدارة يتواءم مع ثقافتهم وعاداتهم وقيمهم، فقد أسهم النظام التربوي والتعليمي الياباني في إيجاد أفراد مبدعين وواثقين، بمقدورهم تعويض وطنهم عن شح الموارد الطبيعية التي تعانيها وذلك بالتفكير والإبداع والعمل بلا كلل أو ملل.
وقد جمع اليابانيون بين مبادئ نظرية الإدارة العلمية لـ(تايلور) ونظرية العلاقات الإنسانية آخذين من كليهما ما يناسب المجتمع الياباني، إضافة إلى تعديل ما يلزم تعديله ليخدم بيئة العمل، وبشكل أكثر تحديدًا فإن فلسفة الإدارة اليابانية تقوم على أخذ كل ما هو مفيد للعمل وللمؤسسة وكذلك الأفراد، فمثلاً تستند الإدارة اليابانية إلى نظرية الإدارة العلمية في اعتمادها الجدارة كأساس للتعيين، والقيام بعمليات التدريب والتأهيل المستمر، وتقديم المكافآت للأفراد المنتجين..، إضافة إلى اعتمادها على نظرية العلاقات الإنسانية في اعتماد الأسلوب التشاركي في اتخاذ القرارات، وإيجاد بيئة عمل عائلية، والمحافظة على استقرار الأفراد العاملين...
المجتمع الياباني
اهتم النظام التربوي في اليابان بتربية الطفل الياباني على الأخلاق والقيم والتقاليد الحسنة، لإخراج فرد يتمتع بالصلاح وروح المواطنة والدأب على خدمة مجتمعه ووطنه، وكان ذلك بخطط وسياسات محكمة اتخذتها الدولة اليابانية مع انتهاء الحرب العالمية الثانية، لتتمكن من منافسة دول العالم بل والتقدم عليها في شتى المجالات لا سيما الاقتصادية منها.
وينشأ الفرد الياباني في أسرته الصغيرة في جو مفعم بالحنان والعطف والتعاضد بين أفراد الأسرة الواحدة، وتنعكس هذه التربية المسالمة على حياة الفرد في المجتمع الأكبر سواء في تعاملاته اليومية أو في عمله، فيطبق نتاج التربية الصحيحة التي تلقاها كالآخرين، في معترك الحياة لينتج في نهاية الأمر تعاطفًا وتوادًا وتكافلاً بين أفراد المجتمع ككل، وبين زملاء العمل والمهنة على وجه الخصوص، فكل فرد بتصرفاته واتجاهه يعتبر انعكاسًا للأسرة التي نشأ فيها.
ولا يخفى على أي باحث في شؤون المجتمع الياباني ما تتضمنه العادات والتقاليد اليابانية من تأكيد وحض على اتباع الأسلوب التشاركي في أي عمل، ومعاونة الأفراد بعضهم بعضًا لتطوير العمل أو المنظمة، لذا فإن الفرد الياباني يفكر في كيفية إنجاز المهام المطلوبة منه، فهو مقتنع بأنه مكلف بأمر ما عليه إنجازه، بغض النظر عن خدمة هذه المهمة لمصالحه الشخصية، وبشمول هذا الفكر لكافة أفراد المجتمع الياباني أدى بالمحصلة إلى سيادة اليابان في كافة المحافل العالمية، وتصدرها قائمة الدول المتقدمة في العالم.
بيئة العمال اليابانية
بمجرد التحاق المواطن الياباني بعمله عند بداية حياته العملية- في ظل غياب ظاهرة البطالة- تنهال عليه عبارات الترحيب والاستقبال من زملائه في المؤسسة، الأمر الذي يشعره بالاطمئنان ويعطيه انطباعًا أوليًا حسنًا، يشجعه على الانخراط في عضوية هذه المؤسسة باعتبارها بيته الثاني، ينتمي إليها ويعيش مع رفاقه الخبرات السارة وغير السارة في ظل جو يسوده التفاهم والتعاضد بين الأفراد، وكأنهم عائلة واحدة، كما لو كانوا أسرة من النحل! وتستمر علاقة العمل هذه ما دام العامل قادرًا على العمل، فالإدارة اليابانية تضمن الاستخدام المستمر طيلة الحياة لجميع العاملين، بالإضافة إلى تقديم امتيازات وتسهيلات أخرى تتعلق بالإسكان والترفيه وغيرها.
