مقدمة:
إن القرن الحادي والعشرين هو قرن هيمنة العولمة على مسار البشرية… فالعولمة يعدها أصحابها أداة الحضارة المعرفية الجديدة في نشر أفكارها وقيمها. وهكذا فان حتمية العولمة تفرض على الناس نمطاً جديداً من التفكير ونمطاً جديداً من التعايش معها، ونمطاً جديداً من الولاء لمن ينادي بهذه العولمة.
فهي نظام عالمي جديد – يفرض فرضا - له أدواته ووسائله وعناصره، اخترق العالم من خلال وسائل مختلفة: القنوات الفضائية والإلكترونيات والحواسيب والانترنيت ووسائل الاتصال الجديدة والعلوم الفيزيائية والبيئية والطبيعية والاجتماعية….
ونود في هذه المداخلة أن نطرح قضية تدخل الدول القوية الغربية في المناهج التربوية ومضامينها في الدول المسلمة بصفة خاصة ، وأبعاد هذا التدخل على عدة أصعدة. وقبل ذلك نذكر كلمة حول معنى التربية ووظائفها وأهدافها.
ما معنى التربية :
التربية عملية تكيف، أو تفاعل بين الفرد وبيئته التي يعيش فيها، وعملية التكيف، أو التفاعل هذه تعني تكيف مع البيئة الطبيعية والبيئة الاجتماعية.
أو هي غرس سلوك جديد أو تعديل للسلوك كان من قبل لكنه لم يكتسب على الوجه الأكمل ، سواء كان هذا السلوك ظاهريا مثل استخدام اللغة أو إنجاز مهمة عملية أو ضمنيا كالتفكير مثلا.
فالتربية هي أداة التغير في أي مجتمع، ومادامت المجتمعات متباينة فيما بينها فإن التربية وأهدافها تتباين هي الأخرى. إلا أننا كنا نسمع عن تربية أوروبية ، وتربية أمريكية وتربية عربية… فإن ذلك يعني أن المجتمعات التي تجمعها إيديولوجيات ومعتقدات متشابهة أو موحدة فإن التربية فيها تتشابه أو تتقارب ، مما يمكن الكلام عن تربية قاروية (نسبة إلى القارة).
إلا أن كل مجتمع يرسم بصماته علي المناهج الدراسية التي يطبقها في مؤسساته التربوية. ومن وظائف التربية :
- نقل الأنماط السلوكية للفرد من المجتمع،
- نقل التراث الثقافي من الأجيال السابقة للأجيال اللاحقة
- تغيير التراث الثقافي وتعديل في مكوناته،
- إكساب الفرد خبرات اجتماعية نابعة من قيم ومعتقدات ونظم وعادات وتقاليد سلوكيات المجتمع الذي يعيش فيه.
أما اليوم فإن العالم الآن يبحث عن العالم الواحد، فهل أصبح لزاماً علينا البحث عن الدور الذي ستؤديه التربية في هذا العالم الواحد ؟
ومن جهة أخرى فالكل يعلم أن الإنسان يشكل حجر الزاوية في أي تصور حضاري أو مشروع تربوي يعمل المجتمع على تحقيقه. وكل مجتمع يسعى إلى تحديد صورة الإنسان الذي يمثل رمزا لعطاءاته الحضارية. وتتحدد صورة هذا لإنسان وهويته في مجتمع ما تحت تأثير العوامل والمتغيرات الثقافية التي توجد في صلب الثقافة وفي أصل الحياة الاجتماعية.
وإذا كان الإنسان بصورته المرغوبة في معترك التحرك الحضاري يشكل أساس الحضارة وغايتها ، فإن عملية بناء هذا الإنسان تطرح نفسها في دائرة الأنساق التربوية. فالتربية في نهاية الأمر هي البوتقة التي يتشكل فيها الإنسان وتتحدد سماته وخصائصه بداية ونهاية. إنها في النهاية المؤسسة التي يمكنها أن تولد في الإنسان صورة تفيض بالقدرات والسمات البانية للحضارة .
