freeman المـديـر العـــام
عدد المساهمات : 19334 تاريخ التسجيل : 05/01/2011 العمر : 64 الموقع : http://sixhats.jimdo.com/
| موضوع: أجيال الاستقلال ترد على ساركوزي وكوشنير بقوة: جرائمك لا تُنسى يا فرنسا الأربعاء مايو 09, 2012 9:20 am | |
| يبيّن الاهتمام الجماهيري الشبابي الواسع بالتظاهرات المقامة بمناسبة ذكرى مجازر الثامن ماي 1945 مدى تمسك أجيال الاستقلال في الجزائر بمطلب اعتذار فرنسا عن جرائمها الرهيبة المرتكبة طيلة فترة الاستدمار الغاشم وليس خلال ماي 45 فقط، وكان لافتا للنظر أن غالبية التظاهرات المقامة بالمناسبة نظمها ونشطها وحضرها شباب لا يعرفون عن الاستعمار سوى ما رواه لهم آباؤهم وأجدادهم أو ما قرؤوه في كتب التاريخ، وفي ذلك دلالة قاطعة على أن أجيال الاستقلال لن تنسى جرائم فرنسا.. ولن تسامحها أيضا.. ولذلك فقد عاد مطلب الاعتذار بشدة بهذه المناسبة. لقد راهنت باريس على عامل الزمن كثيرا، واعتقدت، عن جهل وجهالة، أن جرائم الاستعمار الفرنسي في الجزائر ستسقط بالتقادم، وتصورت أن الجزائريين سينسون ما حدث في ماي 1945 مثلا بعد ثلاثين أو أربعين أو خمسين سنة على أبعد تقدير، ولكنها تكتشف اليوم، بعد 66 سنة كاملة على ارتكاب تلك المجازر التي تجاوز عدد ضحاياها الستين ألف شهيد جزائري، أن ذاكرة أبناء الجزائر قوية، وجرائمها أفظع من أن تُمحى من هذه الذاكرة التي تحتفظ بصور بشعة لعمليات التقتيل الجماعي لآلاف الجزائريين الذين كان ذنبهم الوحيد أنهم رفضوا القهر والاستعباد، وأرادوا أن يستنشقوا هواء الحرية..
لن ننسى ما فعله آباؤك يا كوشنير قبل فترة صرح وزير الخارجية الفرنسي، برنار كوشنير، أن العلاقات الفرنسية ـ الجزائرية ستتحسن بعد رحيل جيل الثورة في الجزائر، وفُهم تصريحه يومها على أن باريس لا ترى أمامها فرصة لـ"تطبيع علاقاتها" مع الجزائر إلا في رحيل الجيل الذي حاربها بالسلاح، وأنها مازالت غير مستعدة للاعتراف بجرائمها في الجزائر، والاعتذار عنها، وتعويض ضحاياها.. وقد كانت ردود الفعل الجزائرية العفوية على ذلك التصريح قوية، إلى درجة أن صاحبها قال أننا أسأنا فهم تصريحاته، ومازال الجزائريون يثبتون، يوما بعد يوم، أن مشكلة فرنسا ليست مع الجيل الثوري فقط، بل مع كل الأجيال، وأن شباب الجزائر اليوم، رغم عدم معايشتهم لجرائم فرنسا، فهم غير مستعدين لمسامحتها على ما فعلت في آبائهم وأجدادهم، فمشكلة فرنسا مع الجزائريين جميعا وليست مع مفجري ثورة نوفمبر 1954 وحدهم.. وحين نتأمل عدد وطبيعة النشاطات المنظمة بمناسبة ذكرى مجازر 8 ماي 1945، التي يقول السيد خير الدين بوخريصة رئيس الجمعية المسماة باسم المناسبة الأليمة أنها خلفت ما لا يقل عن ستين ألف شهيد جزائري، نشعر بأن أجيال الاستقلال لم تنس ما فعلته فرنسا بأجيال الاستعمار، وندرك أن كوشنير على خطأ إذا تصور أن رحيل المجاهدين من هذه الحياة يعني فتح صفحة جديدة في سجل العلاقات بين الجزائر وفرنسا.. وحين ينظم أبناء الاستقلال تظاهرات بالجملة بمناسبة ذكرى مجازر ماي 1945، بعضها تحت شعار "التواصل بين جيل الثورة وجيل الاستقلال"، فإن شباب الجزائر يوجّهون رسالة مباشرة، لا لبس فيها، لكوشنير وساركوزي وأمثالهما من ساسة باريس الذين لا يكتفون برفض الاعتراف بجرائم فرنسا الاستعمارية والاعتذار عنها، بل يذهبون أبعد من ذلك حين يتحدثون بكل وقاحة عن ما يسمونه بدور إيجابي للوجود الفرنسي بشمال إفريقيا!..
