أرادت سيدة أن تمتحن حسن اصغاء الناس, فقالت لضيوفها وهي تقدم إليهم بعض الحلوى : جربوا قطعة منها .لقد ملأتها بالزرنيخ.ولم يتردد أحد في تناول الحلوى, بل قالوا جميعا: أنها لذيذة حقا, الرجاء تزويدنا بطريقة تحضيرها .جميعنا ننزع إلى الاعتقاد بأننا نصغي جيدا . والواقع أن معظمنا يتكلم بمعدل .12 إلى .18 كلمة في الدقيقة ويفكر بمعدل أربعة أو خمسة أضعاف ذلك . وهكذا فان انتباهنا يتوه بنا, وفي أكثر الأحيان لا نستوعب من حديث الشخص الآخر سوى نصفه, مع العلم إن المقدرة على الإصغاء والتجارب أمر ذو أهمية في أي علاقة إنسانية سواء في العمل أو في البيت أو مع الأصدقاء.منذ سنوات تعلمت درسا قاسيا .خرجت ابحث عن وظيفة وكنت تخرجت لتوي في الكلية. فكانت لي مقابلة مع محرر جريدة تصدر في بلدة صغيرة.كانت المقابلة تجري علي احسن ما يرام , وبنفسية مرحة بدأ المحرر يخبرني عن رحلته الشتوية للتزلج على الثلج .وإذ كنت مهتمة لأحداث تأثير عظيم فيه وتدبيج حكاية عن إحدى رحلاتي إلى تلك الجبال ,جنحت في تفكيري عنه وبدأت تخطيط حكايتي الخاصة.
ما رأيك بذلك ؟ سألني فجأة وبما إني ما كنت استعوب كلمة واحدة مما قال , أجبته بمنتهى الحماقة يبدو أنها كانت عطله مدهشة كلها مرح ! فحدق إلى برهة طويلة وقال : كلها مرح ؟وأين المرح ؟ لقد قضيت معظم العطلة في المستشفى من جراء كسر في ساقي ّ!.
كيف يمكننا أن نحسن مقدرتنا على الإصغاء ؟
لكي أحصل على الجواب حدثت عددا من الذين تتطلب مهنتهم اصغاء جيدا_ من أطباء نفسانيين ومستشارين للمشاكل العائلية وعاملين اجتماعيين وفي ما يأتي اقتراحاتهم:
أولاً : إصغ بكليتك:النقر بالأصابع وهز الرجلين مقبولين إذا كنت تصغي إلى المسجل ، أما إذا كنت تصغي إلى شخص آخر فذلك غير مقبول ، إذا لا شيء يسيء إلى كبريائه كسلوكك هذا ، لذلك حاول تنسى جميع الملهيات أظهر إصغائك الكلي بنظرة مباشرة إلى محدثك أو بإيماء مشجعة من رأسك أو بإشارة من يدك تحثه على متابعة حديثه .
ثانياً : إذا كنت في مجتمع وجاء دورك في الحديث لا تشعر بأن واجبك التمسك به ، بل أفسح المجال لسواك.
ثالثاً : ساعد الشخص الآخر على الانطلاق في الكلام بإبدائك ملاحظات قصيرة أو بطرحك بعض الأسئلة التي تظهر أنك مصغ إلى ما يقول ، وإن تكن ملاحظاتك من “حقا ” أو ” هات المزيد ” : التحدث إلى شخص لا يتجاوب معك هو كالصياح في هاتف معطل .
رابعا : نم حساسيتك لتفهم مضمون الكلام تلك الأفكار الباطنية التي كثيراً ما تحجبها الكلمات : من السهل أن نسمع الكلمات فقط و تفوتنا الفكرة الحقيقية وراءها.
خامساً : إصغ من دون أن تدين الشخص الآخر جميعنا نتحمس لوضع مقاييس للصواب و الخطأ ونصدر أحكاما على الآخرين ، لكننا بإدانتنا لهم بدلاً من الإصغاء إليهم نقطع خطوط الاتصال معهم .
الإصغاء فعل اهتمام ، فعل غير أناني يسمح لنا بالتخلص من عزلتنا في ذواتنا المنفردة و الدخول إلى دائر الصداقة و الدفء الإنساني.
Ads by Google