هل نحن أمام ظاهرة غريبة تتحرك بنا نحو الهلاك الفكري؟ كيف نستطيع أن نقاوم التّخلف ونحن أمة لاتقرأ؟
من المؤسف جدا أن نقف اليوم أمام هذا السؤال الكبير الذي يفتح أمامنا استفهامات كثيرة وعميقة في عالم يتقدم بسرعة البرق نحو تكنولوجية عصرية متسارعة التّطور.
أعتقد أن مشكلة المقروئية في دولنا العربية مرتبطة ارتباطا وثيقا بالمشاكل الاجتماعية والاقتصادية والسياسية فنحن لا نستطيع أن نؤسس لأجيال متعلمة ومنفتحة على الآفاق ومتطورة وهي تعيش تحت الخط الأحمر من الفقر والحاجة، اٍن السؤال حول تراجع مبيعات الكتب ليس وليد الساعة لأن التخلف الفكري لدى الطبقات جميعا متساوية في رأيي الشخصي ولا تعدو أن تكون اٍلا يقينا على ديكتاتورية الحكومات المريضة بالحكم وتجويع الشعوب لكي لا يتمردوا بفكرهم.
ثم أنا لا أجد حلا ماديا لمفهوم تراجع المقروئية اٍلا بنشر الوعي في المدارس والجامعات والبدء في تربية الأجيال اللاحقة على حب الكتاب منذ الطفولة، لأن هذا الاجتهاد
هو العنصر الأساسي لبناء مرجعية قابلة للتداول المستقبلي وقابلة أيضا للمشاركة في تحقيق التخفيف من العجز أو الرفض أو الامتناع عن قراءة الكتاب.
اٍنّ التّعوّد على القراءة يبدأ من الصغر ليتحوّل الخيار الأول في حياة كل اٍنسان ينشد اٍلى التطور.
قد يقول قائل اٍن القراءة على جهاز الكومبيوتر أصبحت تفي بالغرض ولا حاجة لشراء الكتب التي لم تعد في متناول الكثير لغلاء أسعارها و لعدم توفر مكان شاغر لها، لكنّني أعود وأقول اٍن السّر في الكتاب ذاته فهو خفيف في حمله ولا يحتاج اٍلى مدّه بالكهرباء والنت، وهو كالطبيعة في اختلاف أفكاره وألوان لغاته…
وعليه فمن الضروري أن تعمل الحكومات العربية على تشجيع الأجيال على حب الكتاب في المدارس بتوفير لهم مختلف الكتب القصصية الجميلة مع الحرص على فتح مكتبات عمومية مجانية وتحديد سعر مناسب يكون في متناول القارىء في المكتبات الخاصة.
أعتقد أن الكاتب الصادق الحقيقي لا يمانع اٍذا بيع كتابه بسعر رمزي لكي تستفيد منه العقول المحبة للقراءة، بقي على الناشريين أن يتوقفوا عن ممارسة لعبة التجارة بالكتاب لأنّه ليس رمزا للثروة بقدر ما هو رمز للثورة على الفقر والذّل والحرمان من التّعلم والانفتاح على العالم بعقل سليم.
اٍنّ الخوف على الشعوب من التّعلم هو ضرورة سامية تريدها الحكومات المريضة بسلطتها لكي لا يقوى عليها صوت ولا يزلزل سلطانها عقل ولا تأتي أجيال أخرى متعطشة للاختلاف.
وصدق من قال العلم نور والجهل ظلام وأنا أقول الكتاب ثورة والجهل موت وفناء.