freeman المـديـر العـــام
عدد المساهمات : 19145 تاريخ التسجيل : 05/01/2011 العمر : 64 الموقع : http://sixhats.jimdo.com/
| موضوع: الطرائق البيداغوجية الأربعاء ديسمبر 11, 2013 8:21 pm | |
| 1 - تعريف : يشير كلا من Champy و Etévé . إلى أن استعمال "طريقة بيداغوجية" يعد من الاستعمالات الواسعة في الأدبيات البيداغوجية ، حيث يمكن أن نميز بين ثلاث معان متداولة : المعنى الأول ، يشير إلى اعتبارها اتجاها بيداغوجيا يبحث عن دعم بعض الغايات التربوية ، فيؤدي إلى مجموعة واضحة من الممارسات ، مثل : طرائق تقليدية ، حديثة، فعالة ... و ما يوحد بين هذه الطرائق هو كونها تعمل على توظيف وضعيات و وسائل مختلفة تكون تابعة لمشروع تربوي واضح ، المعنى الثاني يستعمل للإشارة إلى نوع من الأنشطة التي تهدف إلى إتاحة بعض أنواع التعليم ، أو إلى تنمية بعض القدرات (الطريقة الكلية، طريقة المشروع ، طريقة التعليم المبرمج ...) و الشيء الموحد في هذه الطرق هو طبيعة النشاط في خصوصيته البيداغوجية ، حيث يستدعي وضعيات و وسائل محددة ، أما المعنى الثالث فيستعمل للإشارة إلى وسائل خاصة ذات استعمالات مضبوطة ترتبط بأهداف محددة جدا (الوضعية المشكلة،مشاكل مفتوحة...)
كما أن الطريقة البيداغوجية الحقيقية ، هي عبارة عن نموذج واضح ، انطلاقا من الأسس المرجعية التي تستند إليها ،و انطلاقا من حرصها على تحقيق توازن بين متغيراتها الثلاث : الغايات، المرجعية العلمية ، الوسائل و الأدوات (Champy,Etévé, 1994) و الطريقة حسب Leif هي مجموع المبادئ و الوسائل و الخطوات و قواعد الفعل التربوي أو البيداغوجي قصد تحقيق الأغراض و الأهداف و الغايات التي نحددها (Leif.J, 1974 ) .
كما نجد بأن الطريقة حسب روكلان REUCHLIN هي مجموعة منظمة و واضحة من المقاصد و النتائج التربوية الموجهة نحو هدف معلن بصفة ظاهرة أو ضمنية . بعد محاولتنا التعرف على معنى الطريقة ، سننقل الآن إلى تحديد أهم مكونات الطرائق البيداغوجية .
2 ـ مكونات الطرائق البيداغوجية : تتكون الطرائق ، بالنسبة لتنظيمها الداخلي ، من خمس مكونات أساسية:
1 ـ المستوى المنهجي le degré de la didactisation : ويشير إلى الوضع الذي تتحده المعارف المدرسية في علاقاتها بالمجالات الاجتماعية التي ستظهر فيها (البعد الوظيفي للمعرفة المدرسية) .
2 - الوضعيات المستعملة : و يمكن ترتيبها علي ثلاثة أنواع حسب بنية التواصل المقترحة من طرف كل واحدة: الوضعيات الجماعية المفروضة (الدرس الإلقائي ...) ، وضعيات النشاط المتداخل situations interactives و تتضمن جميع أشكال العمل بالمجموعات ، و أخيرا وضعيات فردانية ، و تشمل المقابلة مع وصي tuteur ... الدراسة بمساعدة الحاسوب ...
3 - الوسائل المجندة : أي الوسائل المستعملة (نص ،صورة، أداة ...) و هنا يجب مراعاة ما أصبح يسمى بالجانبية البيداغوجية profile pédagogique حيث أن كل متعلم يكون صورا ذهنية سمعية ، أو بصرية أو لها علاقة بالإحساس الحركي ، و عليه يمكننا أن نكيف أو نختار وسائلنا حسب المنحى البيداغوجي للمتعلم ، الذي يمكن أن يفضل وسيلة على أخرى .
4 - العلاقة البيداغوجية : وهنا يتعلق الأمر بالتوجيهية أو اللاتوجيهية ، أو التوجيهية الجديدة ، و في هذا المجال ، يتحدث مثلا كورت لووين Kurt lewin عن رئيس الجماعة السلطوي ، و عن اللاتوجيهي ، و عن التسيير الديمقراطي) و هي مفاهيم مشتقات من علم النفس الإجتماعي ، و خاصة من الدراسات التي اهتمت بدينامية الجماعات (Dynamique des groupes)
5 - أشكال التقويم : حيث نجد بأن أية طريقة بيداغوجية تتميز بشكل التقويم الذي نختاره ، و يمكننا أن نلمس ذلك لاحقا ، حيث أن التقويم وفق نموذج بيداغوجيا الأهداف ليس نفسه في بيداغوجيا الكفايات (سلسلة التكوين التربوي العدد 4) .
