بونو
دي بونو هو صاحب مفهوم التفكير الجانبي، وهو طبيب من مالطا هاجر إلى بريطانيا وأصبح من مواطنيها. تركز اهتمامه على آليات التفكير الابداعي، وألف العديد من الكتب في هذا المجال، مع انه يمانع في وصف مفهومه بالابداعي. يزعم هذا المفكر انه أتى بما لم تأت به الأوائل منذ أكثر من 2000 سنة، ولهذا فهو شديد الحرص على مغازلة لجنة نوبل، طمعاً في تحصيل جائزتها. لكن مؤلفات هذا المفكر وأعماله يغلب عليها الطابع التجاري، ولا تجد فيها الصبغة الأكاديمية من حيث البحث. فهو قلما يشير إلى المراجع، حتى ليبدو الأمر وكأنه هو صاحب الفكرة المعينة، مع انه مسبوق إليها. وهذا قد يكون من الأسباب التي قللت الاهتمام بإنتاجه لا سيما في الوسط الأكاديمي. كما ان كتبه يغلب عليها التكرار، فمن الممكن عملياً ان تعصر هذه الكتب الكثيرة ويؤول أمرها إلى مجموعة صغيرة، لأنك تجد نفس المواضيع وقد تكررت بشكل واضح في كثير من كتبه.
ما هو التفكير الجانبي؟
مصطلح التفكير الجانبي مضلل، وهذا آت من استخدام كلمة التفكير بشكل إجمالي، ومن كلمة جانبي أيضاً. فهو يستخدم هذا المفهوم في مقابل مفهوم التفكير الرأسي، الذي لا يرى ما حوله، ويتبع المنطق. فكأن البشرية على طول قرونها لم تكن ترى ما حولها، إلا مع مجيء دي بونو. مع ان البشرية بالفعل قد انشغلت بالمنطق قروناً طويلة، لا سيما حضارتنا الاسلامية، مما تسبب في حرماننا من استمرارية النهوض بالعالم.
اعتمد دي بونو في بلورة مفهوم التفكير الجانبي على أبحاث علم الأعصاب، واستفاد كثيراً من معطيات علم النفس. وهو يرتكز بشكل أساسي على فهم الآلية التي يعمل بها الدماغ، ووظيفة الدماغ هي العقل وكيف يتعامل مع المعلومات. للعقل بهذا المعنى مزايا وعيوب، وهي متلازمة لا ينفك أحدها عن الآخر، والتفكير الجانبي هو الذي يصلح العيوب مع الاستمتاع بالمزايا في نفس الوقت.
كيف يعمل الدماغ؟
ينظم الدماغ المعلومات التي ترد إليه بطريقة آلية ذاتية، حيث يعمل على تشكيل الأنماط وتنظيمها والبحث عنها فيما بعد. والمقصود بالنمط هو التشكيلة المنظمة للخلايا العصبية التي يتألف منها الدماغ، وذلك في استجابته لما يرد إليه من معلومات، حيث يتيح لها المجال لتنظيم نفسها بنفسها على سطحه. وهو في ذلك أشبه ما يكون بالماء الساقط من السماء على ارض رخوة تتخذ المسالك المتاحة لها، أو تشكل بنفسها المسالك التي ستجري فيها، حيث يعتمد شكل هذه المسالك على طبيعة المعلومات الواردة والطريقة التي وردت بها .
إن قدرة الدماغ على تشكيل الأنماط والتعرف عليها والتعامل معها تجعله فعالاً في تعامله مع ما يحيط به . وهذا يعطيه القدرة على سرعة التعرف على الأشياء وسرعة التفاعل معها مما يتيح له المجال لاستكشاف ما حوله بفعالية كبيرة. وعلى الرغم من فعالية الدماغ هذه إلا انه في تشكيله للأنماط والتعامل معها يكتسب عيوبا محددة تؤثر على أدائه، وتجعله أسير هذه الأنماط مما يحد من قدرات الإبداع لديه وانطلاقها. وتتلخص هذه العيوب في أن الأنماط تميل إلى الرسوخ والثبات مع الزمن ويصعب تغييرها والخروج من دائرة سيطرتها، كما أنها تتمركز حول نمط معين وتصبح باقي الأنماط تابعة له ويتكون ما يشبه حالة الاستقطاب، كما أن هذه الأنماط تصبح مثل القوالب الجاهزة الجامدة.
من أجل التغلب على هذه العيوب قام ديبونو بابتكار مجموعة من الأساليب والوسائل التي تمكن الشخص من الخروج من سيطرة الأنماط والانطلاق في عالم الإبداع.
الفرق بين التفكير الرأسي والتفكير الجانبي
عندما يفكر الإنسان بشكل رأسي فهو أشبه بمن يحفر حفرة ويستمر في حفرها ويظل في نطاقها، ولا يمكن له والحالة هذه أن يأتي بجديد طالما انه يحفر في اتجاه واحد. فإذا ما كان عليه أن يأتي بجديد فعليه أن يخرج من هذه الحفرة إلى غيرها, وهذه هي الفكرة الأساسية في التفكير الجانبي. أي انه عليك أن تبحث عن اتجاه آخر تسير فيه، لأنك أن بقيت تحفر الحفرة السابقة ستظل في اتجاه واحد, أما إذا خرجت منها فتكون قد غيرت اتجاهك. ولهذا سمى ديبونو ذلك بالتفكير الجانبي لأنه يخرجك من الاتجاه الأحادي في التفكير العادي .
أهم الصفات التي تعيب التفكير الرأسي فهي كالآتي:
انه ينتقي الحل المطلوب ويكتفي بذلك
يسير في اتجاه واحد محدد
تحليلي
يسير في خطوات متتابعة
يعتمد على صحة أي خطوة يسير فيها أي لا مجال للخطأ المتسلسل
يعتمد فقط على الشيء الذي له علاقة وينبذ غيره
يتخذ المسار الواضح أو المألوف
أما التفكير الجانبي فانه يتجنب هذه العيوب فهو :
يبتكر أكبر قدر ممكن من الحلول والبدائل
ينظر إلى اكثر من جهة
ابتكاري
يقفز من خطوة إلى أخرى
قد يكون خاطئاً في مرحلة أو خطوة
يبقي على كل المعلومات المتاحة
لا يعتمد على المسار الواضح