ولكي يتمكن المعلم من تنمية مثل هذه المهارات ينبغي عليه إعداد مواقف تدريبية مقصودة على المهارة والتشجيع على استخدامها لإتقان مهارة مايحتاج الطلاب لأن يتدربوا عليها مرارًا وتكرارًا. ويمكنك أن توجه تدربيهم عليها من خلال:
- تعيين المهارة إما كدور محدد يقوم به طلاب معينون أو كمسئولية عامة يتعين على جميع أعضاء المجموعة أن ينخرطوا فيها.
- ملاحظة كل مجموعة وتسجيل أي الأعضاء ينخرطون في المهارة.
- التلميح إلى استخدام المهارة بشكل دوري أثناء الدرس من خلال الطلب من أحد الأعضاء أن يقدم عرضًا لاستخدامها.
- التدخل في المجموعات التعليمية من أجل توضيح طبيعة المهارة وكيفية الانخراط فيها.
- تدريب الطلاب لتحسين استخدامهم للمهارة.
- التأكد من أن كل طالب يحصل على التغذية الراجعة حول استخدامه للمهارة ويتأمل كيفية الانخراط في المهارة بفعالية أكثر في المرة القادمة.
ومن أمثلة استراتيجيات التدريس التي تسهم في تنمية المهارات الحياتية:
أولًا: استراتيجية التعلم التعاوني
تمر عملية التعليم في مختلف العصور بتغير مستمر، فكل فترة زمنية تتميز بنوع من التعلم يختلف عن الأخرى، إلا أنه وفي الآونة الأخيرة تنبه التربويون إلى الخلل المترتب على بعض أنواع التعليم ومنه الفردي الذي يقوم على المجهود الشخصي لكل تلميذ، لذا يعد التعليم التعاوني أحد أهم الاستراتيجيات في التعليم، وفيه يذكر: «فرانسيس باركر» الذي نادى بالتعاونية وتلاه جون ديوي، ثم جاء «كيرت ليفين» أن الاعتماد المتبادل بين أفراد كل مجموعة من المتعلمين هو أساس تكوين هذه المجموعة، وقد أكد على ذلك تلميذه مورتون ديتش الذي أعد نظرية عن التعاون والتنافس في نهاية الأربعينيات من القرن الماضي، وفي بداية الستينات كتب ديفيد جونسون-وكان تلميذًا لديتش- في تطوير منهج جديد للعلوم يقوم على التعاون بين المتعلمين، ثم بدأ ديفيد وروجرز عمليًا بتدريب المعلمين على كيفية استخدام التعاون في الفصل المدرسي، وعمومًا فقد كانوا يرون أن هذا النوع من التعلم ينتج عنه تعلم أكبر وعلاقات إيجابية بين المتعلمين، وتزداد الصحة النفسية الإيجابية للمتعلمين، وهكذا كان علم النفس الاجتماعي سببًا في ظهور التعلم التعاوني، ولا سيما أن التعلم التعاوني هو نوع من أنواع التعلم الجماعي الذي يخضع حاليًا للدراسة والبحث، وذلك للتعرف على مدى فائدته وجدواه بالنسبة للتلاميذ من حيث تحقيق أهداف التعلم والتطبيع الاجتماعي. (سليمان، 2005)
ثانيًا: استراتيجية الفرق الطلابية وفقًا لأقسام التحصيل
وتقوم هذه الاستراتيجية التي طورها Slavin على عمل الطلاب في فرق بعد تقسيمهم إلى مجموعات تتكون كل مجموعة من أربعة أعضاء، ولهم قدرات ومستويات مختلفة، ويقوم المعلم بتقديم الدرس أو الموضوع المراد مناقشته للطلاب، ومن ثم يبدأ الطلاب بالعمل والمشاركة في مجموعاتهم مع التأكد من أن جميع أعضاء المجموعة قد تعلموا الدرس أو الموضوع المطلوب، وبعد ذلك تناقش كل مجموعة واجبها المناط بها، ثم يقوم المعلم باختبار الطلاب (اختبارات قصيرة) وبشكل فردي عن المعلومات التي تعلموها، بعد ذلك يقوم المعلم بمقارنة نتائج الاختبار مع مستويات الطلاب السابقة، وتتم مكافأة الطلاب الذين تجاوزوا في الاختبار الأخير درجاتهم أو مستوياتهم السابقة، ويستغرق تطبيق هذه الاستراتيجية من 3-5 حصص تقريبًا.
ثالثًا:استراتيجية فرق الألعاب
والمباريات الطلابية
كانت استراتيجية فرق الألعاب والمباريات الطلابية من أول استراتيجيات التعلم التعاوني التي طورها «Devries& Salvi» في جامعة «John Hopkins» حيث تستخدم هذه الاستراتيجية نفس الاختبارات التي تطبق في استراتيجية الفرق الطلابية وفقًا لأقسام التحصيل إلا أنها تستخدم بدلًا من الاختبار الفردي الذي يجب أن يأخذه كل عضو في المجموعات اختبارًا أسبوعيًا أو مسابقة أسبوعية في نهاية العمل، وتتم مقارنة مستويات الطلاب في المجموعة الواحدة مع طلاب المجموعات الأخرى، من حيث مشاركتهم في فوز مجموعتهم بأعلى الدرجات، أي أن الطلاب يتنافسون على فوز أفضل مجموعة من المجموعات الكلية.
رابعًا: استراتيجية الاستقصاء الجماعي ويتم توزيع الطلاب من خلال هذه الاسترتيجية التي طورها Sharan& Sharan, إلى مجموعات صغيرة تعتمد على استخدام البحث والاستقصاء والمباحثات الجماعية والتخطيط، وتتكون المجموعة الواحدة من 2-6 أعضاء يتم تقسيم الموضوع المراد تدريسه على المجموعات، ثم تقوم كل مجموعة بتقسيم موضوعها الفرعي، إلى مهام وواجبات فردية يعمل فيها أعضاء المجموعة، ثم تقوم المجموعة بإعداد وإحضار تقريرها لمناقشتها وتقديم النتائج لكامل الصف، ويتم تقويم الفريق في ضوء الأعمال التي قام بها وقدمها.