إذن، تلكم المكونات الخمس الأساسية للطرائق البيداغوجية و ذلك حسب تنظيمها الداخلي ، كما أشرنا إلى ذلك سابقا ، و في الخطوة التالية ، و قبل التطرق إلى مسألة تصنيف الطرائق البيداغوجية نظرا لأهميته للتمييز بين مختلف الطرائق المستعملة ، لا بأس أن نميز مفهوم الطريقة عن بعض المفاهيم المتشابهة معها ، لتلافي كل خلط محتمل .
3 - تمييز الطريقة عن بعض المفاهيم المتقاربة معها : و سنخص هنا بالذكر بعض المفاهيم التالية : النموذج التربوي ، التقنيات التعليمية ، الطريقة أو الأسلوب التعليمي ، المنهجية : فالنموذج التعليمي يشير إلى نسق بأكمله ، و ينطلق من السياسة التعليمية إلى الممارسة اليومية لعملية التعليم مرورا بالمناهج و بتنظيمها و تخطيطها ، التنظيم الإداري و التأطير التربوي و الموارد المادية و البشرية ، و يتسم بطابعه الدينامي في علاقته مع النسق الثقافي و الاجتماعي و بتوضيحه لأساليب إيصالها و تبليغها ... أما الطريقة فهي شكل من أشكال العمل الديداكتيكي داخل الوضعية التعليمية التعلمية ؛ التقنية التعليمية، تعني مهارة un savoir faire ، و ذلك في الاستعمال العام حسب le gendre ، و من بين هذه التقنيات مثلا تقنية السؤال ، تقنية جلب الانتباه ، تقنية التحفيز ... أما المنهجية (وكما رأينا سابقا) هي مجموعة من الخطوات أو المراحل المنظمة و المرتبة، يقوم المدرس بتنفيذها، حتى يتمكن من إنجاز الدرس (سلسلة علوم التربية، عدد 7) .
والآن ننتقل إلى تصنيف الطرائق البيداغوجية للتعرف على الطرائق البيداغوجية المتداولة و خصائص كل واحدة منها على حدا .
4 - تصنيف الطرائق البيداغوجية : يشير reuchlin إلي عدم وجود نظرية عامة تساعد على تقديم تصنيف وحيد و واضح لمجموع الطرق و التقنيات التربوية و التعليمية ، و يقترح الأسس التالية :
طرائق حديثة مقابل طرائق تقليدية : الأسس السيكولوجية و الفلسفية المعتمدة مثلا كطريقة ديكوليdecroly، طريقة مونتيسوري montessori التي لا يمكن فهمها إلا بالرجوع إلى السيكولوجيا الحسية لكونداك ؛ طرائق سكينر (التعلم الإجرائي ، التعليم المبرمج) و هي كنتيجة لنظرية التعلم بالمثير و الإستجابة ؛ طرائق Makarenko (العمل بالمجموعات) و هي نتيجة لمواقفه الماركسية ، الطرائق الحديثة التي ترتكز على الإبستيمولوجيا التكوينية (Piaget - Wallon) ؛ الطرائق التقليدية التي تعتمد على الإلقاء ...
حسب موقف المربي : الطرائق الإلقائية أو الخطابية ، الطريقة اللاتوجيهية و حسب دراسات كل من Lewin و white و Hippit ، نجد طريقة المدرس المتسلط أو المدرس الديمقراطي أو المدرس الفوضوي (اللاتوجيهي) .
نوع العمل الذي يقوم به المتعلم : الطرائق الجماعية ، الطرائق الفردانية أو التفريدية ،كما في التعليم المفردن أو في طريقة دالتون . أشكال الإلقاء إضافة إلى الوسائل المستعملة ، التي قد تكون كلمة أو جسم ملموس أو صورة ، كما أن المسؤول عن الإيصال قد يكون إنسانا أو آلة ، كالحاسوب ...
نوع العمل الذي يطالب التلميذ إنجازه : مثلا ، الطرائق التقليدية تطالب التلميذ بالتكرار و الحفظ الآلي ، بينما الطرائق الحديثة تدفعه إلى طرح الأسئلة و حل المشكلات و الاكتشاف و الإبداع و الإختراع (Reuchlin.M, 1974) .