ومن هنا يتوجب على أي نظام تربوي أن يقدم إجابة علمية عن سؤال الهوية الذي يأخذ صورة هذه العبارة: أي إنسان نريد؟ وما هو الإنسان الذي يتوجب علينا أن نعمل على بنائه وتشكيله؟
يعمل أصحاب العولمة منذ زمن ليس بقصير على التخطيط لما يصرحون به اليوم وهو توحيد العالم وتشكيله على شاكلتهم في كل المجالات التي تعود عليهم بالفائدة – لأن الرفع من المستوى الاقتصادي والعلمي والتكنولوجي للدول الفقيرة ليس من فائـدتـهم ، وإنما يعملون على الإبقاء عليها كما هي لتبقى سوقا استهلاكيا دائما – وعلى هذا الأساس ينبغي للدول الفقيرة أن تخضع لمطالب العولمة والهيمنة الأمريكية، بحيث تجعل مختلف مخططاتها مسايرة لهذا الاتجاه ، ومنها الأنظمة التربوية التي ينبغي أن تحدث فيها تغييرات جذرية حتى تستجيب لشروط الانخراط في النظام العالمي الجديد. إلا أن هذا الانخراط يستجيب لحاجيات الدول المتقدمة بشكل مباشر، وينسلخ عن مجتمعاتها انسلاخا شبه كلي، والأمثلة التي سنوردها فيما بعد تبين ذلك.
ما هو الإنسان الذي هدف ويهدف العالم الغربي على تحقيقه منذ زمن بعيد ، وما هي سماته ؟
إنه الإنسان الفاعل القادر على مواجهة التحديات ويمتلك قدرة فائقة على بناء المعرفة ومعالجة المعلومات والوصول إليها في الوقت المناسب. ومن سماته ما يلي:د
^ يتميز بقدرة كبيرة على تمثل معطيات التكنولوجيا الحديثة ومواكبة تطورها وتقادمها.
^ إنسان متفرد بخصوصياتهالذاتية وبعيد عن الروح النمطية .
^ قادر على ممارسة النقد والتفكير النقدي.
^ مشبعبإمكانيات التعلم الذاتي ومهاراته.
^ يتميز بروح الإبداع والابتكار والتجديد .
^ يؤمن بلا حدود بالقيمة المطلقة للحرية الشخصية وحرية التفكير.
^ يمتلك معرفة مدرسية جيدةولاسيما في مستوى المراحل المدرسية الأساسية.
^ الميل إلى تطويرالذات والشخصية نحو الصورة الأفضل دائما.
^ امتلاك كفاءة التفكير المميز.
^ يملكون عادة حل المشكلات و اتخاذ القرارات.
^ يمتلكون عادة العمل في إطار اجتماعي.
إذا كانت سمات الإنسان التي خطط لها الغرب وأخذ على عاتقه تحقيقها منذ مدة ليست بقليلة ، فما هي سمات ذلك الإنسان الذي يجتهد في إنشائها وتحقيقها في المجتمعات الجنوبية ؟
إنه الإنسان ذو البعد الواحد بطابعه الاستهلاكي والطيع أو الإنسان المشوه المغترب الذي يذوب ويذوي في ومضات السوق وفي متاهات الاستهلاك.
وهاتان الصورتان تطابقان ما نجده في المجتمعات المغلوبة على أمرها المهزومة حضاريا التي تطابق صورة الإنسان المنفعل. وقد قدم إدريس هاني توصيفا يرسم لنا إطارا عاما للشخصية المعولمة النموذجية:
1. شخص يرتدي آخر ما جاءت به عروض الأزياء التي يلتزم حضورها كطقس لتغذية الذوق الرفيع.
2. يتناول أغلب وجباته في المكدونالد ويستقي معلوماته من CNN.
3. يتكلم باللغة الإنكليزية بمهارة وقلما يعرف شيئا عن أصوله.