ومن ناحية أخرى فإن جميع إدارات المؤسسات في اليابان تعتمد أسلوب الترفيع حسب الأقدمية في العمل، الأمر الذي يشجع الأفراد على الانخراط في العمل بمؤسساتهم وعدم التفكير بالانتقال إلى أماكن أخرى طلبًا للترقية، لأن الترقية تكون بناء على أقدمية العمل في المؤسسة نفسها وبغض النظر عن السن والخبرة.
مميزات الإدارة اليابانية:
- اتخاذ القرار بصورة جماعية
تتميز المنظمات اليابانية عن غيرها بدراسة أي مشروع مسبقًا دراسة وافية ومستفيضة يشترك فيها جميع العاملين في المنظمة فيدرسون جميع الاحتمالات ويتنبؤون بما سيحدث في طرق تنفيذ المشروع فتصبح عملية التنفيذ أكثر يسرًا وسهولة، ويتم القضاء على أية مشكلة بسرعة، لأنها ستكون قد طرحت أثناء دراسة المشروع ووضعت لها بدائل كثيرة لحلها، ولا يهتم اليابانيون بالوقت المستغرق في دراسة أي مشروع قبل البدء فيه، وذلك لتيقنهم أن هذا يصب في مصلحة العمل والمؤسسة، وبناء على ذلك يتم جميع الآراء واستشارة الجميع قبل أن يبت في أي موضوع في المؤسسة اليابانية.
- التعليم والتدريب المستمران
حيث تقدم الإدارة اليابانية التعليم والتدريب لكافة الأفراد من عاملين ومديرين وبقية المستويات- كل حسب عمله- وطيلة فترة خدمتهم، الأمر الذي يؤدي إلى احتراف الموظف في عمله مما ينجم عنه زيادة الإنتاج وتحسين نوعية المنتجات.
- الإدارة الأبوية
يتقدم العامل الياباني في وظيفته حسب سنوات عمله في المؤسسة حتى يصل إلى المستويات الإدارية في سن متقدم نوعًا ما، وتتصف معاملاته مع الموظفين بالأبوية، ويعاملهم كما يعامل أبناءه إلى درجة أنه يساهم في حل مشكلاتهم العائلية، وقد يشارك في اختيار زوجة لأحد العاملين.
- التوظيف مدى الحياة
وقد سبق الإشارة إليه، ولكن يكفي القول هنا إن الإدارة اليابانية تضمن للعاملين الذكور دون الإناث التوظيف مدى الحياة، إضافة إلى تضاعف الرواتب الشهرية كل (15 سنة)، كما يمنح الموظف الياباني ثلثي راتبه إذا ما رغب في إكمال مسيرته بعد وصوله سن التقاعد وهو سن الخامسة والخمسين.
نظرية Z (وليام أوتشي William Ouchi)
مع التباين الواضح بين النظرية اليابانية في الإدارة، ونظيرتها الأمريكية، حيث تقوم الأولى على ضرورة غرس القيم الإنسانية للتنظيم في نفوس العاملين، وإقامة علاقات تعاونية وغير رسمية بينهم لزيادة التنسيق والتشاور غير الرسمي ومناقشة الموضوعات والقرارات بين الإدارة والعاملين، والتأكيد على العمل وتحمل المسؤولية بشكل جماعي، في حين تركز النظرية الأمريكية على الفردية وتربط بين الأداء والمكافآت وفق تنظيم هيكلي بيروقراطي محكم يتميز بأسلوب فردي في اتخاذ القرارات ينعدم فيه التشاور أو العمل الجماعي، كما يلاحظ في المنظمات الأمريكية حركات انتقال سريعة للموظفين من مؤسسة إلى أخرى سعيًا لأوضاع أفضل وترقيات وظيفية.
