تقسيم الإمبراطورية العثمانية بموجب معاهدة سيفر
اليوم، وفي عصرنا الحاضر كيف تبدو صورة المشهد على ارض الواقع:
1 ـ في الوطن العربي جسم غريب (الكيان الإسرائيلي)، في ظل كمّ كبير وواسع من الاختلاف الحاصل ما بين الدول العربية حول طبيعة التعامل مع هذا الكيان، فهناك من قام بالتطبيع معه، وهناك من رفض الاعتراف به، وهناك من هو في حالة حرب معه. وهذا ما أراده واضعو “وثيقة كامبل” اساساً، وكان بنداً أولاً في استراتيجيتهم.
2 ـ اختلاف وخلاف ونزاع عربي مستحكم منذ عقود دونما أسباب جوهرية فعلية، بل استناداً الى رؤية حكام وأنظمة، لا تمت بصلة الى طموحات الشعوب ونظرتها الى عناصر قوتها.
3 ـ الوحدة ما بين الدول العربية والتعاون والاندماج مفقودة وغائبة عن البرامج وجداول الاعمال، بل ان الانقسام والبحث عن اسباب ومبررات له هي اللغة السائدة التي يروج لها من المنابر الاعلامية التابعة لاعداء الامة.
4 ـ حجم التجارة البينية ما بين الدول العربية بعضها البعض قياساً بالتجارة البينية ما بين الدول العربية الأوروبية يشكل صدمة كبيرة بسبب التفاوت في حجم هذه النسب.
5ـ التفاوت العلمي الحاصل حتى بين الدول العربية والاسلامية مبني على استسهال بعض الدول للتبعية والخنوع مقابل الحصول على فتات تقنيات وتكنولوجية (المفتاح باليد)، دون تأسيس لاعداد كوادر بشرية متقدمة وبناء لأرضية علمية مستقلة تسهم في التطوير والتقدم والرقي والخروج من دائرة التبعية الدائمة.
اخيراً، هل يصح دائماً ان نرى مخططات تقسيم اوطاننا في الوثائق ونقبل بها وكأنها قدر محتوم؟
هل نترك للدسائس والمؤامرات التي تدبر في ليل المؤتمرات السرية والعلنية ان تتحكم بمصير شعوبنا؟
هل ننتظر سكين التقسيم ووثائقه لتمعن في حدودنا وشعوبنا ترسيماً لمصلحة الاستعمار والهيمنة؟
أم علينا ان نهبّ لمواجهة التحديات والاستثمار على وحدتنا، وعلى قدراتنا الذاتية، والاهم الاستناد الى مقاومتنا التي اثبتت انها قادرة على صنع التاريخ وإعادة رسم الجغرافية، ونحن مؤمنون بالنصر؟
[1] ـ شارك في المؤتمر فلاسفة ومشاهير المؤرخين وعلماء الاستشراق والاجتماع والجغرافية والاقتصاد، إضافة إلى خبراء في شؤون النفط والزراعة والاستعمار. ويمكن إيراد أسماء بعض المشاركين: البروفيسور جيمس: مؤلف كتاب “زوال الامبراطورية الرومانية”، البروفسور لوي مادلين: مؤلف كتاب:”نشوء وزوال امبراطورية نابليون” الأساتذة: لستر وسميث وترتخ وزهروف.
وبالنظر إلى ضخامة الدراسات وأوراق العمل المقدمة إلى المؤتمر، تشكلت لجنة للمتابعة سميت بـ”لجنة الاستعمار”. نظمت اللجنة “استفتاءات شملت الجامعات البريطانية والفرنسية التي ردّت على التساؤلات المطروحة، بأجوبة مفصلة. وشملت اتصالات اللجنة المفكرين والباحثين وأصحاب السلطة في حكومات الدول الغربية إضافة إلى كبار الرأسماليين والسياسيين.
أنهت اللجنة أعمالها في العام 1907 وقدمت توصياتها إلى المؤتمر. خرج المؤتمر بوثيقة سرّية سميت “وثيقة كامبل” أو “تقرير كامبل” أو “توصية مؤتمر لندن لعام 1907″. التقرير استراتيجي بكل معنى الكلمة ولمّا يزل معتماً عليه فلم ينشره مصدروه ولم يفرج عنه بشكل نهائي وقد مضى قرابة قرن على إصداره.
[2] ـ افتتح “كامبل” المؤتمر بكلمة مطولة جاء فيها: “إن الامبراطوريات تتكون وتتسع وتقوى ثم تستقر إلى حدٍّ ما ثم تنحل رويداً رويداً ثم تزول والتاريخ مليء بمثل هذه التطورات وهو لا يتغير بالنسبة لكل نهضة ولكل أمة، فهناك امبراطوريات: روما، أثينا، الهند والصين وقبلها بابل وآشور والفراعنة وغيرهم. فهل لديكم أسباب أو وسائل يمكن أن تحول دون سقوط الاستعمار الأوروبي وانهياره أو تؤخر مصيره؟ وقد بلغ الآن الذروة وأصبحت أوروبا قارة قديمة استنفدت مواردها وشاخت مصالحها، بينما لا يزال العالم الآخر في صرح شبابه يتطلع إلى المزيد من العلم والتنظيم والرفاهية، هذه هي مهمتكم أيها السادة وعلى نجاحها يتوقف رخاؤنا وسيطرتنا..”