4. يقف من إسرائيل المتفوقة موقفا معقولا (الشخصية المعولمة لا التزام لها ثقافيا أو أيديولوجيا أو قوميا أو دينيا).
التجديدات التربوية:
من أهم العوامل الجديدة التي ظهرت وأدت إلى التغيرات السريعة في كافة مجالات الحياة نجد: التفجير المعرفي، ظهور التكنولوجيا الحديثة، سهولة الانتقال والاتصال، التطورات المختلفة لجميع مجالات الحياة…. وهذا لا يمكن أن يبقى دون تأثير في أهداف التربية وفي مضامين المناهج الدراسية : تجديدات في السياسة التربوية ، تجديدات في الإدارة التربوية، تجديدات في البنى التعليمية، تجديدات في المناهج وطرق التدريس، تجديدات في الوسائل التعليمية، تجديدات في التعليم المستمر…
فإذا كانت هذه الثورة المعرفية والتكنولوجية تؤثر في التربية بحيث تجعل مخططي المناهج الدراسية يأخذون في حسابهم ما استجد من المعرفة والأدوات التقنية ، فإن ذلك لا يتطلب بالضرورة تغيير مواد دراسية بأخرى ، ولا تعويض مضامين تنمي الشخصية الوطنية والعقيدة الدينية والصفات الأخلاقية والخصائص الاجتماعية والثقافية ، بمضامين أخرى تتناول مواضيع خاصة بالعالم الغربي ، والانفتاح على العالم المتقدم ، وحشو المناهج بما استجد من التقنية ، والعمل على تكوين فرد حيادي في كل المجالات الحياتية ، ومحاربة كل ما يمت بصلة للاعتزاز بالشخصية الفردية والوطنية والانتماء الثقافي والحضاري.
والكل يعلم أن في كل عصر تبرز حضارة في الأرض تبسط نفوذها على الحضارات الأخرى بكل ما تتضمنه من مكونات اقتصادية واجتماعية وثقافية وتربوية ، فنجد مثلا الحضارة اليونانية والحضارة الإغريقية والحضارة الصينية القديمة والحضارة الإسلامية واليوم تستحوذ الحضارة الغربية المسيحية على الأرض. ولكن كل حضارة تمتاز بخصوصية معينة ، فاليونان مثلا امتازت – حسب التاريخ – بالطبقية والعلوم العقلية النظرية من فلسفة ورياضيات وفلك… بينما امتاز المسلمون بإنقاذ البشرية من الضلال العقائدي ونشر العلوم الدينية ، ونجد الإغريق تميزوا بالصناعة والعمران. أما الحضارة الغربية الحديثة فقد امتازت بالقوة والاستدمار والعلوم التقنية التي استخدمتها في الأسلحة لتدمير كل من ليس في صفها ، وقد امتدت شوكتها إلى اليوم ، حيث استخدمت كل الطرق والأساليب للسيطرة بالقوة على الآخر ، مع المحافظة عليه في آن معا كي يكون مستهلك منتوجاته الصناعية والزراعية والثقافية وما نعيشه اليوم حول – المقولة الشائعة: من ليس معي فهو عدوي - خير دليل على فرض العولمة في كل المجالات على الأمم والشعوب.
ولعل من بين المبررات التي يستخدمها أصحاب العولمة ما يلي:
* نشر الديمقراطية في الشعوب المضطهدة بدكتاتوريات حكامها ، والحقيقة أن هؤلاء الحكام هي التي تفرضهم على هذه الشعوب.
* مساعدة الدول النامية على التخلص من التبعية الاقتصادية للدول الكبرى واستقلالها اقتصاديا ، وهي في نفس الوقت تشجع هجرة الأدمغة إليها بكل الطرق ، وتفرض التعامل معها في كل المجالات وهذا تناقض واضح ، لأن الدول الكبرى تعمل جاهدة على إبقاء هذه الدول ذات الشعوب الاستهلاكية لمنتجاتها.
