"مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ فِي الأَرْضِ وَلا فِي أَنفُسِكُمْ إِلا فِي كِتَابٍ مِّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَا".. جفَّ القلمُ، رُفعتِ الصحفُ، قضي الأمرُ، كتبت المقادير، "قُل لَّن يُصِيبَنَا إِلاَّ مَا كَتَبَ اللّهُ لَنَا"، ما أصابك لم يكنْ لِيُخطئِك، وما أخطأكَ لم يكنْ لِيُصيِبك.
إن هذه العقيدة إذا رسختْ في نفسك وقرَّت في ضميرِك صارتْ البليةُ عطيةً، والمِحْنةُ مِنْحةً، وكلُّ الوقائع جوائز وأوسمةً "ومن يُرِدِ اللهُ به خيرا يُصِبْ منه" فلا يصيبك قلقٌ من مرضٍ أو موتِ قريبٍ، أو خسارةٍ ماليةٍ، أو احتراقِ بيتٍ، فإنَّ الباري قد قدَّر، والقضاءُ قد حلَّ، والاختيارُ هكذا، والخيرةُ للهِ، والأجرُ حصل، والذنبُ كُفِّر.
هنيئا لأهلِ المصائب صبرهم ورضاهم عن الآخذِ، المعطي، القابضِ، الباسط، "لا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ".
استسلم للقدر
ولن تهدأ أعصابُك وتسكن بلابلُ نفسِك، وتذْهب وساوسُ صدْرِك حتى تؤمن بالقضاءِ والقدرِ، جفَّ القلمُ بما أنت لاقٍ، فلا تذهبْ نفسُك حسراتٍ، لا تظنُّ أنه كان بوسعِك إيقافُ الجدار أن ينهار، وحبْسُ الماءِ أنْ ينْسكِبُ، ومَنْعُ الريحِ أن تهبُّ، وحفظُ الزجاج أن ينكسر، هذا ليس بصحيحٍ على رغمي ورغمك، وسوف يقعُ المقدورُ، وينْفُذُ القضاءُ، ويحِلُّ المكتوبُ "فَمَن شَاء فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاء فَلْيَكْفُرْ".
استسلمْ للقدر قبْل أن تطوّق بجيش السُّخْط والتذمُّر والعويل، اعترفْ بالقضاءِ قبْل أن يدهمك سيْلُ النَّدمِ، إذن فليهدأ بالُك إذا فعلت الأسباب، وبذلت الحِيل، ثم وقع ما كنت تحذرُ، فهذا هو الذي كان ينبغي أن يقع، ولا تقُلْ "لو أني فعلت كذا لكان كذا وكذا، ولكن قُلْ: قدَّر اللهُ وما شاء فعلْ".