أعلن وزير الموارد المائية الجزائري عبد الملك سلال يوم الثلاثاء (28 نوفمبر/تشرين الثاني) أن الحكومة ستفرض قيوداً جديدة على مياه الشرب في الجزائر. وسيتم فرض الإجراءات الجديدة حتى تصل مياه الشرب للجميع في حالة عدم سقوط أمطار من الآن إلى فصل الربيع.
وفي العاصمة سيتم تخفيض توافر المياه بنسبة 50% - من 16 ساعة إلى 8 ساعات يومياً. كما ستجري مراجعة وترشيد كميات المياه للمنازل، إذا انخفض مستوى المياه في الخزانات إلى نسبة 43%، طبقاً للأرقام الصادرة عن هيئة السدود القومية يوم 25 نوفمبر/تشرين الثاني.
وطبقاً للمصدر عينه فإن مستويات المياه المخزنة في وسط وشرق الجزائر هي 50% و60% على التوالي، بحيث تمنع خطر نقص المياه الحاد في المستقبل القريب.
يُذكر أن نقص المياه واضطرابات إمداده بدأت قبل إعلان الحكومة عن برنامجها الترشيدي، كما قال بعض الأفراد، ومنهم مالكة خيري المقيمة في منطقة شرق الجزائر: "عدنا إلى قطع المياه، وهو ما يعود إلينا بذكريات غير سارة. ومنذ أسبوع والمياه تأتي مرتين أو ثلاث مرات فقط كل يوم".
وقال عمر زعتري: "علينا الاعتياد على تخزين المياه في العلب والأواني والاحتفاظ بكميات هائلة كاحتياطي، لكن أتمنى أن يأتي شهر ديسمبر ومعه أمطار كثيرة".
وتخشى المنطقة الغربية – حيث نسبة الاحتياطي تقدر بحوالي 27% فقط – من ندرة الأمطار أكثر من باقي أرجاء البلاد. وفي خليف وماسكارا وتياريت وسيدي بيلابس هناك عوز بالغ للمياه. ومن الضروري الحفر إلى طبقة عميقة تحت طبقة المياه الجوفية التقليدية؛ لإمداد المستهلكين بالمياه. وهذه العملية الإضافية تنطبق بالأساس على منطقة الخليف.
وقال الوزير سلال في هذا الصدد: "سنركز جهودنا أكثر في الغرب، حيث نقص المياه أقوى أثراً".
ومن المعروف أن الحكومة ترعى مشروعات مياه جديدة حالياً، مثل سد تكسيبت في تيزي أوزو الذي سيخدم كابليا وبني هارون في القسطنطينية. ولمواجهة الاحتياجات بعيدة الأمد قدمت الحكومة عطاءً يوم 25 نوفمبر/تشرين الثاني للشركات لبناء ستة سدود بحلول عام 2009. وتقدمت شركات كندية وأوروبية وصينية للعطاء، وتأهل منها بالفعل في التصفية الأولى 54 شركة.
كما يجري الإعداد لمشروعات تقطير مياه البحر. وسيتم افتتاح محطة التقطير الجزائرية وتصبح جاهزة للعمل في عام 2007، ومحطة أرزو في أوران بدأت العمل بالفعل، ومحطة سكيكدا سيتم العمل بها مع نهاية عام 2007.
وفي الزراعة فإن أثر نقص المياه بدأ يصبح محسوساً. حيث ستعاني المحاصيل الأساسية من تناقص الكمية، وتضررت محاصيل أخرى وأصيبت بعضها بضراوة، مثل محاصيل الحبوب. وبدون الأمطار فإن المحصول قد يُفقد تماماً. وسيتحمل مزارعو الحبوب في المناطق المرتفعة والمنخفضات الداخلية، وحتى من يشغلون المسطحات الساحلية، سيتحملون أسوأ العواقب. وبالنسبة إليهم فإن الموقف المناخي أشبه بالكارثة، حيث يعتمد مزارعو الحبوب في الجزائر كلها على أمطار الخريف فقط.
وفي كابليا – وطبقاً لما أكده مزارعو زيتون كثيرون – فإن إنتاج الزيت لن يكون كبيراً هذا العام. وعلى الأفضل فهم يتوقعون محصولاً يبلغ أقل من 1000 كجم للهكتار، أي أقل من كمية الـ1150 كجم للهكتار في 2005، و2900 كجم للهكتار في عام 2004.
كما يعاني رعاة الغنم في مناطق الرعي من تبيسا إلى الجنوب في تلمسين من نقص المياه. ويرى المزارعون أن معدل سقوط الأمطار المنخفض سيتسبب في نهاية المطاف في تآكل المناطق الخضراء القليلة المتناثرة التي بدأت بالفعل تضعف بسبب زيادة معدلات الرعي عليها. ويخشون من خسارة رؤوس غنم كثيرة بسبب نقص الطعام.
وفي نفس السياق اختارت هيئة إدارة المياه الجزائرية ADE يوم الثلاثاء ثلاث شركات أوروبية من أصل سبع شركات تقدمت، لإدارة شبكة إمداد مياه شرب الجزائر AEP في أوران، وقسطنطينية، وعنابة. والشركات المختارة هي الشركة الفرنسية SAUR الدولية، و"أجبار" للمياه الإسبانية، وشركة "جلسنفيسر" الألمانية.
يجدر بالذكر أن على مر الأعوام الخمسة الماضية، حظيت الجزائر بتحسن ملموس في إدارة المياه، من زيادة في فعالية التحكم في المياه، والري، والتوزيع. وتتمنى الجزائر أن يقل اعتمادها على الأمطار السنوية، وأن يصبح قطاع الزراعة أكثر قدرة على مقاومة فترات الجفاف الطويلة.
ْ
________*التــَّـوْقـْـيـعُ*_________
لا أحد يظن أن العظماء تعساء إلا العظماء أنفسهم. إدوارد ينج: شاعر إنجليزي