خامسًا: استراتيجية (فكر - زاوج - شارك)
تستخدم هذه الاستراتيجية عقب قيام المعلم بشرح وعرض معلومات أو مهارات للطلاب، وتتضمن تلك الاستراتيجية الخطوات التالية:
1-التفكير في السؤال أو المشكلة التي يطرحها المعلم.
2-المزاوجة: يلي ذلك طلب المعلم من الطلاب الانقسام إلى أزواج ويتناقشوا بينهم السؤال.
3-المشاركة: يطلب المعلم من الأزواج عرض الحلول التي توصلوا إليها وأفكارًا حول السؤال.
سادسا:استراتيجية دوائر التعلم
في هذه الاستراتيجية يعمل التلاميذ معًا في مجموعة ليكملوا منتجًا واحدًا يخص المجموعة، ويشاركون في تبادل الأفكار، ويتأكدون من فهم أفراد المجموعة الموضوع.
سابعًا:التعليم بالأقران
لاقت طريقة «التعليم بالأقران» اهتمام بعض التربويين، لكن الاعتماد عليها ظل مرهونًا ببعض الدراسات والأبحاث، ولم تطبق ميدانيًا إلا مؤخرًا، وهي في حاجة إلى دعم أكثر من الناحية النظرية والتجريبية، ولقد صنفها البعض ضمن الأنشطة المتفاعلة لطرق التدريس المعاصر، بينما يرى آخرون أنها تأتي ضمن ما يسمى بالتعليم الموازي. وتأتي طريقة «التعليم بالأقران» ضمن إحدى تلك الطرق والأنشطة المتفاعلة للتدريس المعاصر، وقد عرفت بأنها «قيام أفراد التلاميذ بتعليم بعضهم بعضًا، وقد يكون القرين المعلم من نفس العمر أو الفصل للتلميذ أو المجموعة، أو يعلوهم عمرًا أو مستوى دراسيًا.
تدريس القيم والاتجاهات
بالقرن الحادي والعشرين
ركزت التربية في القرن العشرين-وخاصة في النصف الثاني-على قيم العلوم والتكنولوجيا إلى الدرجة التي احتلت فيها هذه القيم أولويات التعليم في العالم، وكان ذلك على حساب القيم الإنسانية والاجتماعية، وهذا ما حدا بمنظمة اليونسكو في تقريرها عن التعلم في القرن الحادي والعشرين إلى المناداة أو بإعادة الاعتبار ثانية إلى القيم الإنسانية. كما أن التغيرات الاجتماعية والاقتصادية، وتأثيرات العولمة، أفرز مجموعة من الأخلاقيات الجديدة تميزت في معظمها إلى جانب القيم المادية والاستهلاكية، بعيدًا عن القيم الروحية والإنسانية، حيث أصبحت التحولات الاجتماعية والأيدولوجية تقاس بالتغيرات المادية الكمية، أو بالتغيرات التكنولوجية، وهذا يتطلب أن تمارس التربية دورها في ضبط هذا التغير، وربطه بالقيم الأساسية للمجتمع.
المهارة الثالثة: إدارة قدرات الطلاب
إدارة القدرات من خلال
مفهوم الذكاءات المتعددة
إن الذكاء وفق جاردنر عبارة عن إمكانية بيولوجية تجد تعبيرها فيما بعد كنتاج للتفاعل بين العوامل التكوينية والعوامل البيئية.
ويختلف الناس في مقدار الذكاء الذي يولدون به، كما يختلفون في طبيعته، كما يختلفون في الكيفية التي ينمون بها ذكاءهم. ذلك أن معظم الناس يسلكون وفق المزج بين أصناف الذكاء، لحل مختلف المشكلات التي تعترضهم في الحياة.
يظهر الذكاء بشكل عام لدى معظم الناس بكيفية تشترك فيها كل الذكاءات الأخرى، وبعد الطفولة المبكرة لا يظهر الذكاء في شكله الخاص.
إن نظرية الذكاءات المتعددة تسمح للشخص باستكشاف مواقف الحياة المعيشية والنظر إليها وفهمها بوجهات نظر متعددة، فالشخص يمكنه أن يعيد النظر في موقف ما عن طريق معايشته بالقدرات والمهارات العقلية التي يطلق عليها «ذكاءات»، ما من شخص سوي إلا ويملك إلى حد ما أحد هذه الذكاءات، يختلف الأفراد فيما بينهم عن طريق الكيفية التي يوظف بها كل واحد منهم كفاءته لتحديد الطريق الملائم للوصول إلى الأهداف التي يتوخاها، وتقوم الأدوار الثقافية التي يضطلع بها الفرد في مجتمعه بإكسابه عدة ذكاءات، ومن الأهمية بمكان اعتبار كل فرد متوفرًا على مجموعة من الاستعدادات وليس على قدرة واحدة يمكن قياسها عن طريق الروائز المعتادة، وهذه الذكاءات هي:
(الذكاء اللغوي، الذكاء المنطقي - الرياضي -، الذكاء التفاعلي، الذكاء الذاتي، الذكاء الجسمي - الحركي -، الذكاء الموسيقي، الذكاء البصري - الفضائي -، الذكاء الطبيعي) (عامر، و محمد، 2002). الشكل رقم (6).
إدارة القدرات من خلال
التدريس التشخيصى العلاجي
يمكن القول إن جوهر فكرة التدريس التشخيصي العلاجي مقتبسة ابتداء من بعض ممارسات الطبيب المعالج مع المريض، إذ تبدأ هذه الممارسات بقيامة أي الطبيب بعملية تشخيص Diagnosis، يتعرف من خلالها على المرض وتحديد أسبابه إن تيسر ذلك مستخدمًا في ذلك أساليب التشخيص وأدواته، ومنها: ملاحظة المريض وسماع شكواه، الأجهزة الطبية (جهاز قياس ضغط الدم، جهاز تخطيط القلب......إلخ)، تقارير التحاليل الطبية، ثم يلي ذلك كتابة وصفة العلاج لهذا المريض، وبعدما يتعاطى المريض الدواء فإنه يراجع الطبيب عادة فيعيد الطبيب التشخيص بهدف معرفة مدى تأثير الدواء، وما حدث من تقدم في حالة المريض الصحية، فإذا شفي المريض بأمر الله كان الأمر خيرًا وبركة، وقد يستقر الحال عند هذا الحد، أما إذا ظل المريض يعاني أعراض المرض نفسها أو بعضها فيوصف له علاج جديد أو يعدل من العلاج السابق على حسب الحاجة وما عليه سوى مراجعة الطبيب مرة أخرى، حتى يقوم بإعادة التشخيص وربما إعادة وصف العلاج مرة ثانية، وهكذا تستمر دورة التشخيص والعلاج إلى أن يشفى المريض تمامًا أو تخف عنه أعراض المرض لأقل درجة ممكنة، هذا ويظل عدم حدوث توفيق من الطبيب في تشخيص المرض ووصف العلاج أمرًا واردًا في بعض الأحيان.
