بدايات الحاسوب في التعليم
· د. غسان يوسف قطيط
· المرجع: الحاسوب وطرق التدريس والتقويم/ دار الثقافة للنشر والتوزيع: عمان
مقدمة:
قام جون فون نيومان بدراسة التركيب الوظيفي للإنسان عن طريق ملاحظة كيفية حله للمشكلات، ووجد أن الإنسان لكي يحل مشكلة معينة فإنه يقوم بالعمليات الآتية:
توظيف حواسه في جمع عناصر المشكلة ومعلوماتها.
تخزين هذه المعلومات في الذاكرة.
تحليل المشكلة.
إيجاد الحل المناسب من واقع خبرته التي تعلمها.
اتخاذ قرار معين حيث تصدر الأوامر إلى العضلات المختلفة في عضو من أعضاء للتنفيذ وتقوم الأعصاب بدور الناقل في جميع مراحل هذه العملية.
وبذلك نجد أن الإنسان ينقسم وظيفيا إلى الوحدات الأساسية الآتية:
1. وحدات لإدخال واستقبال المعلومات والبيانات وتتمثل في الحواس الخمس: السمع والبصر والتذوق والشم واللمس.
وحدة لتخزين البيانات تتمثل في الذاكرة.
وحدة لمعالجة البيانات وهي العقل.
وحدة إخراج وتنفيذ البيانات وتتمثل في العضلات، والناقلات بين الوحدات وهي الأعصاب.
ولما كانت ذاكرة الإنسان عاجزة عن استيعاب المعلومات والبيانات إلى ما لا نهاية فقد استعان الإنسان بوسائط مساعدة يقوم بتخزين المعلومات عليها ثم استدعائها في أي وقت.
ويمكن توضيح ما سبق من خلال المثال الآتي:
- قيام طالب بتوجيه سؤال إلى زميله ولتكن عملية ضرب رقم في رقم.
- فيقوم الأول بتوجيه السؤال صوتيا، وتقوم وحدة الإدخال في الثاني وهي الأذن باستقبال السؤال.
- تنقله الأعصاب إلى وحدة المعالجة المركزية وهي العقل.
- يستدعي العقل ما يخزنه في الذاكرة عن كيفية إجراء العمليات الحسابية ويتولى حساب النتيجة.
- يبث الناتج عبر الأعصاب إلى عضلات الفم واللسان.
- يترجم إلى جواب صوتي يسمعه السائل.
بدايات الحاسوب في التعليم:
تُعد الخطوات السابقة تطبيقاً عملياً تم الأخذ به عند تصميم جهاز الحاسوب، فوحدات الإدخال تؤدي للحاسوب ما تؤديه الحواس الخمس، فنجد أن هناك عدة أنواع من أجهزة أو وحدات الإدخـال، مثـل لوحـة المفاتيـح والفـأرة والماسـح الضوئـي وقلم القراءة الضوئي، وهذا تماما مثل الإنسان.
ويحتاج الحاسوب إلى ذاكرة أساسية داخلية ولا يمكن للجهاز أن يعمل بدونها وهي دائمة الاتصال بوحدة المعالجة المركزية، والتقسيم المنطقي للذاكرة مكون من مجموعة من الحجرات تسع كل منها لثمانية بتّات، والبت هو أساس العمل في الحاسوب وكل ثمانية بتات تمثل بايت واحد الذي يمثل بدوره حرف هجائي أو رقمي واحدK.
والذاكرة الأساسية المرتبط بوحدة المعالجة المركزية محدودة في قدرتها التخزينية؛ لذلك تم استحداث عدد من وسائل التخزين المساعدة تماما مثل الوضع في حالة الإنسان، فنجد مثلا الوسائط الممغنطة مثل الأسطوانات اللينة، والأسطوانـات الصلبـــة والشرائـط الممغنطة، وكذلك الأسطوانات الضوئية ثم اسطوانات الليزر على اختلاف أنواعها.
ويعد الحاسوب كحلقة مهمة في تطور التدريس المبرمج، وكانت شركة IBM سنة 1958، أول من برهن عن إمكانية استعمال الحاسوب كآلة للتدريس، و لم تكن في الحقيقة هذه التجربة تستعمل الحاسوب كآلة للتدريس بقدر ما كانت تستعمله كوسيلة لمحاكاته ، و ذلك لأن باحثي IBM كانوا يعتبرون فكرة تمكين الطلبة من الاتصال المباشر بالحاسوب، مجازفة وأمرا مستبعدا على المستوى الاقتصادي.
و لم يمنع هذا شركات أخرى من استمرار البحث لاختبار مدى إمكانية إدماج الحاسوب في عملية التدريس، وفي نفس الفترة بدأت البحوث الجامعية في نفس المضمار، لكن بإمكانيات مادية أقل من الشركات.
ولعل أول مجهود، جدير بالذكر، لوضع نسق (( للتدريس بمساعدة الحاسوب )) كان هو برنامج Programmed Logic for Automatic Teaching Operation المعروف ب PLATO و الذي ظهر سنة 1958 بجامعة إيلينوى Illinoi .
وتعود بدايات توظيف الحاسوب في التدريس من خلال التدريس المبرمج الذي يرتكز على ما عرف لدى السلوكيين بالاشراط الإجرائي، ولقد لخصها سكنر في الآتي:
تحديد برنامج التدريس مسبقا.
تقديم العروض بوضوح.
عرض مقاطع التدريس بصفة منطقية في وحدات صغيرة.
عرض الأجوبة بشكل مبسط.
رد الفعل Retroaction فوريا.
احترام شخصية للمتعلم.