الوجه الحقيقي للاستدمار الفرنسي كان 8 ماي 1945 يوم حداد في الجزائر حيث قام الجيش الفرنسي والمعمرون في العديد من مدن شرق البلاد بتقتيل عشرات الآلاف من الجزائريين والتنكيل بهم وتعذيبهم والإلقاء بهم في أفران الجير لمجرد مطالبتهم بحق الوجود ونهاية الاحتلال غداة انتصار الحلفاء على النازية. وظهر الوجه الحقيقي للاستدمار الفرنسي ـ الذي يحاول ساركوزي ومن معه تجميله ـ يومها في سطيف كما في قالمة وخراطة ومدن أخرى من شرق البلاد كان الاعتقاد السائد ولو لوهلة أن الاحتفالات بنهاية النازية في أوروبا كانت أيضا بداية نهاية الليل الاستعماري الطويل. في سطيف وفي مدن شرق البلاد اكتشف المعمرون وجيش الاحتلال أن الجزائريين هم أيضا يطالبون بحريتهم والتحرر من نير الاستعمار بعد مساهمتهم هم أيضا في انتصار الحلفاء على النازيين. وتظاهر الجزائريون في سطيف حاملين العلم الجزائري ولافتات كتبت عليها شعارات مثل "أطلقوا سراح مصالي" و"تحيا الجزائر حرة مستقلة" و"يسقط الاستعمار" أو "العربية لغتي والجزائر بلدي والإسلام ديني". لقد قتل خلال هذه المظاهرات الشاب بوزيد سعال على يد شرطي بسبب رفضه إنزال العلم الجزائري الذي كان يحمله. وكان يوم 8 ماي 1945 وهو يوم حداد بالنسبة للجزائريين بداية مجزرة وإبادة رهيبة. وكان يوم 8 ماي 1945 بداية أيضا لثورة شاملة ضد الاحتلال. في قالمة في نفس اليوم أوقف نائب المحافظ اشياري المظاهرة التي نظمها الوطنيون وأطلقت الشرطة النار على المتظاهرين مما أدى إلى مقتل أربعة جزائريين ولم يقتل أي أوروبي وقام اشياري بإصدار قرار حظر التجول وقام بتسليح ملشيات المعمرين. وفي المساء بدأت عمليات التوقيف والإعدام. واتسعت رقعة الثورة بسبب خبر القمع في منطقة سطيف وقالمة وخراطة وجيجل الذي خلف أكثر من 60 ألف قتيل حسب جمعية 8 ماي 1945. وفي قالمة تم اطلاق النار على شاحنات مملوءة بالمساجين بالسلاح الرشاش. وفي خراطة تم رمي جزائريين من فوق الجسور وهم مقيدون بالأسلاك.