إدارة القدرات من خلال التدريس المتمايز
هو تعليم يهدف إلى رفع مستوى جميع الطلبة، وليس الطلبة الذين يواجهون مشكلات في التحصيل، إنه سياسة مدرسية تأخذ باعتبارها خصائص الفرد وخبراته السابقة، وهدفها زيادة إمكانات وقدرات الطالب، إن النقطة الأساسية في هذه السياسة هي: توقعات المعلمين من الطلبة، واتجاهات الطلبة نحو إمكاناتهم وقدراتهم.
ويرتبط مفهوم التعليم المتمايز بما يلي:
- استخدام أساليب تدريس تسمح بتنوع المهام والنتاجات التعليمية.
- إعداد الدروس وتخطيطها وفق مبادئ التعليم المتمايز.
- تحديد أساليب التعليم المتمايز وفق كفايات المعلمين.
المهارة الرابعة: دعم الاقتصاد المعرفي
المستقبل زاخر بالمعارف التي لا حصر ولا عد لها، وعلى الإنسان العمل والتفكير متعاونًا أو متنافسًا للكشف عنها وتوظيفها والاستفادة منها، فالمستقبل في التنمية الاقتصادية مرهون بدرجة كبيرة بقدر ما تمتلك الأمم من معارف وقدر ما تستطيع أن تدير هذه المعارف في بانوراما الإنتاج.فلقد تبدلت معادلة الإنتاج، الشكل رقم (7).
ويرجع ذلك لظهور مفهوم الاقتصاد المعرفي (هو الاقتصاد الذي يلعب فيه توليد المعرفة واستثمارها الدور الأكبر في إيجاد الثروة)، في عصر الثورة الصناعية أوجدت الثروة عبر استثمار الآلة عوضًا عن الإنسان، وفي الاقتصاد الجديد توجد الثروة من الاستثمار في المعرفة وخاصة التكنولوجيا المتقدمة). ومن أهم ظواهر الاقتصاد العالمي المبني على المعرفة:
- سرعة توليد ونشر واستثمار المعرفة.
- زيادة في البيئة التنافسية العالمية.
- زيادة أهمية ودور المعرفة والابتكار في الأداء الاقتصادي وفي تراكم الثروة.
- تحرير التجارة، وتزايد نسبة التكنولوجيا في الصادرات.
- عولمة الإنتاج.
- زيادة دور التعليم والتدريب.
ويكمن دور النظام التربوي في تهيئة الطلاب لمجتمع الاقتصاد المعرفي:
- تنمية القدرة على التعلم واكتساب المعرفة وإنتاجها وتبادلها.
- تنمية القدرة على البحث والاكتشاف والابتكار.
- اكتشاف قدرات الفرد ورعايتها وتنميتها.
- تمكين الفرد من توظيف تكنولوجيا المعلومات والاتصالات..
- تنمية القدرة على الفهم المتعمق والتفكير الناقد والتحليل والاستنباط.
- تعزيز القدرة على إحداث التغيير والتطوير.
- تعزيز القدرة على الحوار الإيجابي والنقاش الهادف وتقبل آراء الآخرين.
- تمكين الفرد من الاختيار السليم الذي يحقق رفاهيته في ظل مجتمع متماسك وتوسيع الخيارات والفرص المتاحة أمامه.
وفي ضوء النقاط السابق ذكرها تتحدد أولويات التطوير التربوي المنشود في التعلم المستمر مدى الحياة والاستجابة لتطوير الاقتصاد وتلبيه متطلباته، والوصول إلى تكنولوجيا المعلومات والاتصالات الحديثة والتعلم النوعي / تحسين نوعية التعلم.
دور معلم القرن الحادي والعشرين
لدعم الاقتصاد المعرفي
تتحدد الأدوار المطلوبة من معلم القرن الحادي والعشرين لدعم الاقتصاد المعرفي من خلال إتقان أداء مجموعة من الأدوار منها:
- تحقيق التعلم الفعال بأقصى مشاركة للطلبة.
- التنويع في أساليب التعلم لتوائم الحاجات المتنوعة للطلبة، وتراعي الفروق الفردية بينهم.
- استخدام تطبيقات من الحياة اليومية بحيث تربط ما يتعلمه الطلبة بحياتهم العملية، وبما يمكن البناء عليه مستقبلًا.
- الاستجابة لمستويات عليا من الأسئلة (مثل: التطبيق، التحليل، التركيب، التقويم).
- قضاء وقت أكبر في مناقشة النشاطات التي ينخرطون فيها بأفكارهم.
- أن تتضمن الأنشطة مناقشة واستخدام مواد تكنولوجيا المعلومات والاتصالات وغيرها التي تساعد على إدراك المفهوم الجديد.
- تقديم أنشطة تعزز التعلم من خلال العمل.
- تطوير أنشطة لتنمية روح العمل الجماعي واستخدام المهارات البين شخصية إضافة إلى أنشطة التعلم الفردية.
- استخدام فعاليات وخبرات تشجع الطلبة على التعاون.
- توفير العروض التمثيلية المرئية والشفوية والمجسمة.
المهارة الخامسة: إدارة تكنولوجيا التعليم
في ظل ثورة المعلومات والتقدم التكنولوجي، لم يعد للمعلم النمطي الذي عهدناه كنموذج للقدرة العالية على تحصيل العلم بهدف توصيلها أو نقلها لعقول التلاميذ، مكانًا يذكر في النظم التعليمية الحديثة، حيث أصبح تطبيق الفكر العلمي والأساليب التكنولوجية الحديثة في تصميم الخطط والبرامج التعليمية ضرورة تحتمها المرحلة الحالية التي يمر بها قطاع التعليم والذي يعاني من أزمة حقيقية تتمثل في عدة مشكلات أهمها برامج إعداد المعلم بصورتها الحالية، والتي تحتاج إلى تطوير وتحديث في الفكر والاستراتيجيات القائمة عليها.