تقييم باستمرار أداءات التعلم.
والتدريس المبرمج طريقة تمكن من تفريد التعلم دون التدخل المباشر للمعلم، ويتميز هذا التدريس بنمط خاص في تقديم المادة، بالتماشي مع إيقاع عمل كل فرد، بالمشاركة النشيطة والمدعمة للمتعلم وأخيرا بالتقييم الفوري لعمله.
ويمكن تعريف الحاسوب بأنه آلة الكترونية تعمل طبقا لمجموعة تعليمات معينة لها القدرة على استقبال المعلومات وتخزينها ومعالجتها واستخدامها من خلال مجموعة من الأوامر، لذلك فهو ينفذ ما يعطى له من تعليمات وفق برامج محددة، وهناك العديد من أسباب استخدام الحاسوب في التدريس منها:
· يخدم أهداف تعزيز التعليم الذاتي مما يساعد المعلم على مراعاة الفروق الفردية، وبالتإلى يؤدي إلى تحسين نوعية التعليم التعلم.
· يقوم الحاسوب بدور الوسائل التعليمية في تقديم الصور الشفافة والافلام والتسجيلات الصوتية.
· يحقق الاهداف التعليمية الخاصة بالمهارات كمهارات التعلم ومهارات استخدام الحاسوب وحل المشكلات.
· يجذب انتباه الطلبة فهو وسيلة مشوقة تخرج الطلبة من روتين الحفظ والتلقين إلى العمل.
· يخفف على المعلم ما يبذله من جهد ووقت في الاعمال التعليمية الروتينية مما يساعد المعلم في استثمار وقته وجهده في تخطيط مواقف وخبرات للتعلم تساهم في تنمية شخصيات الطلبة في الجوانب الفكرية والاجتماعية.
· يختصر الزمن والجهد.
وحتى يستطيع المعلم من استخدام الحاسوب في التدريس بنجاح وفاعلية، يجب أن تتوفر فيه مجموعة من الصفات وهي:
الوعي التام بالحاسوب ومكوناته.
إمكانية استخدام الحاسوب وتطبيقاته التربوية المختلفة.
القدرة على البرمجة بإحدى لغات البرمجة الحديثة.
القدرة على تقويم البرامج التعليمية واختيار المناسب منها.
معرفة القيم والاتجاهات التي قد تنشأ عن استخدام الحاسوب في المواقف التربوية المختلفة.
معرفة مصادر البرامج التربوية المختلفة.
كما تم توظيف الحاسوب في جميع المراحل الدراسية من الابتدائية إلى المرحلة الجامعية، ويعود ذلك إلى الآتي:
يساعد على تصميم برامج تعليمية وفق الأهداف السلوكية التي يحددها المعلم مسبقاً لتلائم المجموعة التي يقوم بتعليمها بمادة معينة.
يوجه الطلبة نحو التعلم الذاتي وتغرس في نفوسهم الثقة.
يعد جهـاز الحاسوب مدرساً صبوراً مع الطلبة، اذ يتيح لهم إعادة المواد دون ملل أو كلل.
يسهم في تقليص الوقت والجهد؛ لإجراء تحليل البيانات، ويضمن دقتها، وله قدرة عالية على تخزين المعلومات واسترجاعها.
يتم عرض المادة التعليمية وصولاً إلى الهدف المحــدد بأساليب وطرائق متنوعة.
يعد الحاسوب من الأنظمة المهمة في نقل الأحداث التعليمية، فهو يمثل وسيلة اتصال وتفاعل بين الجهاز والمستخدم، بينما تقتصر الوسائل الأخرى على عملية الإرسال فقط.
تساعد البرامج المختلفة التي تستخدم على تكوين نوع من التعاون والألفة بين الطلبة، وتتلافى حالات الخجل التي تحصل نتيجة الإحراج من الإجابة الخطأ أمام الطلبة أو المعلم.
يُعد تفاعل الطلبة مع البرامج أحد مصادر نجاح الحاسوب في التدريس، ويمكن أن نحدد العناصر الأساسية لهذا التفاعل بالآتي:
- عرض وتقديم المعلومات: تقدم المعلومات في بداية تدريس المادة الجديدة، إذ تقدم الأسس والمبادئ والقواعد المهمة بمصاحبة التوضيحات والرسوم المختلفة من اجل الزيادة في الإيضاح.
- إرشاد الطلبة وتوجيههم: يعد عاملاً مهماً في العملية التعليمية، فينبغي للمتعلم ان يعي احتمال حصول بعض الأخطاء المرافقة للتعلم، وهنا لابد ان يكون التوجيه مرافقاً لعملية العرض والشرح، ودفع المتعلم على القيام بمحاولات عديدة للوصول إلى الاستجابة الصحيحة، ونؤكد هنا على أهمية التوجيه المباشر حتى لا تثبت المعلومات الخاطئة لدى الطلبة.
- تدريب الطلبة: الوصول إلى الأداء الجيد بسرعة وإتقان مع استمرار الملاحظة وتصحيح الأخطاء التي قد يقع فيها أثناء الأداء.
- تقويم الأداء: ينبغي أن يكون هناك اختبار تقويمي لأداء الطلبة، ويتم بوساطة اختبارات علمية مقننة لتحديد مستوى التعلم، ونوعيته، ومتطلباته، كما أن أهمية وضع الاختبارات التقويمية دليل على توجيه التعليم نحو حاجات الطلبة.
ْ
________*التــَّـوْقـْـيـعُ*_________
لا أحد يظن أن العظماء تعساء إلا العظماء أنفسهم. إدوارد ينج: شاعر إنجليزي