رغم ذلك استطاع (وليام أوتشي) الياباني الأصل، تطويع النظرية اليابانية لتتعامل مع البيئة الأمريكية الأقل تجانسًا والأكثر تنوعًا من البيئة اليابانية التي تستثني النساء والأقليات العرقية من العمل، فقد أسهم (أوتشي) في نظريته هذه بالمطابقة بين الأسلوب الإداري المتبع في المؤسسات الأمريكية، وأسلوب المؤسسات اليابانية، وميز فيها الممارسات الإدارية في نموذج الإدارة الياباني والذي أطلق عليه نموذج (نظرية Z) في الإدارة، ولعل ما يميز هذا النموذج هو تركيزه على الأفراد وعلى البيئة التي يعملون فيها، فهو يعتبر الأفراد عناصر مركزية هامة ولهم دور رئيس ونشيط في اتخاذ القرارات، كما ينظر إلى التوظيف كالتزام متبادل طويل المدى حيث يراعى في ذلك الحالة الاجتماعية والاقتصادية للعاملين.
إن القصد من وراء هذه النظرية هو تطوير إحساس الملكية لدى الأفراد في المؤسسة والانتماء إليها، مما سيزيد من إخلاصهم لأهداف المنظمة، الأمر الذي سيجعل منهم مساهمين بشكل أكثر في الإنتاج العام، فلتطوير إحساس الملكية المؤسسية، يستلزم لذلك أن يشعر الأفراد بأنهم جزء من العمل وطرف يحسب حسابه في اتخاذ القرارات، لذا على المؤسسات أن تتبنى الأسلوب التشاركي في اتخاذ القرارات، بحيث يتأثر كل فرد عامل بالمؤسسة، ويمتلك فرصة للتأثير فيها وفي القرارات المتخذة.
ومن الأمثلة على الشركات الأمريكية الناجحة التي استخدمت نظرية Z كأسلوب للإدارة، (هيولت باكارد، بروكتير آنذ جامبل، ايستمان كوداك).
محاور نظرية Z
تقوم نظرية Z على عدة محاور هي:
- أن تتم عملية تقييم الموظفين مرة أو مرتين سنويًا، وفق مقاييس رسمية واضحة وضمنية.
- التركيز على الأداء أكثر منه على العلاقات غير الرسمية.
- أن يتناسب الشكل التنظيمي مع الظروف المتغيرة والتكنولوجيا المعقدة (التنظيم الأدهوقراطي)
.
- التقليل من المستويات الإدارية وأن تتصف بدرجة أقل من الرسمية.
- تفعيل أسلوب العمل الجماعي لضمان الولاء التنظيمي على المدى الطويل.
- أن يتم التوظيف لمدة طويلة، أما الترقيات فبشكل بطيء.
- اتخاذ القرارات بطريقة جماعية، أما تحمل المسؤولية فيكون بشكل فردي.
- الاهتمام الشامل بالموظفين ورفاهيتهم.
لقد استفاد اليابانيون من التجربة الإنسانية للإدارة، بعد أن أحيوا تلك الروح الجمعية منطلقين من الفرد، جامعين بين الإيقاعين معًا في بوتقة واحدة، رسمت خارطة النشاط الياباني المتميز عبر فسيفسائية ما زالت محط أنظار العالم.
الأسس التي قامت عليها الإدارة اليابانية
هناك دراسات كثيرة كتبت عن التجربة اليابانية أبرزها دراسة (بيتر دراكر) التي نشرها في مجلة (Harward Business Review) ذكر في دراسته أربعة خصائص للإدارة اليابانية هي سبب التقدم الذي أحرزه اليابانيون.