أن المتوقع لمعلم القرن الحادي والعشرين أن يكون الرجل الذي يدير تكنولوجيا التعليم فهو الذي يحكم على جودة البرامج التعليمية، بل ويشارك في إنتاجها باعتباره المرجعية الأكاديمية للمواد التعليمية، فالمعنى المقصود أن يشارك معلم القرن الواحد والعشرين في إدارة منظومة تعليمية لتقديم البرامج التعليمية أو التدريبية في أي وقت وفي أي مكان باستخدام تقنيات المعلومات والاتصالات التفاعلية مثل الإنترنت , الإذاعة, القنوات المحلية أو الفضائية,الأقراص الممغنطة, التليفزيون, البريد الإلكتروني, أجهزة الكمبيوتر, المؤتمرات عن بعد وذلك لتوفير بيئة تعليمية تفاعلية متعددة المصادر بطريقة متزامنة في الفصل الدراسي أو غير متزامنة عن بعد دون الالتزام بمكان محدد اعتمادًا على التعلم الذاتي والتفاعل بين المتعلم والمعلم.
أهمية التعليم الإلكتروني
لمعلم القرن الحادي والعشرين
· الحاجة للتنمية المهنية: كما أن التعلم الإلكتروني وسيلة يستخدمها المعلم لتنمية مهارات طلابه، وتنمية قدراتهم التحصيلية؛ فإن التعلم الإلكتروني وسيلة لتنمية مهارات المعلم وقدراته المهنية؛ إذ يقدم للمعلم من خلال الإنترنت مثلاً - مصادر عديدة وبرامج وبحوث ودراسات تساعده على تنمية مهاراته وقدراته.
· الحاجة للدعم المعلوماتي: المعلم بحاجة دائمة لتطوير معلوماته، والاطلاع على الجديد في مجال تخصصه، والتعلم الإلكتروني قد يساعده على ذلك بشكل جيد وكبير، فمن خلال الأوجه المتعددة للتعلم الإلكتروني يمكن للمعلم أن يطلع على الجديد في مجال تخصصه، فهناك عدد من البرامج التلفزيونية، والكمبيوترية المعدة لذلك، ومنها مواقع الإنترنت المتعددة التي تقدم له.
· الحاجة لتأكيد نجاح التدريس: يحتاج المعلم لمصادر عديدة لتأكيد نجاح عمليات التدريس التي يقوم بها، ويقدم له التعلم الإلكتروني عددًا من المصادر التي تتيح له ذلك من مصادر لطلابه، وقوائم لتقويم أدائه وأداء طلابه، كما يمكن أن يستخدم الإنترنت في ذلك لتلقي عدد من التغذية الراجعة من غيره، أو تقديمها لطلابه بشكل يضمن له الخصوصية في الأداء، ومن خلال الإنترنت يمكن للمتعلم الاطلاع على مواقع تساعده في أداء مهامه بدقة.
· الحاجة للوقت: المعلم في حاجة لوقته، خصوصا مع تزايد مهامه وأدواره، ومن ثم فإن التعلم الإلكتروني يساعده على جمع معلوماته، بل ويقدم له عددًا من مخططات الدروس الجاهزة التي تساعده على توفير وقته لمتابعة أعمال طلابه داخل وخارج المدرسة من المواقع التي تقدم مخططات دروس للمعلم.
· تغير عمليات التدريس وأدوار المعلم: تطور النظريات التربوية جعل عمليات التدريس وأدوار المعلم تتغير، وأصبح التمركز في التدريس يتحول للطلاب، وأصبح دور المعلم تيسير تعلم الطلاب، ويقدم له التعلم الإلكتروني مساعدات كثيرة للقيام بدوره، وتغيير عمليات التدريس.
ولضمان نجاح صناعة التعليم الإلكتروني يجب عمل ما يلي:
- التعبئة الاجتماعية لدى أفراد المجتمع للتفاعل مع هذا النوع من التعليم.
- ضرورة مساهمة التربويين في صناعة هذا التعليم.
- توفير البنية التحتية لهذا النوع من التعليم وتتمثل في إعداد الكوادر البشرية المدربة، وكذلك توفير خطوط الاتصالات المطلوبة التي تساعد على نقل هذا التعليم من مكان لآخر.
- وضع برامج لتدريب الطلاب والمعلمين والإداريين للاستفادة القصوى من التقنية. (فرج، 2005).
المهارة السادسة: إدارة فن عملية التعليم
نال التعلم حظه من التربويين لعهود طويلة وقامت لأجله النظريات التي تصف التعلم والعوامل المؤثرة فيه باعتبار أن التعلم يصف التغير الذي يحدث في سلوك المتعلم تعبيرًا عن تعلمه، ومن النظريات التي أولت جهدها بدراسة التعلم نظريات التعلم الإشراطي (بافلوف) ونظرية المجال (كيرت ليفن) والنظرية السلوكية (واطسن)، ونظرية المحاولة والخطأ (ثورنديك)، وأفرز ذلك كله اعتكاف التربويين حول الأهداف السلوكية وتقييم الأهداف السلوكية، وفي ظل هذا التوجه سقط سهوًا أو عمدًا الاهتمام بالتعليم باعتبار أنه يصف العملية التي تؤدي إلى التعلم، كما سقط أيضًا الاهتمام بكيفية حدوث التعلم في عقلية المتعلم.
وشهدت نهاية القرن العشرين ما هو أشبه بالثورة من خلال ظهور النظريات التي تؤكد على العملية لا على المنتج، أي تؤكد على التعليم دون أن تضحى بالتعلم، وكانت النظرية البنائية خير تمثيل لهذا التوجه والتي تستقي أفكارها من أعمال برونر (التعلم بالاكتشاف) وأورابل (التعلم ذو المعنى) وبياجيه (مراحل النمو العقلي)، حيث تركز النظرية على المعرفة السابقة للمتعلم، وكيفية وضع المتعلم في مواقف التعلم النشيط باعتبار أنه باني معرفته بنفسه لإزالة التناقض أو إكمال النقص المعرفي، وكيفية حدوث الترابط بين المعرفة الجديدة والمعرفة السابقة مما يؤدي لإعادة تشكيل البنية المعرفية للمتعلم.
