مما لا يخفي علي البعض منا أن الشخصية اليهودية عبر التاريخ هي شخصية مصقولة ومأسورة بالعقائد والفكر الديني اليهودي، تلك العقائد التي تربت عليها الشخصية اليهودية ولعبت دورا كبيرا في السيطرة والتأثير الفاقع علي سلوكيات وأفكار اليهود، ومما قد لا يخفي علي البعض كذلك أن اليهود يؤمنون بأسفار العهد القديم للكتاب المقدس، ولا يخفي علي البعض كذلك أن هذه الأسفار تحتوي علي العديد من النصوص التي قد يراها البعض تشع عنصرية ودموية وإبادة وإحراقا وسفكا لدماء الأعداء والمخالفين بدم بارد طاعة للرب وامتثالا لأوامره وتشريعاته، فقد يري البعض تلك النصوص بهذه الصورة الدموية الوحشية إذا علمنا أن اليهود يحملون تلك النصوص علي ظاهرها ونزعها من سياقها التاريخي دون تسييجها بسياج فكري واقعي يأخذ الواقع الثقافي والاجتماعي الذي نزلت فيه والظروف والأحداث التاريخية بعين الاعتبار. وهذا قد يحدث مع أي نصوص دينية أخري مشابهة في أي دين وليس الدين اليهودي وحسب.
وهذا بالضبط ما فعله آباء اليهود في القرون الأولي لميلاد المسيح عليه السلام، ففي عهد (عقبيا بن يوسف) الذي قتل علي يد الرومان في 132 ميلادية قام يهوذا بإعداد مجموعة من التوراة الشفهية التي أضيفت للأسفار الخمسة المكتوبة، وقد أطلق علي هذه المجموعة الشفهية اسم (المنشأ)، وقد اكتمل هذا الكتاب بشكل نهائي في القرن الرابع الميلادي وأطلق اليهود عليه اسم (التلمود)، ويعْتَبَر التلمود التفسير المعتمد والمقدس لدي اليهود للتوراة، وهو الكتاب الذي اجتمع عليه اليهود من القرن الرابع الميلادي حتي يومنا هذا. ذلك (التلمود) يحتوي علي كثير من التعاليم التي تشربتها الشخصية اليهودية وتشبعت بها، وهي تعاليم دموية عنصرية معادية للجنس البشري كله عدا كل ما هو يهودي وحسب، ومن التعاليم التي أسهب هذا الكتاب في شرحها وتفصيلها والتأكيد عليها، وتمارسها إسرائيل حاليا بشكل واقعي فعلي حقيقي هي عقيدة (شعب الله المختار)، التي يري اليهود من خلالها أن الله فضلهم علي الجنس البشري كله حتي أنه قد جاء في بعض فصول التلمود فقرة تخاطب اليهود تقول: (الأمميون _أي جميع شعوب وأمم الأرض من غير اليهود_ هم الحمير الذين خلقهم الله ليركبهم شعب الله المختار، وكلما نفق منهم حمار ركبنا حمارا آخر). وبالتالي فلا نجد أي غرابة حين نري إسرائيل تتعامل مع العالم بل مع الجنس البشري كله بهذه الطريقة الاستعلائية التي لا تقيم فيها وزنا ولا اعتبارا لشيء ولا ترعي حرمة لأحد، لأن الشخصية اليهودية تعتبر تلك الأفعال دينا تتقرب به إلي الله.
وكذلك من التعاليم الأخري التي صقلت الشخصية اليهودية والتي احتواها ذلك الكتاب أنه قد لا يجد البعض منا أية غرابة أو استنكارا حين يري الجنود الإسرائيليين وهم يقتلون الأطفال والرضع الفلسطينيين بتلك الطريقة الوحشية غير الآدمية دون أن يرف لهم جفن، هذا إذا علمنا أن ما يفعلونه هو تنفيذ وطاعة لأوامر إلهية ونصوص دينية تشربت بها نفوسهم، وأذكر للقارئ نذرا يسيرا من هذه النصوص حتي يعلم الناس الدافع الحقيقي لوحشية ودموية الشخصية اليهودية علي النحو التالي: لقد جاء في بعض أسفار التوراة ما يلي: (اِذهَبوا في المدينةِ وراءَهُ واَضربوا. لا تُشفِقوا ولا تَعفوا. اقتلوا الشُّيوخ والشُّبَّانَ والشَّاباتِ والأطفالَ والنِّساءَ حتي الفناء) (حزقيال 9 : 5-6). ومنها: (فَضَرْباً تَضْرِبُ سُكَّانَ تِلكَ المَدِينَةِ بِحَدِّ السَّيفِ وَتُحَرِّمُهَا بِكُلِّ مَا فِيهَا مَعَ بَهَائِمِهَا بِحَدِّ السَّيفِ. تَجْمَعُ كُل أَمْتِعَتِهَا إِلي وَسَطِ سَاحَتِهَا وَتُحْرِقُ بِالنَّارِ المَدِينَةَ وَكُل أَمْتِعَتِهَا كَامِلةً لِلرَّبِّ إِلهِكَ فَتَكُونُ تَلاًّ إِلي الأَبَدِ لا تُبْنَي بَعْدُ) (تثنية 13: 15- 17). ومنها: (فَالآنَ اذْهَبْ وَاضْرِبْ عَمَالِيقَ وَحَرِّمُوا كُلَّ مَا لَهُ وَلاَ تَعْفُ عَنْهُمْ بَلِ اقْتُلْ رَجُلاً وَامْرَأَةً, طِفْلاً وَرَضِيعاً, بَقَراً وَغَنَماً, جَمَلاً وَحِمَارا). (صموئيل الأول). فهل بعد تلاوة هذه النصوص يجد أحدنا أي غرابة إذا شاهدنا اليهود وهم يقتلون أعداءهم الفلسطينيين من الأطفال والرضع والنساء والعجزة والشيوخ والتمثيل بهم وإحراق مدنهم وهدم منازلهم وحرق بهائمهم؟؟، هل نجد عجبا أو غرابة إذا علمنا أن هذه الأفعال هي تعاليم دينية وشرائع إلهية يهودية تشربتها الشخصية اليهودية وتشبعت بها نفوسهم وصارت معتقدا دينيا يمارسونه طاعة وإرضاء للرب.
وكذلك علَّم التلمود اليهود عبر العصور كيف يستمرون ويبقون علي قيد الحياة بهذه التعاليم وهذا الفكر الديني العنصري الدموي المعادي للجنس البشري كله دون أن يتعرضوا للفناء والإبادة علي يد الأمم الأخري، وعلمهم كيف يحترفون المكر والخداع والتلون بجميع الألوان للانغلاق علي أنفسهم والتعايش في أي زمان ومكان للسيطرة علي القوي الاقتصادية والسياسية والثقافية في المجتمعات التي يعيشون فيها دون أن يشعرن بهم أحد، لحين قيام دولتهم التي وعدهم بها الرب. لذلك أقول إن الفكر الديني أو الفهم الديني اليهودي للدين _وليس الدين اليهودي_ هو فكر وفهم إجرامي عنصري دموي غير آدمي يجب تجريمه. (للحديث بقية)
ْ
________*التــَّـوْقـْـيـعُ*_________
لا أحد يظن أن العظماء تعساء إلا العظماء أنفسهم. إدوارد ينج: شاعر إنجليزي