أولاً: اتخاذ القرار بصورة جماعية
فخلافاً لما هو موجود في الغرب حيث ان القرار يتخذ في المستويات العليا ويتم ايضا بمشورة مجموعة صغيرة من المنفذين، فإن جميع الأفراد في اليابان يشتركون في عمل الإدارة بمناقشة المشاريع واتخاذ القرارات اللازمة بشأنها، فقبل أن تشرع الشركة على تنفيذ مشاريعها يقدم العاملون بدراسة المشروع بصورة كاملة حتى بدون ان يعرفوا رأي الإدارة فيه، يبحثون في المشاكل التي قد تعيق تنفيذ المشروع وطرق معالجتها فلا يبدأون بالعمل إلا بعد أن يحيطوا بالمشروع احاطة تامة وكاملة فعند التنفيذ سيجدون سهولة في إنجاز المشروع، ويجدون القدرة على حل أية معضلة قد تعترض سبيلهم لأنهم قد درسوا كل الاحتمالات ووضعوا الحلول اللازمة لها.
وبناءً على ذلك فإنّ أي تعثر في العمل لا يحدث نتيجة لهذا العامل المهم الذي يعطي العاملين فكرة مفصلة عن عملهم، وعن مشكلات العمل وما شابه ذلك.
ثانياً: التوظيف مدى الحياة
أغلب الموظفين والعاملين في اليابان يعيّنون في وظائفهم مدى العمر، كما وأنّ مرتباتهم الشهرية تعطى لهم على اساس سنين الخبرة(2). فمرتباتهم تتضاعف كل (15) عاماً، كما وانهم يصلون سنّ التقاعد عندما يبلغون الخامسة والخمسين من العمر، وعندما تكون المؤسسة في حاجة إلى خدماتهم فإنهم يبقون في الخدمة فيمنحون حينذاك ثلثي راتبهم الشهري فالوصول إلى درجة المدير لا يحصل إلا لمن بلغ سن 45 سنة.
وعندما يدخل الوظيفة يشعر بأنه باق فيها إلى آخر حياته العملية، ولهذه الحالة الإدارية تأثير كبير على عمله وحياته في داخل المؤسسة، فهي تزيل عنه مخاوف البطالة، كما وأنّ جل تفكيره وعبقريته سيصبه في عمله الذي سيستمر معه فينجم عن ذلك تفاعل العامل مع عمله وابداعه فيه وتخزين تجربته في الميدان الذي يعمل فيه.
فلا يحدث مثلاً انتقال المدير إلى مكان آخر إلا في النادر لأنّ ما يحصل عليه في المؤسسة من مكافآت يبرر عدم انتقاله إلى مكان آخر.
ثالثاً: التعليم والتدريب المستمران
يتلقى العاملون اليابانيون سواء كانوا موظفين أو عمالاً أو مدراء التعليم المتواصل والتدريب اللازم للعمل الذي ينجزونه طيلة بقائهم في المؤسسة.
فالتعليم والتدريب المتواصلان سيرفعان من مستوى إداء العامل الياباني والذي سينجم عنه زيادة في الإنتاج وتقدم في نوعية المنتوج.
والملاحظ أن الدول الاوربية تستعين بالتعليم والتدريب في المؤسسة لكن حين انتقال الموظف من درجة إلى درجة أعلى، أو عندما يريد الانتقال من وظيفة لأخرى.
رابعاً: الإدارة الأبّوية
إحدى وظائف المدراء في اليابان تربية واعداد مدراء المستقبل، فكل المدراء يجب أن يشرعوا في المستويات الدنيا ثم يتسلقوا السلالم الإدارية حتى يصلوا القمة ليصبحوا مدراء للمؤسسة لهذا فإن الشهادات الجامعية العالية لا معنى لها في اليابان، فالفرد يتعلّم في الجامعة، ولا عجب أن يكون رئيس وزراء اليابان (تاناكا) حاصلاً على الشهادة القانونية العامة فقط.
على أي حال في السنين العشرة الأولى من عمل الموظف يقوم بانجاز الاعمال الإدارية غير الرسمية وهي التي أطلق عليها (God Father) فيصبح مديراً غير رسمي، أي أنه يقوم بأعمال الإدارة تحت اشراف المدير، فيسمع شكاوى الموظفين، وله صلاحية نقل الموظف من مكان لآخر، كما وأنه يقوم باعطاء الموظف درجة أعلى ليصبح بالمستوى الذي يناسبه.