والمطلوب من معلم القرن الحادي والعشرين أن يرعى كيفية إدارة الموقف التعليمي (عملية التعليم) دون الاكتفاء برصد النتائج، وهو أمر يعنى مزيدًا من التحديات على عاتق المعلم.
المهارة السابعة: إدارة منظومة التقويم
مع أهمية التقويم في تحقيق جودة التعليم إلا أنه يُلاحظ في كثير من الأنظمة التعليمية أنه ليس جزءًا من عملية التعليم بل هو منفصل عنها، حيث إنه يأتي في الغالب بعد عملية التدريس ولا يؤثر فيها، بل قد ُيختزل في الاختبارات كوسيلة أساسية أو وحيدة لتقويم التحصيل، مع أن الهدف الرئيس للتقويم التربوي هو ضمان جودة العملية التربوية ونواتجها، ذلك لأن الغرض من جهود المؤسسات التربوية هو إكساب الطلاب والطالبات، وبقية قطاعات المجتمع، العلوم والمعارف والمهارات والسلوكيات والاتجاهات, التي سبق تحديدها بوضوح من خلال السياسات التعليمية، والخطط الدراسية, والمناهج والبرامج المختلفة. ولذلك فإن التقويم يركز على جودة النتائج النهائية، ومن هنا فإن التقويم سواءٌ أكان تقويمًا مستمرًا تكوينيًا (Formative) أم تقويمًا نهائيًا(Summative) شرط رئيس لتحقيق الجودة في التعليم. وعليه يتوقع أن تشهد منظومة التقويم في القرن الحادي والعشرين العديد من التحولات أنظر الجدول رقم(
.
معايير تقييم أداء المعلم بالقرن الحادي والعشرين
لقد شهد المربون بيئة مهنية سريعة التغير في التدريس وفي تدريب المعلم. وقدر كبير من هذا التغير نتج عن تزايد تأثير المعايير المستندة إلى المعرفة في السياسة والممارسة.
وتستند سياسية المجلس القومي للتعليم في الولايات المتحدة إلى خمس قضايا محورية عن المعلمين:
1- المعلمون مسؤولون عن الطلاب وتعليمهم، وأن عليهم أن يكرسوا جهودهم لتيسير حصول جميع الطلاب على المعرفة. وأنهم يعدلون ممارساتهم في ضوء ميول الطلاب وقدراتهم ومهاراتهم وخلفياتهم، وأنهم يفهمون كيف ينمو الطلاب وكيف يتعلمون.
2- المعلمون يعرفون الموضوعات والمواد الدراسية التي يدرسونها وكيف يقدمونها للطلاب. إن المعلمين المؤهلين يتوافر لهم فهم خصب للموضوعات والمواد التي يدرسونها ويعرفون كيف يكشفون عن هذه المواد والموضوعات للطلاب، وهم على وعي بالمعرفة التي يجلبها الطلاب معهم عادة والمدركات، أي المفاهيم السابقة، وهم يخلقون لتلاميذهم مسارات متعددة للمعرفة، ويستطيعون أن يدرسوهم كيف يحددون مشكلاتهم ويطرحونها ويحلونها.
3- المعلمون مسؤولون عن إدارة تعلم الطالب من خلال الأساليب التعليمية المنوعة، ويعرفون التوقيت المناسب لاستخدام كل منها. وهم يعرفون كيف يثيرون دوافع مجموعات الطلاب ويدمجونهم في الأنشطة المختلفة. وهم يستخدمون طرقًا عديدة لقياس نمو الطالب ويستطيعون أن يشرحوا ويفسروا أداءه لآبائهم.
4- يفكر المعلمون تفكيرًا نسقيًا عن مهماتهم ويتعلمون من الخبرة. والمعلمون المؤهلون يفحصون ممارستهم ويسعون للحصول على مشورة ونصح الآخرين، ويفيدون من البحث التربوي لتعميق معرفتهم، وتحسين حكمهم، وتعديل وتكييف تدريسهم بما يتلاءم مع النتائج الجديدة والأفكار.
5- المعلمون كأعضاء في مجتمعات التعلم هم المعلمون المؤهلون يعملون متعاونين مع المهنيين الآخرين: وهم يستخدمون إمكانيات المدرسة والمجتمع لصالح طلابهم. ويعملون على نحو مبتكر وتعاوني مع الآباء ويشركونهم في العلم بالمدرسة.
الخلاصة والاستنتاجات
إﻧﻨﺎ ﻣﻘﺒﻠﻮن ﻋﻠﻰ ﻋﺼﺮ ﺟﺪﻳﺪ ﻳﺤﻤﻞﺁﻓﺎﻗﺎ وﺗﺤﺪﻳﺎت ﺟﺪﻳﺪة، واﻟﻤﻌﺮﻓﺔ ﻓﻴﻪ ﻟﻴﺴﺖ ﻣﺠﺮد وسيلة، إﻧﻬﺎ ﻏﺎﻳﺔ ﻓﻲ ﺣﺪ ذاﺗﻬﺎ، وهذا ﻳﻔﺮض ﻋﻠﻰ اﻟﻤﻌﻠﻤﻴﻦ أعباء كبيرة ﻹﻋﺪاد ﺟﻴﻞ ﻗﺎدر ﻋﻠﻰ اﻟﺘﻌﺎﻣﻞ ﻣﻊ اﻟﻤﻌﺎرف اﻟﺠﺪﻳﺪة واﻻﺳﺘﻔﺎدة ﻣﻨﻬﺎ ﻟﻤﻮاﺟﻬﺔ ﺗﺤﺪﻳﺎت اﻟﻤﺴﺘﻘﺒﻞ وﻣﺘﻄﻠﺒﺎت اﻟﻌﻮﻟﻤﺔ واﻻﻧﻔﺘﺎح واﻟﺘﻄﻮر واﻟﻨﻤﺎء, ﺑﻞ ﻟﻺﺳﻬﺎم ﻓﻲ ﺑﻨﺎء هذا اﻟﻤﺴﺘﻘﺒﻞ واﻟﺘﺄﺛﻴﺮ ﻓﻴﻪ بدلًا ﻣﻦ أن ﻧﻜﻮن ﻣﺘﻠﻘﻴﻦﻷﺣﺪاﺛﻪ وﺗﺤﻮﻻﺗﻪ, وﻳﺘﻄﻠﺐ ذﻟﻚ التركيز ﻋﻠﻰ اﻟﻄﺎﻟﺐ ﻣﻨﺬ دﺧﻮﻟﻪ إﻟﻰ اﻟﻤﺪرﺳﺔ ﻟﺘﻨﻤﻴﺔﻗﺪراﺗﻪ اﻟﻤﻌﺮﻓﻴﺔ واﻟﻨﻔﺴﻴﺔ واﻻﻧﻔﻌﺎﻟﻴﺔ ﻣﻊ وﺿﻊ اﻟﻘﻴﻢ اﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ واﻷﺧﻼﻗﻴﺔ واﻟﺤﺲ اﻟﻮﻃﻨﻲ اﻟﺬي ﻳﻜﺘﺴﺐ ﻣﻨﺬ اﻟﻄﻔﻮﻟﺔ ﻓﻲ اﻟﺼﺪارة.