[3] ـ بقيت الوثيقة حبيسة الأرشيف البريطاني، ولم يفرج عنها سوى لمدة أسبوعين فقط ثم أعيد سحبها من جديد؛ خوفاً من آثارها المحتملة على العلاقات البريطانية مع العالم، لكن كثيرا من المراكز البحثية والمواقع اقتنصتها وعمّمتها).
[4] ـ اتفاقية سايكس ـ بيكو عام 1916، كانت تفاهمًا سريًا بين فرنسا والمملكة المتحدة بمصادقة من الإمبراطورية الروسية على اقتسام الهلال الخصيب بين فرنسا وبريطانيا لتحديد مناطق النفوذ في غرب آسيا بعد تهاوي الامبراطورية العثمانية، المسيطرة على هذه المنطقة، في الحرب العالمية الأولى. تم الوصول إلى هذه الاتفاقية بين نوفمبر من عام 1915 ومايو من عام 1916 بمفاوضات سرية بين الدبلوماسي الفرنسي فرانسوا جورج بيكو والبريطانيمارك سايكس، وكانت على صورة تبادل وثائق تفاهم بين وزارات خارجية فرنسا وبريطانيا وروسيا القيصرية آنذاك. تم الكشف عن الاتفاق بوصول الشيوعيين إلى سدة الحكم في روسيا عام 1917، مما أثار الشعوب التي تمسها الاتفاقية وأحرج فرنسا وبريطانيا وكانت ردة الفعل الشعبية – الرسمية العربية المباشرة قد ظهرت في مراسلات حسين ـ مكماهون.
[5] ـ وعد بلفور أو تصريح بلفور هو الرسالة التي أرسلها آرثر جيمس بلفور بتاريخ 2 نوفمبر 1917 إلى اللورد ليونيل وولتر دي روتشيلد يشير فيها إلى تأييد الحكومة البريطانية لإنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين. وحين صدر الوعد كان تعداد اليهود في فلسطين لا يزيد عن 5% من مجموع عدد السكان. وقد أرسلت الرسالة قبل أن يحتل الجيش البريطانى فلسطين. يطلق المناصرون للقضية الفلسطينية عبارة “وعد من لا يملك لمن لا يستحق” لوصفهم الوعد.
[6] ـ معاهدة فرساي هي المعاهدة التي أسدلت الستار بصورة رسمية على وقائع الحرب العالمية الأولى. وتم التوقيع على المعاهدة بعد مفاوضات استمرت 6 أشهر بعد مؤتمر باريس للسلام عام 1919. وقّع الحلفاء المنتصرون في الحرب العالمية الأولى من جانب اتفاقيات منفصلة مع القوى المركزية الخاسرة في الحرب (الإمبراطورية الألمانية والإمبراطورية النمساوية المجرية والدولة العثمانية وبلغاريا. تم توقيع الاتفاقيات في 28 يونيو 1919. وتم تعديل المعاهدة فيما بعد في 10 يناير 1920 لتتضمّن الاعتراف الألماني بمسؤولية الحرب ويترتب على ألمانيا تعويض الأطراف المتضرّرة مالياً. وسمّيت بمعاهدة فيرساي تيمناً بالمكان الجغرافي الذي تمّ فيه توقيع المعاهدة وهو قصر فرساي الفرنسي.
[7] ـ عام 1920 تم توقيع معاهدة سان ريمو التي حددت مناطق النفوذ البريطانية والفرنسية في المشرق العربي. نتيجة لموقف إنكلترا وفرنسا من مقررات المؤتمر السوري العام المنعقد في 1920م فقد انعقد المجلس الأعلى للحلفاء، الذي يعتبر امتداداً لمؤتمر لندن المنعقد في (فبراير) 1920 في مدينة سان ريمو الإيطالية، في المدة ما بين التاسع عشر والخامس والعشرين من نيسان (أبريل) 1920 للبحث في شروط الحلفاء للصلح مع تركيا طبقاً لمعاهدة سيفر، والمصادقة عليها بعد إعلان سورية استقلالها ومناداتها بالأمير فيصل ملكاً عليها في المؤتمر السوري العام في الثامن من آذار (مارس) 1920. وقد بحث المؤتمر: معاهدة سيفر التي رسمت مستقبل المنطقة العربية التي تضم العراق وسورية بما فيها لبنان والأردن وفلسطين. والتقسيمات والانتدابات حسب مصالح دول الحلفاء، بحيث تقسم سورية الكبرى إلى أربعة أقسام: سورية، ولبنان، والأردن، وفلسطين. وتكون سورية ولبنان تحت الانتداب الفرنسي، وفلسطين والأردن تحت الانتداب البريطاني بالإضافة إلى العراق. وقد تسبب وضع فلسطين تحت الانتداب البريطاني، في اندلاع صدامات واسعة بين اليهود والعرب في مدينة القدس. فكان ملخص نتائج المعاهدة ما يلي:
أ ـ وضع سورية ولبنان تحت الانتداب الفرنسي.