ومن ابرز سمات (الإدارة الأبوية) التعامل الأبوي للمدير مع عماله وموظفيه، فهو يتعامل معهم كما يتعامل الأب مع أبنائه فيشملهم بعطفه، حتى أنه يساهم في حل مشكلاتهم العائلية كالزواج وما شابه ذلك، ومشاركتهم في اختيار الزوجة المناسبة.
ويشير (سابورو اوكيتا) إلى عامل التضحية عند الموظفين، ويذكر مثالاً على ذلك، وافق الموظفون والمدراء في شركة (مزدا) عام 1970 وشركة برانيف عام 1980م عند تعرضهما للخسارة، وافق العاملون على تحمّل قسط من هذه الخسارة فقد تنازل موظفو شركة (مزدا) عن 50% من رواتبهم ومكافئآتهم كما وافق موظفو شركة برانيف للطيران على اقتطاع 90% من رواتبهم لسد العجز في الشركة(3).
هذه باختصار أهم عناصر الرقي في الإدارة اليابانية وبالتالي للتقدم الياباني الذي أثار إعجاب الكثير. هذا ما يتعلق بالمؤسسات والمصانع العامة، أما المعامل الخاصة فأغلبها معامل صغيرة تقتصر على أعضاء العائلة فقط، وتناط إدارة هذه المعامل برب العائلة الذي يمتاز بطول الخبرة والكلمة المسموعة عند جميع أعضاء العائلة وهي عناصر مهمة لنجاح المؤسسة حتى لو كانت صغيرة.
ركايز الإدارة اليابانية.
جمبا كايزن، أسلوب إداري ياباني، بسيط في فكرته وتطبيقه، نفتقده في مؤسساتنا التي تدار من أبراج عاجية لا تعرف ماذا يحدث في أرض الواقع.
كتب الكاتب الياباني ماساكي إيماي كتابً أسماه "جمبا كايزن" وجمبا تعني باليابانية الموقع الفعلي، وكايزن هو الأسلوب الياباني المعروف والمشهور الذي يدخل تحسينات تدريجية صغيرة وبسيطة تقلل التكاليف والهدر وتزيد الإنتاجية والوفر، ويمكن ترجمة الكلمتين إلى "الإدارة من موقع الأحداث"
يقول ماساكي: يكتفي كثير من المديرين بالجلوس إلى مكاتبهم ومتابعة الأمور عبر زجاج البرج العاجي الذي يطلقون عليه: مكتب المدير العام، إنهم لا يعرفون شيئاً عن منتجاتهم وخدماتهم إلا من خلال الأوراق والتقارير، ولا يفكرون في موظفيهم إلا عندما يوقعون كشوف المرتبات!! هؤلاء المديرون لا ينزلون إلى مواقع الإنتاج الفعلية في مصانعهم وشركاتهم. لذا فهم غرباء عن ما يحدث فيها من مشكلات لا يمكن صياغتها على الورق، وعندما تنفصل علاقتهم الحقيقية بموقع الأحداث على هذا النحو تنفصل أيضاً علاقتهم الحقيقية بشركتهم وبموظفيهم وبعملائهم
جمبا كايزن Gemba KAIZN
من وسائل التغيير التي لم يتعرف عليها عالمنا العربي بعمق مفهوم كايزن KAIZEN وهي تتكون من كلمتين يايانيتين :
• كاي – KAI وتعني التغيير
• زن - ZEN وتعني للأفضل أو الأحسن
• وتترجم إجمالاً KAIZEN الى Continual Improvement أو التحسين المستمر
• وقد ظهرت مفهوم كايزن للوجود على عام 1984 على يد الخبير الياباني ماساكي إماي
• وتترجم إجمالاً KAIZEN Gemba الى التحسين المستمر في مواقع العمل او العمليات.
• ان جمبا كايزن مجموعة من الأدوات الإدارية التي تستخدم عالمياً لتجعل العمليات التي تتم داخل المؤسسة على المستوى الأول عالمياً .. أي التغيير لتصبح الأفضل عالمياً.
التحسين المستمر باستخدام كايزن
منهج التغيير باستخدام كايزن تقوم على:• التحسين المستمر بمعنى التغيير للأفضل.