أﻣﺎم كل هذه اﻟﻤﺘﻐﻴﺮات وﻓﻲ ﻣﻮاﺟﻬﺔﺗﻠﻚ اﻟﺘﺤﺪﻳﺎت كيف ﻧﻌﻠﻢ أﺑﻨﺎءﻧﺎ اﻻﺳﺘﺠﺎﺑﺔ ﻟﻠﺘﻐﻴﻴﺮ واﻟﺘﺨﻄﻴﻂ ﻟﻠﻤﺴﺘﻘﺒﻞ؟ وﻣﺎ هو دور اﻟﺘﺮﺑﻴﺔ واﻟﻤﺮﺑﻴﻦ؟ وﻣﻦ هو اﻟﻤﻌﻠﻢ اﻟﻘﺎدر ﻋﻠﻰ إدارة التغيير؟
ﻧﺴﺘﻨﺘﺞ ﻣﻤﺎ ﺳﺒﻖ أن اﻟﻄﺎﻟﺐ واﻟﻤﻌﻠﻢ هما ﺟﻮهر اﻟﻌﻤﻠﻴﺔ اﻟﺘﺮﺑﻮﻳﺔ اﻟﺘﻌﻠﻴﻤﻴﺔ وﻣﺤﻮرها، وأن هؤﻻء اﻟﻤﻌﻠﻤﻴﻦ ﻳﻘﻊ ﻋﻠﻰ ﻋﺎﺗﻘﻬﻢﺗﻨﺸﺌﺔ اﻟﻄﻠﺒﺔ ﻟﻠﻌﻴﺶ وﻗﻴﺎدة اﻟﺘﻐﻴﻴﺮ ﻓﻲ اﻟﻘﺮن اﻟﺤﺎدي واﻟﻌﺸﺮﻳﻦ، اﻟﺬي ﻳﺘﺴﻢ ﺑﺴﺮﻋﺔ اﻟﺘﻄﻮر اﻟﺘﻜﻨﻮﻟﻮﺟﻲ وﺿﺨﺎﻣﺘﻪ، وﻋﻮﻟﻤﺔ اﻟﻨﺸﺎط الإﻧﺴﺎﻧﻲ واﻻﻧﻔﺘﺎح اﻟﺸﺪﻳﺪ ﻣﻊ ﺗﻐﻴﺮﻣﻔﺎهيم اﻟﺰﻣﺎن واﻟﻤﻜﺎن، ﻣﻤﺎ ﻳﺘﻄﻠﺐ اﻟﺘﺮكيز ﻋﻠﻰ اﻋﺪاد اﻟﻤﻌﻠﻤﻴﻦ الإﻋﺪاد اﻟﺠﻴﺪ وأن ﻳﻨﻈﺮ ﻟﻤﻌﻠﻢ القرن الحادي والعشرين ﺑﻨﻈﺮﻩ ﺷﻤﻮﻟﻴﺔ ﺗﺮاﻋﻲ اﻟﺠﻮاﻧﺐ اﻟﻨﻔﺴﻴﺔ واﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ واﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ واﻟﻤﺎدﻳﺔ واﻟﺘﻜﻨﻮﻟﻮﺟﻴﺔ.... إﻟﺦ، ﻣﻊ ﺗﻮﻓﻴﺮ كل اﻟﻤﻮارد والإﻣﻜﺎﻧﺎت ﻟﺘﺄهيلهم وﺗﻬﻴﺌﺔ اﻟﺒﻴﺌﺔ اﻟﺘﻌﻠﻴﻤﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﻤﺎرﺳﻮن أﻋﻤﺎﻟﻬﻢ ﻓﻴﻬﺎ وﻣﻦ ﺧﻼﻟﻬﺎ. وﻧﺴﺘﻨﺘﺞﻣﻤﺎ ﺳﺒﻖ أن ﻣﻼﻣﺢ ﻣﻌﻠﻢ القرن الحادي والعشرين وأدوارﻩ ﺗﺘﻤﺜﻞ ﻓﻲ اﻣﻮر ﻋﺪة ﻟﻌﻞ أهمها:
- ﻳﺪرك أهمية اﻟﻤﻬﻨﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﻤﺎرﺳﻬﺎ وﻗﺪﺳﻴﺔ رﺳﺎﻟﺘﻬﺎ.
- ﻳﺸﺎرك ﻓﻲ اﺗﺨﺎذ اﻟﻘﺮارات اﻟﻤﺘﺼﻠﺔ ﺑﺎﻟﺘﻌﻠﻴﻢ وإﻋﺪاد المناهج واﻟﻤﻮاد اﻟﺪراﺳﻴﺔ وﻟﻴﺲ متلقيًا منفذًا ﻟﻬﺎ ﻓﻘﻂ.
