السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أهمية الاستماع
خلق الله سبحانه وتعالى للإنسان أذنين ولساناً واحداً ولعل الحكمة من ذلك
أن عليه أن يستمع أكثر مما يتكلم، كما أن في ذلك دلالة واضحة إلى أهمية
الاستماع، لكن السؤال المطروح هل ترجم الناس ومنهم كاتب هذه السطور ذلك
إلى واقع فعلي؟ .. إن الأمر يحتاج إلى وقفة تأمل فماذا لو حرمنا الله
سبحانه وتعالى من نعمة السمع إن هذا يقود بالضرورة إلى حرماننا من متعة
الاستماع الجيد، فما أكثر الذين "يسمعون" وما أقل الذين يحسنون الاستماع،
تلكم هي أحد الاخوات التي أقرت على نفسها بهذه الصفة المشينة حيث شكت إليّ
سوء حالها وقالت: يا أختي العزيزه انني عانيت كثيراً بعدما كبر بي السن
وتقدمت في وظيفتي فأصبحت محتاره في أمري حيث انني لم أجد حصيلة الخبرات
السابقة وإن وجدتها فإنني أجدها بصعوبة فكلما حاولت استرجاع بعض معلوماتي
السابقة باءت محاولاتي بالفشل الذريع، فقمت بتحليل ذاتي لهذا الوضع فوجدت
أن هذا الفشل الذريع عائد إلى أنني لم أكن مستمعه جيده، فكنت أحاول
الانشغال أو التشاغل بأمر تافه عى حساب الأمر الهام حتى انني في الفصل ثم
في قاعة المحاضرات إبان دراستي الجامعية كنت أميل إلى قراءة الصحف أو إلى
الانشغال بأي أمر وبعد بلوغي من العمر عتياً وجدت انني لا أملك إلا
القليل، فالاستماع وحسنه أمر مطلوب ومفيد في الوقت نفسه، المهم يا أختي
ماذا أفعل؟
قالتها لي وهي تتحسر على وضعها .. قلت لها عليكي العوض .. اجتهدي فقط في
أبنائك وحثيهم على حسن الاستماع!! فالله سبحانه وتعالى يقول: {والله
أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئاً وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة
لعلكم تشكرون} وقد أجريت دراسة علمية عن الاستماع ودوره في مجال العمل
والإنتاج استهدفت مجموعة من المديرين المنفذين في شيكاغو بأمريكا اسفرت عن
نتيجة واحدة وهي عدم اهتمام الرؤساء بالاصغاء الجيد عند اتصالهم
بالمرؤوسين، ودراسة أخرى على الطلبة ورجال الأعمال في جامعة مينسوتا
والنتيجة ان الشخص العادي لا يتذكر سوى نصف ما سمع ولا يهتم كثيراً بكيفية
الاستماع وذكرت مجلة الفيصل في عددها 193أن الأبحاث العلمية تؤكد أن الشخص
العادي ينسى ما بين نصف إلى ثلث ما سمع خلال ثماني ساعات فقط وان ما ينساه
خلال هذه الساعات يفوق ما ينساه من الحديث خلال الأشهر الستة التالية.
أقول:
إنه حري بنا أن نكون مستمعين جيدين حتى يمكننا فهم وإدراك ما حولنا وحتى
يمكننا التركيز وحتى يمكننا تخزين هذه المعلومات التي تتكاثر في عصرنا
الحاضر، فبالاستماع الجيد نكتسب أشياء كثيرة أولها أن نضبط اللسان من
الزلات وثانيها أن نعرف كيف نتحدث وثالثها أن نكون قد أبعدنا عنا النسيان.