فرنسا تحرق الجزائريين! يتناقل أبناء قالمة شهادات مروعة عن جرائم فرنسا التي أحرقت أجساد الذين نفذ فيهم الإعدام في أفران الجير للقضاء على كل الآثار التي قد تخلفها المجازر. وهذه المجازر "صدر في شانها العفو باسم مصلحة الدولة" حسب المؤرخين. وكتبت الصحافة الفرنسية في فيفري 2005 حول هذه الحقبة غير المشرفة لفرنسا الاستعمارية "لقد فضل حلفاؤنا، والحرب الباردة على الأبواب، الصمت واختاروا أن لا يحرجوا فرنسا" وذلك في الوقت الذي كان الرئيس ساركوزي يطلب فيه بشدة ويلح على أن يدرج في البرامج المدرسية "الدور الايجابي للوجود الفرنسي في شمال إفريقيا". وبينما كانت منظمة الأمم المتحدة وهي تخطو خطواتها الأولى قد أعلنت عن "حق الشعوب في تقرير مصيرها بنفسها" في ظروف غلب عليها زخم الانتصار على النازيين الذي ميز تلك الفترة كانت فرنسا تقتل دون أي خوف من العقاب عشرات الآلاف من الجزائريين وذلك تحت شعار "استتباب النظام الكولونيالي" حسب المؤرخين. وفي باريس كان الجنرال ديغول وهو على رأس الحكومة المؤقتة يصرح هو الآخر: "لا ينبغي أن يفلت شمال إفريقيا من أيدينا ونحن بصدد تحرير أوروبا". وأول صحفي جاء ليحقق في عين المكان عن مجازر 8 ماي 1945 وحاول الفرنسيون إخفاءه كان أمريكيا يدعي لاندروم بولينغ. وقد سلمه ضابط في المخابرات الانجليزية كل ما كان لديه من وثائق بعد أن أصيب بإحباط جراء ما وقع في صمت اعلامي دولي رهيب. وما كان على الصحفي لاندروم بولينغ المحقق السابق في ديوان الاخبار الأمريكي بنيويورك الا أن ينقل ويطلع العالم بالوجه المخزي "للدور الايجابي للوجود الفرنسي في شمال إفريقيا".
فرنسا ارتكبت جرائم ضد الإنسانية في الجزائر اعتبر السيد محمد الشريف عباس وزير المجاهدين مجازر 8 ماي 1945 بأنها "جرائم ضد الإنسانية" بالمفهوم القانوني لكونها ارتكبت ضد شعب اعزل خرج للتظاهر سلميا فجوبه بالسلاح وبقمع عسكري وحشي، مضيفا: "اننا كضحايا لا نجد وصفا وتكييفا لتلك المجازر غير كونها جريمة ضد الإنسانية بالمفهوم القانوني لانها وقعت ضد شعب اعزل خرج للتظاهر سلميا فجوبه بحد السلاح وبقمع عسكري وحشي". وقال السيد محمد الشريف عباس في تصريح صحفي بمناسبة الذكرى الـ66 لمجازر 8 ماي 45 أن الجريمة قائمة بالقرائن والدلائل ولا يمكن أن تسقط بالتقادم وهي تكاد تكون من ابشع الجرائم التي شهدتها الإنسانية في التاريخ لان هناك حالات اقل شناعة وحجما - مع استنكارنا لها - اعتبرت كجرائم ضد الإنسانية". وحسب عباس، فإنه مع حلول هذه الذكرى الأليمة يستعيد الشعب الجزائري بمرارة شريط المجازر "الشنيعة" التي اركتبها المحتل الفرنسي في حق الشهداء الذين "احدثوا بتضحياتهم نقلة نوعية في وعي الحركة الوطنية عامة وقيادتها بالخصوص". وذكر المتحدث أن تلك "التضحيات الجسيمة ساهمت في الفصل في النقاش حول البدائل الممكنة للخلاص والتي حسمت لصالح خيار الثورة المسلحة كحل وحيد لقطع دابر الاستعمار" مضيفا أن هذه الذكرى فرصة "لاستحضار التضحيات والآلام التي تكبدها الشعب الجزائري من اجل استعادة سيادته واستقلاله".
ْ
________*التــَّـوْقـْـيـعُ*_________ لا أحد يظن أن العظماء تعساء إلا العظماء أنفسهم. إدوارد ينج: شاعر إنجليزي
| |
|