إن الاستماع للآخرين فن لا يملك أدواته الكثير من الناس. فالعديد من الناس لا يولونه الاهتمام الكافي ولا يحاولون تطوير مهاراتهم فيه على نحوٍ جيد. فهم لا يدركون أن الإخفاق في استخدام أدواته يسبب الفشل في إقامة علاقات ناجحة، سواء أكان ذلك في الحياة الشخصية أو في الحياة العملية. على الرغم من ذلك، فإنه ما يزال بالإمكان تعلم مهارات الاستماع الفعال وتطوير قدرات المرء في هذا الصدد.
يشتمل كتاب "فن الاستماع للآخرين" الصادر ضمن السلسلة العالمية للتنمية البشرية عن دار الفاروق تأليف ماري هارتلي المتخصصة في مجال تطوير الذات ومهارات التواصل الشخصية التعرف على كيفية اكتساب القدرة على فهم وجهات النظر المختلفة، التعرف على أساليب وقواعد التواصل مع الآخرين، التعرف على الفرق بين السماع والاستماع، التعرف على كيفية إنشاء جو من الألفة والقضاء على عوائق التواصل مع الآخرين، والتعرف على كيفية استخدام لغة الجسد.
والاستماع يعد أهم وسيلة اتصالية، فحتى تفهم الناس من حولك لا بد أن تستمع لهم، وتستمع بكل صدق، لا يكفي فقط أن تستمع وأنت تجهز الرد عليهم أو تحاول إدارة دفة الحديث، فهذا لا يسمى استماعاً على الإطلاق.
إن عدم معرفتنا بأهمية مهارة الاستماع تؤدي لحدوث الكثير من سوء الفهم، الذي يؤدي بدوره إلى تضييع الأوقات والجهود والأموال والعلاقات التي كنا نتمني ازدهارها، ولو لاحظت مثلاً المشاكل الزوجية، عادة ما تنشء من قصور في مهارة الاستماع خصوصاً عند الزوج، وإذا كان هذا القصور مشتركاً بين الزوجين تتأزم العلاقة بينهم كثيراً، لأنهم لا يحسنون الاستماع لبعضهم البعض، فلا يستطيعون فهم بعضهم البعض، الكل يريد الحديث لكي يفهم الطرف الآخر! لكن لا يريد أحدهم الاستماع!!
إن الاستماع ليست مهارة فحسب، بل هي وصفة أخلاقية يجب أن نتعلمها، إننا نستمع لغيرنا لا لأننا نريد مصلحة منهم لكن لكي نبني علاقات وطيدة معهم.