من هو البطل الحقيقي في الأزمة الاقتصادية الأمريكية والعالمية الراهنة؟
إنها البجعة السوداء، وبالتحديد البجعة السوداء اللبنانية.
هذه ليست مداعبة كتلك التي اعتاد إطلاقها الشاعر سعيد عقل الذي يعتقد أن الله خلق لبنان ثم بعده كوكب الأرض، بل هي حقيقة واقعة.
فالنجم الساطع الآن في سماء الغرب الذي يلتفت إليه الجميع هذه الأيام لمحاولة فهم ما يجري في وول ستريت وبقية الأسواق المالية هو اللبناني نسيم نيقولاس طالب. وما يتهافتون عليه هو نظريته الاقتصادية في كتابه "البجعة السوداء: تأثير اللامحتمل كثيراً".
تعبير البجعة السوداء جاء من القرون الوسطى الأوروبية حيث كان يسود الاعتقاد أن كل البجع لونه أبيض ولذا لا وجود للبجع الأسود. وبعد اكتشاف البجع الأسود في القرن السابع عشر في أستراليا، بات تعبير البجع الأسود يعني أن المستحيل ممكن التحقق.
نسيم طالب نسج على منوال هذا التعبير ليطوّر نظرية مفادها أن الأحداث الكبرى في التاريخ حدثت بفعل أحداث مفاجئة وغير متوقعة، مثل اكتشاف الكمبيوتر الشخصي، والإنترنت، والحرب العالمية الأولى، وأحداث 11 سبتمبر، وأخيراً انفجار الفقاعات العقارية والمالية الأخيرة في الولايات المتحدة.
يقول نسيم: "إن أدوات فهمنا لما يجري في وول ستريت تطورت خلال القرنين الماضيين، وهي باتت عتيقة. نحتاج الآن إلى أدوات جديدة، لأن سوء الفهم (لطبيعة التطورات الاقتصادية) أصبح ضخماً وكلّف في الأزمة الراهنة تريليون دولار من الخسائر حتى الآن".
جوهر أدوات التحليل الجديدة هذه يستند إلى مبدأ عدم اليقين نفسه الموجود في علم فيزياء الكم. لكن نسيم لم يكتشفه من الفيزياء بل من الملاجئ تحت الأرض التي كان يختبئ فيها هو وعائلته خلال الحرب الأهلية اللبنانية. فقد مكّنه ذلك من الانكباب الكثيف على دراسة الاقتصاد والفلسفة. وكان الحدث الأبرز بالنسبة إليه هو ربحه 8 ملايين دولار في البورصة عن طريق الصدفة، الأمر الذي دفعه إلى بدء تطوير نظرية البجعة السوداء التي تدعو إلى انتظار غير المنتظر في الاقتصاد.
لكن فكرة نسيم لم تبق قصراً على الاقتصاد. ففي وقت ما عمد وزير الدفاع الأمريكي السابق دونالد رمسفيلد إلى تمديدها إلى الاستراتيجيات العسكرية حين قال: "ثمة أمور معروف أنها معروفة. وثمة أمور نعرف أننا نعرفها. وثمة أمور نعرف أنها غير معروفة. أي هناك أشياء نعرف أننا لا نعرفها، لكن ثمة أيضاً أشياء غير معروفة ولا نعرفها، وهناك أشياء لا نعرف أننا لا نعرفها".
هذه ليست حذلقة من رمسفيلد ونسيم. إنها العلم الجديد في واشنطن، علم اللايقين على وجه الخصوص. وهي موضة تحظى بحماسة شديدة في أمريكا هذه الأيام لأنها تفسّر الألغاز الكبيرة التي تعبق بها الأزمة المالية الراهنة.
كيف تفسّرها؟
بالقول إنه لا تفسير لها! إنها فقط مسؤولية البجعة السوداء المستحيلة التي تصبح فجأة ممكنة في عالم العجائب الرأسمالي، مثل زميلتها التاريخية "اليد الخفية" للسوق والتي اختفت فجأة مؤخراً.
منقووووووووووول
ْ
________*التــَّـوْقـْـيـعُ*_________
لا أحد يظن أن العظماء تعساء إلا العظماء أنفسهم. إدوارد ينج: شاعر إنجليزي