إن التنبؤ بالتغيرات التي قد تحدث في مجال التربية لا يخلو من مخاطر . ويبدو أن بعض المبتكرات القليلة التي يقصد بها التغيير ، يحالفه الحظ فينتشر بسرعة وتدوي شهرته في الأفق وبعضها يتم قبوله ببطء وعناء ، في حين يموت بعضها الآخر ويتلاشى حال ظهوره . ومع هذا وبرغم كل الصعوبات وحالات الإحباط وخيبة الأمل ، تظل عملية الابتكار مهمة .
لقد تم تطوير العديد من الوسائل والطرق الابتكارية من أجل مساعدة الناس في الاتصال والتعلم . واليوم ،يتم في المختبرات وحجرات الدراسة في جميع أنحاء العالم، تنمية أنماط مدروسة من التعليم مبنية على استخدام التكنولوجيا الحديثة . ومما لاشك فيه أن العديد من هذه المبتكرات يمكنه أن يؤثر تأثيراً كبيراً على التربية والمجتمع تماماً مثل تأثير الكلمة المطبوعة والفيلم ، والتلفزيون وأجهزة الكمبيوتر .
وسائل الاتصال والاتجاهات التربوية :
بذلت خلال السنوات العشرين الأخيرة جهود عديدة لتحسين عمليتي التعليم والتعلم وقد أسهمت مشروعات دعمتها الحكومات بالاعتمادات المالية في إجراء بحوث واسعة حول مواد وطرق التدريس . وكان لبعض تلك المشروعات تأثيرات مستديمة وراسخة ، بينما بعضها الآخر لم يكن له أي تأثير . وهذه القائمة تم اشتقاقها من بعض الميادين التي أجريت عليها البحوث حيث إن العديد من هذه الميادين لا يزال يحاول تقديم الكثير لمستقبل وسائل الاتصال في مجال التعليم .
هذه بعض الاتجاهات التربوية المعاصرة :
· زيادة التأكيد على الابتكار .
· تغيير الأساليب التعليمية .
· زيادة التفريد في التعليم .
· استخدام أكبر وسائل الاتصال الجديدة الخاصة بالتعليم .
· تغيير نقاط الاهتمام في المنهج .
· زيادة الاهتمام بالتأهيل التربوي للمعلم وإعادة تأهيله .
· زيادة الاهتمام بالحصول على المصادر التي تنمي فعالية التعليم .
· بذل المزيد من الجهد للتقريب بين نتائج البحث والممارسة الفعلية .
· تغيير أنماط الاستخدام التي يمارسها الأفراد .
· زيادة مساهمة المؤسسات غير المدرسية في التعليم والتدريب .
التربية ومدخل النظم في التعليم :
هناك اتجاه رئيسي للتركيز على التخطيط النظامي وإدارة البرامج التربوية ، وخاصة تلك التي تؤكد على التعلم الفردي . إن أسلوب النظم في التعليم الموصى بها لا ينقصها بأي حال من الأحوال ولا يعترض مع الجهود الرامية إلى توفير أجواء التعلم المفتوح وغير الرسمي الذي يقدره اليوم كثير من الناس كما أن الطريقة النظامية في التربية قد تقيد التعليم دون أن تهيمن عليه ، وهي توجه عمليتي التعليم والتعلم وتوجد أسساً لتقويم تحصيل التلميذ وتقدمه .
زيادة تفريد التعليم :
حظيت الفروق الفردية بين التلاميذ بالاهتمام لفترة طويلة لكنه اهتمام يتبدى في النظريات والأحاديث أكثر مما يتبدى في الفعل والممارسة .وعلى أية حال فقد تم خلال السنوات العشر الماضية تشجيع الجهود التي تسعى لتوفير المزيد من تفريد التعليم . وقد برزت طرق عديدة لتسهيل أمر هذا التغيير حيث اعتبر في الكثير منها أن استخدام وسائل اتصال متباينة يمثل أهم عامل من العوامل التي تؤدي إلى نتائج مرغوبة .
مزيد من التعلم المستقل :
سوف تستمر المدارس بكل تأكيد في توفير المزيد من فرص التعلم المستقل . وسوف تحتوي مراكز مصادر التعلم على جميع أنواع وسائل الاتصال بحيث تصبح تلك المراكز من الأمور المهمة التي يحسب حسابها في تخطيط التعليم وبرمجته .
كما وسوف يتم توفير أمكنة للدراسة المستقلة في مراكز مصادر التعلم وقاعات السكن وكذلك في أروقة المدارس وفي أركان حجرات الدراسة العادية . هذا وسوف توفر مراكز التعلم في المدرسة الأجهزة والمواد التي يحتاجها الطلبة لأن يأخذوها إلى منازلهم . كما سوف يكون الأعداد متزايدة من الطلبة أدواتهم الفنية الخاصة بهم _ أجهزة قراءة للمصغرات قابلة للحمل ، والآت الحاسبة أو جهاز الكمبيوتر وسواها من الأدوات السمعية والبصرية _ مما سوف يظلون يستخدمونه لفترة طويلة بعد تخرجهم وتركهم لمدارسهم .
أدوار المعلم المتغيرة :
يقوم الاستخدام المتزايد لوسائل الاتصال التعليمية في الحقائب التعليمية النسقية والمصممة بشكل نظامي بتغيير أدوار المعلمين ومهماتهم . وقد تم استبدال العديد من الوظائف التقليدية للمدرسين بعدد من الوظائف والمهمات الجديدة التي ينظر إليها باعتبار أنها كفاءات يجب إتقانها من خلال النشاطات التدريبية قبل فترة الخدمة وخلالها وإذا ما تم اعتماد مصادر التعلم الحقائبية فانه يطلب من المدرسين أن :
· يقوموا بالتعديلات اللازمة للمصادر كي تلبي حاجات الطلبة الفردية .
· يساعدوا في توجيه التعديلات التصحيحية التي تخرج عن البرامج التعليمية المقررة .
· يقودوا أو يشاركوا في المداولات التي تجربها المجموعات الصغيرة من الطلبة .
· يقوموا بواجبات تخصصية وأحياناً غير العادية مثل المشاركة في لجان تطوير التعليم أو في تقويم عمل الطلبة .
· يوجهوا ويقيموا أداء العاملين معاً في مجال معين بما في ذلك المهنيين التخصصين أو المستخدمين الفنيين والكتبة الذين يعملون كأعضاء في فرق التدريس .
وجنباً إلى جنب مع هذه التحسينات فإن أعداداً صغيرة من المحاضرين المقتدرين الذين باستطاعتهم أن يحفزوا الطلبة لأن يتعلموا سوف يظلون يشتغلون أدواراً مهمة في التعليم ، وسوف لا تضيع جهودهم وإسهاماتهم سدى في أشكال التعلم الحديثة . وغالباً ما سوف يلتقون وجهاً لوجه من المجموعات الكبيرة من الطلبة كما سوف ينشرون مواهبهم على نطاق واسع من خلال التلفزيون والإذاعة وأشرطة التسجيل الصوتية وغيرها من وسائل الاتصال .