* نوع التفكير الذي يطغى على أذهان الشعب سواء على مستوى القيادات أم النخب أم الفئات أم الجماهير…
* المصير الذي سيلحق بها من خلال التحديات الصعبة التي ستفرضها العولمة الجديدة وسياقاتها في القرن الحادي والعشرين.
* قبول الحضارة : لا تستطيع حضارة أن تبقى منعزلة في إحدى زوايا الأرض. فقد حان الوقت لكل حضارة أن تدافع عن نفسها وان تتعلم من غيرها من الحضارات وأن تكون دينامية سريعة التطور والنمو وإلا فلا مكان لها لمنافسة ومضاهاة غيرها من الحضارات.
والحقيقة أنه يجب الاعتراف بالواقع المعاصر الذي تعيش فيه التربية ، وهو هزال في بناء الثقافة العامة والمكتسبات المعرفية وتخلخل الإبداعات وعدم رعاية الكفاءات في العلوم والآداب والفنون والاضطراب في الرؤية الاجتماعية في النظر إلى التخصصات العلمية والأدبية. مما يؤدي إلى الخلل والاضطراب التي تتصف به الأجهزة التربوية والمؤسسات التعليمية التي تعد من أبرز الدعامات والمرتكزات القوية في البناء الثقافي والمؤسسات المعرفية…
فنظرية داروين Darwin حول أصل الإنسان رغم أنها خاطئة إلا أن مبدأ " البقاء للأقوى" يبقى صالحا لكل زمان ومكان. فالمجتمع الذي تتصف التربية فيه بالخصائص المذكورة لا بد وأن تدوسه أقدام المجتمع الأقوى إن لم ينفض الغبار عليه.
· قال فرانسوا بايرو، وزير التربية والتعليم العالي الفرنسي: \" إن هدف العولمة هو تدمير الهويات القومية والثقافة القومية للشعوب\" .
· قال الرئيس العراقي صدام حسين رحمه الله: "هدف العولمة هو إلغاء النسيج الحضاري والاجتماعي للشعوب\" (العراق، 25/3/1997). ومن هنا القضاء على الهوية الثقافية والقومية وعلى تراث الأمم والشعوب الفكرية والحضارية) .
* الآثار السلبية من الناحية الأخلاقية والتربوية:
هل نقبل العولمة التربوية التي تبيح : الشذوذ الجنسي والحرية الجنسيةللرجال والنساء ، وكذلك الحرية في المعتقد بعد أن كنا مسلمين ؟
. ومن السلبيات أيضا: ازدياد معدلات البطالة، انخفاض الأجور، تدهور مستوى المعيشة، اتساع الهوة بين الفقراء والأغنياء ، تقليص دور الدولة في مجال الخدمات كالصحة والتعليم والإسكان والبنية التحتية الأخرى.
أما آثار العولمة الثقافية فتكمن في: صياغة ثقافة عالمية لها قيمها ومعاييرها هي ثقافة السوق… وتجاوز الثقافة النخبوية وسلب الخصوصية الثقافية وقطع صلة الأجيال الجديدة بماضيها وتراثها وتدمير الحضارات والتأكيد على النجاح الفردي وتجميع الثروة وتهميش الثقافة الوطنية واحتكار الصناعة الثقافية ووضع حالة من الإبهار أمام المثقف الوطني وإنهاء رقابة الدولة على وسائل الإعلام والتخلي عن الخصوصيات الوطنية.