و بصفة عامة ، يمكن تصنيف الطرائق إلى مستويين أساسيين : هناك، من جهة ،الطرائق التقليدية ، التي صنفها Not ضمن ما أسماه بطرائق البناء الخارجي ، و هي تعتمد أساسا على تلقين موضوع المعرفة ، و من جهة أخرى ،هناك طرائق "البناء الذاتي" أو الطرائق الفعالة Les méthode actifs (سلسلة التكوين التربوي ، العدد 4) .
و يمكننا أن نتعرف بتدقيق أكثر على أهم خصائص الطرائق الرائجة في الأدبيات التربوية ، المتمثلة في الطرائق التقليدية و الطرائق الحديثة و الطرائق النشيطة أو الفعالة .
القاسم المشترك بين الطرائق التقليدية كونها قديمة و متمحورة حول تبليغ المعارف و سلطة المدرس . و مبادئها الأساسية تقوم على التبسيط و التحليل و التدرج من البسيط و الجزئي إلى المركب و الكلي من خلال تفريغ المادة و تجزيئها ، و تمتاز بالطابع الصوري ، حيث تعتمد على التسلسل المنطقي و التصنيف ، و الاعتماد على الحفظ في التعلم و على التذكر عند التقويم ، و الاعتماد على السلطة و العقاب ، و المنافسة للحصول على الجزاء ، و التركيز على الحدس أي الاعتماد على أشياء مجسمة لإثارة الملاحظة و الإدراك الحسي : كما أنها تنطلق من سيكولوجيا الملكات ، التي قوامها تنمية الملكات العقلية .
أما الطرائق الحديثة فتتمحور بصفة عامة حول نشاط الطفل و تعلمه الذاتي و من أهم مبادئها : تكييف المدرسة حسب حاجيات الطفل ، و اعتبار نمو الطفل و نضجه و تكييف التعليم حسب كفاءات و قدرات المتعلم ، و الانطلاق من حوافز المتعلم و اهتماماته ، و تعلم الطفل عن طريق الملاحظة و التفكير و التجريد و النشاط الذاتي ، و تعتمد أيضا على تنشئة الطفل انطلاقا من حياته الاجتماعية .
أما الطرائق النشطة أو الفعالة (و هي بالطبع جزء من الطرائق الحديثة)فهي تتمحور حول نشاط المتعلم و الفعل الذي يتعلم من خلاله المعارف و يكتشفها ، حيث يصبح مشاركا بنفسه في بناء المعارف مستعملا مبادرته الإبداعية ، بدلا من تلقي المعارف (من الخرج جاهزة) حيث تعتمد على المبادرة الشخصية و الإبداعية و الاكتشاف ... فالنشيط يعتبر جماعة القسم جماعة منتجة و متعاونة ، غير أن هذا الإنتاج هو إنتاج شخصي و فردي و المعايير التي تستند إليها هذه الطرق هي : النشاط و الحرية، و حق المبادرة و التربية الذاتية التي تعتمد على النشاط و القرار الشخصي و الاستقلالية . و من مؤسسي الطرق الفعالة نجد كل من Pestalogie و Dewy و Decroly و Ferrière ... و هي بصفة عامة تقوم على المبادئ التالية : تسعى إلى تكوين أطر متعودة على اقتراح أشكال جديدة من العمل و ميالة إلى التجديد ، و تجعل التلميذ صانعا لمعرفته من خلال مشاركته ، و تجعل القسم كمجتمع صغير قادر على تسيير نفسه بنفسه وفق قوانينه و معاييره الخاصة و العيش بشكل تعاوني ، و تدفع إلى تعلم التعليم ، و ذلك بجعل التلميذ يستشعر إلى معرفة العالم الذي يحيط به (معجم علوم التربية،2001) .
إن كل طريقة تربوية تؤطرها مرجعيات إيديولوجية معينة ، لنرى ما هي الخلفيات الإيديولوجية و الفكرية للطرائق .
5 - الخلفيات و المرجعيات الفكرية و الأيديولوجية للطرائق : إنه لا يمكن فهم أية طريقة إلا إذا تم الرجوع إلى خلفياتها و أسسها الفلسفية و السوسيوثقافية بالإضافة إلى تمثلاتها السيكولوجية للطفل و للخصوصيات النمائية .