- أن ﻳﻜﻮن قادرًا ﻋﻠﻰ ﻣﺪ اﻟﻌﻤﻠﻴﺔ اﻟﺘﻌﻠﻴﻤﻴﺔ ﺧﺎرج أﺳﻮار اﻟﻤﺆﺳﺴﺔ اﻟﺘﻌﻠﻴﻤﻴﺔ, ﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﺮﺑﻂ ﺑﻴﻦ اﻟﻤﻮاد اﻟﺘﻲ ﺗﺪرس وﺑﻴﻦ اﻟﺤﻴﺎة اﻟﻴﻮﻣﻴﺔ ﻟﻠﺘﻼﻣﻴﺬ، ﺣﻴﺚ ﻳﺄﺗﻲ اﻟﻄﺎﻟﺐ ﻟﻠﻤﺪرﺳﺔ واﻟﻌﺎﻟﻢ ﺑﻴﻦ ﻳﺪﻳﻪ؛ ﻳﺤﻤﻞ قدرًا هائلًا ﻣﻦ اﻟﻤﻌﻠﻮﻣﺎت، وكثير ﻣﻦ ﺑﺼﻤﺎت اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﺘﻲ ﻳﺘﻠﻘﺎها ﺑﺸﻜﻞ ﺳﺮﻳﻊ ﺟﺬاب ﻣﻦ ﻣﺤﻴﻄﻪ وﺑﺸﺘﻰ اﻟﻮﺳﺎﺋﻞ؛ ﺗﻜﻮن ﺣﺎﺿﺮة ﻣﻌﻪ ﺑﻐﺮﻓﺔ اﻟﺪرس ﺑﻜﻞ إﻳﺠﺎﺑﻴﺎﺗﻬﺎ وﺳﻠﺒﻴﺎﺗﻬﺎ وﺗﺤﺪﻳﺎﺗﻬﺎ.
- ﻳﺪرك ﻣﻮﻗﻌﻪ وأهمية دورﻩ ﻓﻲ ﻋﺼﺮ اﻟﻌﻮﻟﻤﺔ واﻻﻧﻔﺘﺎح، وأﻧﻪ ﺟﺰء ﻣﻦ أﺳﺮﺗﻪ وﻣﺪرﺳﺘﻪ اﻟﺘﻲ هي ﺟﺰء ﻣﻦ ﻣﺠﺘﻤﻌﻪ اﻟﻤﺤﻠﻲ وﻣﻦ ﺛﻢ وﻃﻨﻪ الأكبر اﻟﺬي هو ﺟﺰء ﻣﻦ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﻌﺮﺑﻲ واﻹﺳﻼﻣﻲ ﺛﻢ اﻟﻌﺎﻟﻢ أﺟﻤﻊ، ﻟﻜﻲ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ أن ﻳﺤﻘﻖ اﻟﺘﻮازن ﺑﻴﻦ ﻣﻘﻮﻣﺎت اﻟﺸﺨﺼﻴﺔ اﻟﻮﻃﻨﻴﺔ واﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﻣﻦ ﺟﻬﺔ واﻻﻧﻔﺘﺎح ﻋﻠﻰ اﻟﺜﻘﺎﻓﺎت اﻟﻌﺎﻟﻤﻴﺔ ﻣﻦ ﺟﻬﺔ أﺧﺮى.
- ﻳﺪرك أهمية اﻟﺘﻐﻴﻴﺮ اﻟﺠﺬري اﻟﺬي ﻃﺮأ ﻋﻠﻰ ﻃﺒﻴﻌﺔ دورﻩ وﻣﺴﺆوﻟﻴﺎﺗﻪ؛ ﺣﻴﺚ ﻟﻢ ﻳﻌﺪ اﻟﻤﺼﺪر اﻟﻮﺣﻴﺪ ﻟﻠﻤﻌﺮﻓﺔ واﻟﻤﻌﻠﻮﻣﺎت، وﻟﻢﻳﻌﺪ دورﻩ مقتصرًا ﻋﻠﻰ ﺗﻠﻘﻴﻦ اﻟﻄﻠﺒﺔ ﻟﻬﺬﻩ اﻟﻤﻌﻠﻮﻣﺎت - وهم ﻧﻮاة اﻟﺘﻐﻴﻴﺮ واﻟﺘﻄﻮﻳﺮ واﻟﺘﻘﺪم - ﺑﻞ أﺻﺒﺢ اﻟﻤﻴﺴﺮ ﻟﻌﻤﻠﻴﺔ اﻟﺘﻌﻠﻢ اﻟﺬاﺗﻲ واﻟﻤﺴﺎﻋﺪ ﻓﻲ اﻟﻮﺻﻮل إﻟﻰ اﻟﻤﻌﻠﻮﻣﺎت.
- أن ﻳﻜﻮن ﺧﺒﻴﺮًا ﻓﻲ ﻃﺮق اﻟﺒﺤﺚ ﻋﻦ اﻟﻤﻌﻠﻮﻣﺔ؛ وﻟﻴﺲ اﻟﺨﺒﻴﺮ ﻓﻲ اﻟﻤﻌﻠﻮﻣﺔ ﻧﻔﺴﻬﺎ، ﻓﻘﺪ ﺗﺤﻮل اﻟﻤﻌﻠﻢ ﻣﻦ ﺧﺒﻴﺮ ﻳﻌﻠﻢ كل شيء إﻟﻰ ﻣﺎ ﻳﺸﺒﻪ اﻟﺨﺒﻴﺮ اﻟﺴﻴﺎﺣﻲ ﻓﻲ ﻋﺎﻟﻢ ﻳﻌﺞ ﺑﺎﻟﻤﻌﻠﻮﻣﺎت.
- ﻳﺘﻌﻴﻦ ﻋﻠﻰ ﻣﻌﻠﻢ القرن الحادي والعشرين أن ﻳﺪرك أﻧﻪ ﻓﻲ ﻋﺼﺮ ﺛﻮرة اﻟﻤﻌﻠﻮﻣﺎت وﺗﻘﻨﻴﺎت اﻻﺗﺼﺎل اﻟﻤﺘﻄﻮرة، ﻟﻢ ﻳﻌﺪ اﻟﻤﺼﺪر اﻟﻮﺣﻴﺪ اﻟﺬي ﻳﺘﻠﻘﻰ ﻣﻨﻪ اﻟﻤﺘﻌﻠﻢ؛ وإﻧﻤﺎ هناك وﺳﺎﺋﻞ أﺷﺪ تأثيرًا وأﻋﻤﻖ أثرًا وﻳﻘﺘﻀﻲ ذﻟﻚ ﻣﻨﻪ اﻻﺳﺘﺨﺪام اﻹﺑﺪاﻋﻲ واﻟﻮاﻋﻲ واﻟﺘﻮﻇﻴﻒ اﻟﻔﺎﻋﻞ ﻟﻬﺬﻩ اﻟﻮﺳﺎﺋﻞ ﻓﻲ ﺧﺪﻣﺔ اﻟﻌﻤﻠﻴﺔ اﻟﺘﺮﺑﻮﻳﺔ.