* العولمة والهوية والأنظمة التربوية:
ماذا عن الأنظمة التربوية في مجتمعات الجنوب ؟
بعد أن أُفقرت مجتمعات الجنوب اقتصاديا ومن خلال تهجير الأدمغة والكفاءات منها نحو الشمال – بعوامل الإغراء أو بأسباب الضغوط الداخلية – وبعد أن نفذت استراتيجية الانفتاح القسري عن طريق تغطية الفضاء بالأقمار الصناعية ، مما نتج عنه إنشاء آلاف من القنوات التلفزيونية الرقمية الفضائية ، بحيث لا يخلو بيت منها وهذا منذ أكثر من 15 سنة . وبعد أن انتشرت الشبكة العنكبوتية "أنترنيت" في كل حي ثم في كل زاوية ، وبعدها في كل بيت . كما انتشر الهاتف النقال انتشار الوباء الفتاك في جيوب الناس ، أصبح الفرد الذي كان محصورا في قريته ، وفي مقاطعته أو إقليمه وبالتالي وطنه – من خلال وسائل الإعلام الوطنية – أصبح هذا الفرد فجأة لا تحده حدود أرضية ولا فضائية أو سياسية ، وفي نفس الوقت أصبحت كل الممنوعات والمحرمات بالأمس مباحة لدى الجميع ولا أحد يقف في مواجهة ذلك ، فصار كالخيل الجامح الذي لا تقف أمامه قوة تعيده إلى مربضه ، أو كالطائر الذي فقد عشه وبقي يحوم في الفضاء لا يجد لنفسه استقرارا .
هكذا يكون إنسان الجنوب محضرا ومهيأ للتغيير (تقهقير) إن كانوا كبارا أو للتنشئة إن كانوا صغارا حسب ما تتطلبه العولمة ، وذلك من خلال التدخل المباشر في الأنظمة التربوية وفي مضامين المناهج الدراسية ، ويتمثل هذا التدخل في الجوانب التالية:
1. فرض أنظمة تربوية نودي بها في الغرب ولكنها لم تطبق عندهم.
إن (تبني) نظام المقاربة بالكفاءات ، وقبله المقاربة بالأهداف ، وتعميمه على الدول المغاربية مثلا لدليل على النفوذ المباشر للعولمة وأصحابها. فما يجري في هذه الدول يؤدي لا محالة إلى سلخها من أصولها الاجتماعية والثقافية والعقائدية ومن كلا ما يمت بالأصالة. ويتبلور ذلك من خلال ما يلي:
1.1. حذف أنواع من المواد الدراسية من المناهج والتي تتناول التنشئة الاجتماعية والعقائدية والتي بواسطتها تبنى الشخصية الوطنية للمجتمع. ويعني الموضوع خاصة المجتمعات الإسلامية أكثر من غيرها.
1. 2. تغيير مضامين مواد دراسية بحيث أفرغت من المحتويات الهامة فيها مع تقليص بعضها ودمجها مع مواد أخرى حتى تطغى المضامين الشكلية على تلك التي تكون الشخصية والمواطنة.
3.1. جعل مضامين المواد الإنسانية والاجتماعية موجهة نحو تـنشئة فرد حيادي ، مائع ، آلي وبلا عواطف ، بحيث لا تكون أية وجهة له ، لا شرقي ولا غربي ، وهذا مجسد في الدروس الخاصة بهذه المواد في كل مستوى من المستويات الدراسية.
هذه بعض الأمثلة عن مواضيع محتوى كتاب اللغة العربية للسنة 4 متوسط، عدد مواضيع القراءة 24 ، عدد مواضيع المطالعة 24 أيضا.
مواضيع القراءة: سيارة المستقبل، المدنية الحديثة، لا تقهروا الأطفال، القبعات الزرق جنود في خدمة السلم، الفنان محمد تمام، الكسوف والخسوف، السكري، البترول في حياتنا اليومية، تمقاد، في الحث على العمل، الشباب، الزردة، زرياب مبتكر الموسيقى الأندلسية، الشطرنج، في سبيل الوطن، كيف خلقت الضفادع، حديقة، الإنسان البدائي، الأنترنت، الهجرة السرية، انتصار الثورة الجزائرية، الفخاري الصبور، من شمائل الرسول (ص) السمكة الشاكرة.
يلاحظ أن من بين كل النصوص – شعرا ونثرا – يوجد 3 نصوص تمس الجانب الروحي والإنساني والارتباط بالوطن وهي التي تحتها خط وتمثل 12.5 %من المحتوى ، ونفس الشيء بالنسبة لنصوص المطالعة.