لنبدأ أولا من الخلفيات الفكرية والأيديولوجية للطرق التقليدية : اعتمد ت هذه الطرق على بعض الأسس الفلسفية التي تجد مرجعيتها في الفلسفة الحسية Ph.Sensualiste التي التصقت بالفيلسوف و المربي الإنجليزي John loke في نهاية القرن 18 م ، الذي كان يعتبر العقل صفحة بيضاء و أن الإحساس هو المدخل الأساسي لتأسيس كل مفهوم و معرفة و بالتالي فالأفكار و المعرفة ، حسب هذا التيار ،لا يمكن أن تتأسس إلا عن طريق الإدراكات Perceptions الناتجة عن عمل مختلف الحواس ؛ و موقف هذا التيار هو موقف فلسفي خبري تجريبي empirique ، حيث يعتبر المعرفة مستقلة عن الذات ، و الوسط الخارجي هو المصدر الحاسم في تكوين المعرفة . و من أهم ممثلي هذه الفلسفة التربوية الخبرية في القرن 19 في أوربا Codillac في فرنسا ، Herbart في ألمانيا الذي أثرت أفكاره في بعض رواد التربية الحديثة مثل Maria Montesseri . كما نجد الترابطية من بين المرجعيات الفكرية التي تأثرت بها الطرق التقليدية ، حيث إن أهم شئ فيها هو الترابط الموجود بين الأفكار (أرسطو) ، إذ أن عملية الترابط تتم بواسطة التشابه و التقابل و التجاور الزمني و المكاني . و من بين الخلفيات السوسيوثقافية للطرائق التقليدية ، نجد بأن هذه الطرائق هي انعكاس لموقف اجتماعي و سياسي محافظ ، يعمل على إعادة إنتاج مجتمع بشكل سكوني و أحادي ، بحيث لا ينتج سوى نسخ مكررة من الأفراد و النماذج الاجتماعية و الثقافية و القيمية التقليدية و المحافظة .
و من بين الأفكار النقدية التي وجهت لهذه الطرق التقليدية ، نجد مثلا Clausse الذي يقول بأنها تعتمد على بيداغوجيا سلبية و دوغمائية ، حيث إنها تعتمد على تنظيم و توجيه قبليين حسب أهداف و غايات قبلية ، متأثرة بنظرية نيوتن السائدة في القرن 19 ، التي كانت تتصور الكون تصورا ميكانيكيا محددا من خلال القوانين الثابتة للطبيعة ، و حيث عناصره و ظواهره ترتبط فيما بينها سببيا ... كما نجد بأن Palmade ينتقد الأساس الترابطي لهذه الطرائق التي تختزل النشاط الفكري في عمليات التركيب بين الذرات النفسية الساكنة (الإحساس و الصور) . كما أن هذه الطرائق التقليدية تتبنى تمثلات سلبية حول نمو الطفل و خصائصه ، حيث تعتبر الطفل "رجلا صغيرا" باستطاعته فهم الأشياء من منطق الراشد ، كما أن فهم مواد البرامج يتم عن طريق عملية التذكر و الإكراه (حيث إن الطفل شرير بطبيعته) ، و الذكاء حسب هذه الطرائق إما أنه عبارة عن ملكة faculté معطاة دفعة واحدة ، أو أنه عبارة عن نظام من الترابطات تكتسب بشكل ميكانيكي عن طريق ضغط عناصر الوسط الخارجي . و بهذا الصدد يعتبر Palmade بأن مبدأ التذكر و مبدأ الشكلية يرتبطان بالسيكولوجيا الذرية و الترابطية ، و بأن سيكولوجيا الملكات يمكن ربطها بفكرة أن التدريس ما هو إلا نوع من التدريب ، حيث الطفل يمتلك ملكات طبيعية تتيح له اكتساب المعارف و القدرات التي يتوفر عليها الراشد حسب هذه الطرق التقليدية .
أما بالنسبة للطرائق البيداغوجية الحديثة و الفعالة ، فإنها اعتمدت على بعض الأسس الفلسفية التي تعود إلى نهاية القرن 18 م مع التوجه الإنساني لجان جاك روسو (1712-1778) ، حيث يعتبر مؤلفه Emile (1762) من أعمق مؤلفاته التربوية التي أحدثت ثورة كوبيرنيكية في التربية و البيداغوجيا و سيكولوجية الطفل ، و ذلك أنه جعل الطفل مركز كل الاهتمامات التربوية ، إذ دعا إلى احترام طبيعة الطفل ، و اعتمادها المرجع الأساس لكل تربية أو بيداغوجيا ، و إلى احترام إيقاع النمو الطبيعي لنشاطات الطفل و لقدراته و اهتماماته ... و آراء روسو هي عبارة عن تأملات نظرية و فلسفية في الطبيعة الإنسانية و المجتمع و قد استلهمت أفكار روسو عدة مفكرين من بينهم الفيلسوف الألماني كانط .
كاتب المقالة : محمد الصدوقي من كتاب المفيد في التربية تاريخ النشر : 08/07/2010 من موقع : مجلة مدرستي للتربية والتعليم رابط الموقع : http://www.madrassaty.com
ْ
________*التــَّـوْقـْـيـعُ*_________ لا أحد يظن أن العظماء تعساء إلا العظماء أنفسهم. إدوارد ينج: شاعر إنجليزي
| |
|