- ﻳﺘﻮﻗﻊ ﻣﻦ ﻣﻌﻠﻢ القرن الحادي والعشرين أن ﻳﺴﺘﻨﺪﻓﻲ ﻋﻤﻠﻪ وﺳﻠﻮكه وﻣﻤﺎرﺳﺎﺗﻪ إﻟﻰ ﻗﺎﻋﺪة ﻓﻜﺮﻳﺔ وﺗﺮﺑﻮﻳﺔ ﻣﺘﻴﻨﺔ، وﻋﻘﻴﺪة إﻳﻤﺎﻧﻴﺔ ﻗﻮﻳﺔﺗﻨﺒﺜﻖ ﻣﻦ اﻹﻳﻤﺎن ﺑﺎﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ واﻟﻔﻬﻢ الصحيح ﻟﻺﺳﻼم، واﻹدراك اﻟﺤﻘﻴﻘﻲ ﻟﻪ كنظام ﻗﻴﻤﻲﻣﺘﻜﺎﻣﻞ ﻳﻌﻠﻲ ﻣﻜﺎﻧﺔ اﻟﻌﻘﻞ؛ ﺑﺤﻴﺚ ﻳﻨﻄﻠﻖ ﻣﻌﻠﻢ القرن الحادي والعشرين ﻣﻦ هذه اﻷﺳﺲ اﻟﻔﻜﺮﻳﺔ ﻓﻲ ﺗﻌﺎﻣﻠﻪ ﻣﻊ ذاﺗﻪ وﻃﻠﺒﺘﻪ وﻣﺪرﺳﺘﻪ وﻣﺠﺘﻤﻌﻪ اﻟﻤﺤﻠﻲ واﻟﻌﺎﻟﻤﻲ.
- اﻟﺘﻌﻠﻢ ﻣﺪى اﻟﺤﻴﺎة ﻳﻘﻮد إﻟﻰ ﻣﺠﺘﻤﻊ اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ اﻟﺬي ﺗﺘﺎح ﻓﻴﻪ ﻓﺮص اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ ﻓﻲ ﺷﺘﻰ اﻟﻤﺠﺎﻻت؛ ﺳﻮاء ﻓﻲ اﻟﻤﺪرﺳﺔ، أو اﻟﺤﻴﺎة اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ، أو اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ، أو اﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ، وﻷن اﻟﻤﻌﻠﻤﻴﻦ أكثر ﻓﺌﺎت اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ اﻟﻤﻌﻨﻴﺔ ﺑﻬﺬا اﻷﻣﺮ ﻓﻬﻢﻣﻜﻠﻔﻮن ﺑﺮﻓﻊ ﻣﺴﺘﻮى ﻣﻌﺎرﻓﻬﻢ وﺗﻄﻮﻳﺮ ﻗﺪراﺗﻬﻢ ﻋﻠﻰ اﻟﺘﻌﺎﻣﻞ ﻣﻊ ﺗﻜﻨﻮﻟﻮﺟﻴﺎ اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ واﻟﻤﻌﻠﻮﻣﺎت وﺗﺤﺪﻳﺜﻬﺎ ﺑﺎﺳﺘﻤﺮار.
وأخيرًا ﻓﺈن اﻟﺘﺮﺑﻴﺔ ﻓﻲ ﺟﻮهرها ﻋﻤﻠﻴﺔ ﻣﺴﺘﻘﺒﻠﻴﺔ، وهي اﻷداة اﻟﺘﻲ ﺗﻌﺪ أﺟﻴﺎل اﻟﻴﻮم ﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﻐﺪ، ﻓﺈذا أردﻧﺎ أن ﻧﺤﺪد ﻣﻦ هو ﻣﻮاﻃﻦ اﻟﻤﺴﺘﻘﺒﻞ وﻗﺎﺋﺪ اﻟﻤﺴﺘﻘﺒﻞ وﻣﺪﻳﺮ اﻟﻤﺴﺘﻘﺒﻞ وﻋﺎﻣﻞ اﻟﻤﺴﺘﻘﺒﻞ، ﻓﺈن ﻋﻠﻴﻨﺎ أن ﻧﺤﺪد أولًا ﻣﻦ هو ﻣﻌﻠﻢ اﻟﻤﺴﺘﻘﺒﻞ، ﺣﻴﺚ ﻳﻌﺪ اﻟﻌﻨﺼﺮ اﻷﻗﻮى واﻟﻔﻌﺎل ﻓﻲ اﻟﻌﻤﻠﻴﺔ اﻟﺘﺮﺑﻮﻳﺔ، وﺣﺘﻰ ﻳﻜﻮن ﻟﻠﺘﺮﺑﻴﺔ واﻟﻤﻌﻠﻢ اﻟﺪور اﻟﺒﺎرز ﻓﻲ ﺻﻨﻊ اﻟﻤﺴﺘﻘﺒﻞ، ﻻﺑﺪ أن ﻧﺮاﻋﻲ اﻟﻈﺮوف اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ واﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ واﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ واﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ واﻟﺘﻜﻨﻮﻟﻮﺟﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﻌﻤﻞ ﺿﻤﻨﻬﺎ، وأن ﻧﺮﺑﻲ اﻷﺟﻴﺎل ﺗﺮﺑﻴﺔ ﺧﻼﻗﺔ ﺗﻔﺠﺮ ﻗﺪرات اﻟﻤﺮء اﻟﻜﺎﻣﻨﺔ وﻃﺎﻗﺎﺗﻪ اﻹﺑﺪاﻋﻴﺔ, وﺗﺆهلهم ﻷﺧﺬ اﻟﺪور اﻟﻘﻴﺎدي ﻓﻲ اﻟﺘﻐﻴﻴﺮ.