هذا مثال عن كتاب مدرسي واحد ، والكتب السابقة له أخطر وأكثر تحقيقا للأهداف المسطرة من قبل المخططين لنشر العولمة.
4.1. ألفت المواد الدراسية على أساس الاتجاه المادي والتقني في أغلبها ، وتفتقر إلى الروح الإنسانية وكل ما يجعل الفرد إنسانيا ، وقد استخدم في ذلك أسلوب التنميط – الذي يدعي المبرمجون على أنهم أسسوا المناهج على أساس تحرير التلميذ من هذا التنميط – وهذا غير صحيح.
2. التدخل في تربية المرأة:
لقد استخدمت منظمة اليونساف UNICEFللتدخل في شؤون المرأة في بلداننا العربية والإسلامية فالدعي أن المرأة عندنا مجحفة الحقوق ، محتقرة ، مهضومة الحقوق ، واعتبرت في الدرجة الثانية بعد الرجل… لأجل كل هذا أنشئت مشاريع قريبة ومتوسطة وبعيدة المدى ، كما أسست هيئات وجمعيات تتكفل بتنفيذ هذه المشاريع المتمثلة في قوانين ودستور عالمي خاص بحماية المرأة في بلداننا – لأن في المرأة في الغرب محررة من كل القيود – ويتناول ذلك : حرية المرأة واستقلالها عن الرجل ، وحماية حقوقها كاملة مثل حقوق الرجل مع ضرورة المساواة معه في كل المجالات والأحوال… وما عيد المرأة ، وعيد الأم إلا مثالا بسيط لما يحاك ضد بناتنا وأمهاتنا وأخواتنا وزوجاتنا… فهل يمكن أن تُحرر المرأة أكثر مما حررها ربها ؟ وهل يمكن للمرأة أن تسعد إذا خالفت نهج الله تعالى ؟
ما هي سمات الفرد الذي ينبغي أن ننشئه ونربيه ونحن في خضم هذا العالم المتغير بسرعة الضوء ؟
يمكن تلخيص سمات هذا الفرد في الجوانب التالية:
1- تنمية الروح النقدية
2-تنمية إمكانيات التجريب عند الناشئة
3- تعزيز التربية النقدية الجمالية
4- بناء روح المبادرة والفعالية
5-تعزيز القوة الأخلاقية
6-تعزيز النزعة الاجتماعية
7- - تنمية روح الثقة بالنفس وبالغير.
8- تنمية الإحساس بالمسؤولية.
9- بناء الأخلاق الإيجابية.
تلك هي صورة الإنسان التي تسعى المجتمعات الإنسانية المتقدمة إلىبنائها وتشكيلها في قلب أنظمتها التربوية المعاصرة وما علينا إلا أن نتبنى ما يفيدنا ونترك ما يناقض خصوصياتنا.
لكي نتمكن من مسايرة الركب والحفاظ على هويتنا في آن معا ينبغي:
· الابتعاد عن التعصب والتمذهب والطائفية، لأننا نملك شريان حضاري وثقافي مركزي لا بد إن تتمثل فيه التعددية والشفافية والانفتاح المعاصر.
· تنمية التفكير بوسائل تربوية متطورة تتلاقى مع روح العلم والتفكير النقدي وحرية الرأي. والتحرر من رواسب الماضي العقيم والحفاظ على ثرواته الحضارية والدينية والثقافية…
· وضع سياسات وطنية راسخة وليس شعارات وهمية خاوية تجاه الغزو بأنواعه المختلفة: الثقافية والأخلاقية….
· التفاعل بين تراث الأمة والحاجات المعاصرة. والانفتاح على الأنظمة التربوية العالمية بطريقة هادئة وعلمية وواعية وناضجة.
· تولي السياسات التربوية المعاصرة مبدأ الثقافة الحاسوبية الاجتماعية بحيث تكون متماشية مع ثقافة حاسوبية تعليمية شاملة متكاملة.