• هذا التغيير ينتج ويطبق في الجمبا ( موقع العمل) يرفع القدرات الإبداعية للعاملين ومشاركتهم في التغيير.
• كل عمل ينفذ يمكن تحسينه وكل عملية تتم حالياً لابد وأنها تحتوي هدراً او هالكاً ( waste ) وتقليل او التخلص من هذا الهدر ينتج قيمة مضافة للعملية وللعميل المستفيد من ناتجها.
التغيير باستخدام كايزن- تعد فكرة التخلص من الهدر في العمليات هي المحور الرئيسي للتغيير من خلال كايزن
ولذلك تعتبر كايزن عملية تحسين دائمة:
• تتميز بالتأثير الواضح Significant (large)
• تركز على الأماكن الأهم استراتيجيا
Strategically important areas
• تحقق نتائج سريعة Speedily Achieved
• وتحافظ على استمراريتها Sustainable
اساس كايزن
اي نشاط = عمل مفيد + عمل غير مفيد
اي عملية = عمل + مودا ( Muda )
• مودا (Muda)كلمة يابانية تعني الأعمال الغير مفيدة أي التي لا تعطي قيمة مضافة.
• كايزن تركز على مهاجمة كل (مودا) موجودة في (جمبا)
انواع المودا1-
1. هدر الإنتاج الزائد عن الحد
2- هدر الانتظار
3- هدر النقل
4- هدر التشغيل
5- هدر التخزين
6- هدر الحركة
7- هدر الإصلاح/ المرفوضات
نتائج تطبيق كايزن
• 50:70% تقليل في زمن التشغيل
• 20:40% زيادة في الكفاءة
• 20:40% توفير في التكلفة
• 40:60% تقليل للأخطاء
• 50% تقليل في المساحة المستخدمة
• تحسن ملموس في معنويات العاملين
• تمكين الموارد البشرية
• اكتشاف قدرات وإمكانيات جديدة
نظرية التغيير باستخدام كايزن
تطبيق كايزن يتضمن عناصر تقنية واجتماعية
• ان هدف التغيير باستخدام كايزن هو التخلص من الهدر او الفاقد في العمليات قدر الإمكان مما يؤدي بالتالي لتحسن زمن العملية وتكلفتها وجودتها وهذا هو الجانب التقني في العملية
• الجانب الاجتماعي في كايزن يتضمن التغيير في ثقافة العاملين والمؤسسة من خلال التعلم واعتبار انشطة التعلم جزء اساسي في فلسفة كايزن حيث يتعلم الفرد كيف يحدد أهدافه ويصل اليها بنفسه.
النموذج الياباني في الإدارة نظرية (Z):
تبنى نظرية (Z) على الاعتقاد بأن توفير درجة عالية من المسئولية الجماعية والإخلاص القائم على المشاركة والتقدير المتبادل بين المنظمة (ممثلة في الإدارة العليا) والعاملين في المستويات الإدارية المختلفة سوف يؤدي إلى زيادة معدلات الأداء. وزيادة رفاهية العاملين ووجود درجة عالية من الرضا عن العمل.
وتميل المنظمات التي تتبنى نظرية (Z) إلى ممارسة نظام التوظيف مدى الحياة، أي أن التعاقد وتوظيف عامل بالمنظمة يكون لمدى الحياة. وهي بذلك تتفادى الاستغناء عن العاملين بما يحقق مزايا عديدة منها.
1- معدل دوران عمالة منخفض.
2- انخفاض نسب الغياب.
3- ارتفاع معنويات العاملين.
- وبذلك يصبح العاملون أكثر ارتباطاً بأعمالهم بما ينعكس على زيادة الإنتاجية والارتقاء بمستوى الأداء.
- كما أن الإدارة بالمشاركة تعتبر الفكرة الأساسية للنظرية (Z) حيث تساعد على تحقيق الترابط الوثيق بين جميع الأعضاء. وبالتالي تكون عملية الاتصالات واتخاذ القرارات داخل المنظمة أكثر سهولة وفاعلية.