ب ـ وضع العراق تحت الانتداب الإنكليزي.
ج ـ وضع فلسطين وشرقي الأردن تحت الانتداب الإنكليزي مع الالتزام بتنفيذ وعد بلفور.
[8] ـ معاهدة سيفْر هي معاهدة السلام التي تم التوقيع عليها في 10 آب 1920 عقب الحرب العالمية الأولى بين الإمبراطورية العثمانية وقوات الحلفاء. ولكن المعاهدة رُفضت من قبل الحركة الوطنية التركية بزعامة أتاتورك التي شكلت جمهورية تركيا في 29 أكتوبر 1923على أنقاض الإمبراطورية العثمانية. كان رفض أتاتورك لتطبيق بنود المعاهدة نابعاً من خسارة لحجم هائل من المناطق التي كانت تابعة للعثمانيين في حالة تطبيق المعاهدة. كانت معاهدة سيفر تنص على:
ـ حصول منطقة الحجاز على الاستقلال.
ـ حصول أرمينيا على الاستقلال.
ـ حصول كردستان على الاستقلال حسب البندين 62 و63 و64 من الفقرة الثالثة والسماح لولاية الموصل بالانضمام إلى كردستان استنادا إلى البند 62 ونصه “إذا حدث، خلال سنة من تصديق هذه الاتفاقية أن تقدم الكرد القاطنون في المنطقة التي حددتها المادة (62) إلى عصبة الأمم قائلين أن غالبية سكان هذه المنطقة ينشدون الاستقلال عن تركيا، وفي حالة اعتراف عصبة الأمم أن هؤلاء السكان أكفاء للعيش في حياة مستقلة وتوصيتها بمنح هذا الاستقلال، فإن تركيا تتعهد بقبول هذه التوصية وتتخلى عن كل حق في هذه المنطقة. وستكون الإجراءات التفصيلية لتخلي تركيا عن هذه الحقوق موضوعاً لإتفاقية منفصلة تعقد بين كبار الحلفاء وبين تركيا.
[9] ـ معاهدة لوزان وتعرف أحيانا باسم (معاهدة لوزان الثانية) تم توقيعها في 24 يوليو/تموز 1923 كانت معاهدة سلام وقعت في لوزان، سويسرا تم على اثرها تسوية وضع الأناضول وتراقيا الشرقية (القسم الأوروبي من تركيا حاليا) في الدولة العثمانية وذلك بابطال معاهدة سيفر التي وقعتها الدولة العثمانية كنتيجة لحرب الاستقلال التركية بين قوات حلفاء الحرب العالمية الأولى والجمعية الوطنية العليا في تركيا (الحركة القومية التركية) بقيادة مصطفى كمال أتاتورك. قادت المعاهدة إلى اعتراف دولي بجمهورية تركيا التي ورثت محل الإمبراطورية العثمانية. ونتيجة للرفض التركي لبعض بنود وخاصة فيما يتعلق بالحدود الغربية والجنوبية الغربية (مع اليونان) والجنوبية الشرقية (مع سوريا)، تم تعديل مسار بعض الأجزاء الحدودية في معاهدة تالية عقدت في لوزان السويسرية عام 1923 وعرفت باسم معاهدة لوزان. أعادت المعاهدة الثانية أراض لتركيا في القسم الأوروبي (غرب اسطنبول) من الدولة العثمانية وضمت الأقاليم السورية الشمالية إلى تركيا.
[10] ـ قرار تقسيم فلسطين هو الاسم الذي أطلق على قرار الجمعية العامة التابعة لهيئة الأمم المتحدة رقم 181 والذي أُصدر بتاريخ 29 نوفمبر 1947 بعد التصويت (33 مع، 13 ضد، 10 ممتنع) ويتبنّى خطة تقسيم فلسطين القاضية بإنهاء الانتداب البريطاني على فلسطين وتقسيم أراضيها إلى 3 كيانات جديدة، كالتالي: 1. دولة عربية: وتقع على الجليل الغربي، ومدينة عكا، والضفة الغربية، والساحل الجنوبي الممتد من شمال مدينة أسدود وجنوبا حتى رفح، مع جزء من الصحراء على طول الشريط الحدودي مع مصر. 2. دولة يهودية: على السهل الساحلي من حيفا وحتى جنوب تل أبيب، والجليل الشرقي بما في ذلك بحيرة طبريا وإصبع الجليل، والنقب بما في ذلك أم الرشراش أو ما يعرف بإيلات حاليا. 3. القدس وبيت لحم والاراضي المجاورة، تحت وصاية دولية.
[11] ـ صموئيل هانتنغتون ونظريته حول “صراع الحضارات” كنوع من الصراع الديني بعد انتهاء الصراع مع الاتحاد السوفييتي وكتلته الاشتراكية.
ْ
________*التــَّـوْقـْـيـعُ*_________
لا أحد يظن أن العظماء تعساء إلا العظماء أنفسهم. إدوارد ينج: شاعر إنجليزي