· الاهتمام بالأدمغة التربوية وإشراكها إشراكا فعالا في كل مجالات التربية ، ومحاربة هجرتها وكسب رضاها وتوفير الفرص والحوافز أمامها للعمل وللتطوير. والحث على تنمية الفكر الإبداعي في التربية من خلال خلق الوسط العلمي وتطوير بيئة البحث.
· رصد ميزانية من الدخل الوطني للتطوير التربوي والبحث العلمي الحقيقي لإنعاش الاقتصاد وتطويره. لان "التربية استثمار".
· المحافظة على هوية الأمة والوطن. فلكل أمة هوية ومهما أصاب هذه الهوية من تطور في نظراتها الجزئية بما يتلاءم مع قوانين التبدل والتغير فإنها تبقى الأساس في تحديد النظم الاقتصادية والاجتماعية والأخلاقية والإنسانية العامة لتلك الأمة، والتربية جزء من أية هوية وفق احتياجات التلاؤم مع غايات الحياة المقصودة في كل عصر، تعمل مع الوضع الطبيعي على تأصيل وترسيخ قيم ومثل وأنماط السلوك.
. إذاً علينا لمواجهة قيم العولمة الوافدة الخطيرة على شبابنا و مستقبلنا أن نؤسّس نظاما تربويا جديدا يعترف بالتعلّم على أساس الأداء الحقيقي الفعلي المتكرّر فليس المهمّ أين نعلّم الفرد بل المهمّ ماذا نعلّمه وكيف يتعلم بنفسه ، ونوعية اتقانه للتعلّم وشعوره بأنه يستفيد مما يتعلمه في حياته اليومية ، فلا يجب أن يكون هناك فصل بين المدرسة والحياة.
. يمكنأن يتفق الجميع على ميثاق عام لمواجهة العولمة، وتفصيله على الوجه الآتي:
. عدم الخروج على الثوابت القاطعة، التي ثبتت بالوحيالإلهي، والتي لا يكون المسلم مسلماً موحداً إلاّ بها، وعدم السماح بمخالفتها فيالثقافة والتربية والإعلام.
. الاتفاق على قيم أخلاقيةعُليا، نابعة من دين الأمة وأصالتها وحضارتها الشامخة؛ حتى تتربى الأجيال على الحدالمشترك الذي يُرضي الجميع في هذه المرحلة الحرجة، التي نحتاج فيها إلى الأخلاقالنبيلة لبذر بذور المحبة والتراحم والتواد بين أبناء الأمة الواحدة.
إن تكنولوجيا الغد لا تحتاج إلى ملايين الرجال السطحيالتعليم المستعدين للعمل في أعمال لا نهائية التكرار، ولا تتطلب رجالا مقدرين أن ثمن الخبز هو الخضوع الآلي للسلطة. ولكنتتطلب رجالا قادرين على إصدار أحكام حاسمة ، رجالا يستطيعون أن يشقوا طريقهم وسطالبيئات الجديدة، ويستطيعون أن يحددوا موقع العلاقات الجديدة في الواقع السريعالتغير، إنها تتطلب رجالا من ذلك النوع الذي يحملون المستقبل فيعظامهم. إن الهدف الأول للتعليم ينبغي أن يكون رفع قدرة التكيف لدى الفرد أيتحقيق السرعة والاقتصاد في القوى التي يستطيع بها أن يتكيف مع التغير المستمر .
المراجع:
· الجميل، سيار، العولمة والمستقبل، استراتيجية تفكير، الاهلية للنشر والتوزيع، عمان، 2000
· الخضري، محسن أحمد الخضيري، العولمة، مقدمة في فكر واقتصاد وادارة عصر اللادولة، مجموعة النيل العربية، مصر، 1999
ْ
________*التــَّـوْقـْـيـعُ*_________
لا أحد يظن أن العظماء تعساء إلا العظماء أنفسهم. إدوارد ينج: شاعر إنجليزي