إنّ النظرية البنائية ليست نتاج عالم واحد، ولم تظهر مرّة واحدة، بل ظهرت وتبلورت نتيجة إسهامات الكثير من العلماء على مرّ العصور.
وبالنسبة لنا لا يهمّنا الخوض في تفاصيلها بقدر ما يهمّنا نتائجها المتمثّلة في مبادئها وتطبيقاتها في العملية التعليمية التعلّمية.
وقد جاءت دورة التعلم Learning cycle تحقيقًا لتخطيط درس العلوم والتعليم والتعلم من جهة وتطوير مناهج العلوم وبرامجها
وتدريسها من جهة أخرى.
و لهذا صُممت دورة التعلم (الثلاثية) في الأصل لبرنامج المرحلة الابتدائية الذي قام به روبرت كاربلس Robert karplus
و زملاؤه في ستينات القرن العشرين، وتم تطوير هذه الإستراتيجية واستثمارها في مناهج العلوم وتدريسها في المراحل التعليمية
الأخرى.
أولًا: مفهوم استراتيجية دورة التعلم:
هي طريقة في التعلم والتعليم ، يقوم الطلبة أنفسهم بالتحرّي والاستقصاء والتنقيب والبحث وتهتم بتنمية مهارات التفكير والمهارات العملية لدى المتعلم ، وتنسجم مع الكيفية التي يتعلم بها التلاميذ ، وهي تقوم على مبدأ النموذج الاستقصائي.
تتكون عمليًا من ثلاث مراحل (دائرية) هي:
١- مرحلة الاستكشاف Exploration phase:
هذه المرحلة متمركزة حولَ المتعلم في تفاعله مباشرة مع إحدى الخبرات الحسّية الجديدة المتعلقة بالمفهوم الذي يدرسونه بحيث تثير لديهم التساؤلات وقد يكتشفون علاقات لم تكن معروفة لديهم , ودور المعلم يكون في التوجيه والمساعدة دون التدخل فيما يكتشفونه.
٢- مرحلة تقديم المفهوم Concept Introduction:
هي مرحلة استخلاص أو تطوير المفهوم أو الشرح أو تسمى ( الإبداع المفاهيمي .
٣- مرحلة تطبيق المفهوم (الاتساع المفاهيمي) Concept Application:
يأتي هذا الاتساع المفاهيمي من خلال تعميم المتعلمون خبراتهم السابقة وتطبيقها على مواقف تعلُميّة تَعلِيمية جديدة.
ثانياً : خطوات تخطيط أنشطة إستراتيجية دورة التعلم (للمعلم):
تحديد أهداف التعلم.
تحديد المفهوم أو المبدأ العلمي.
إعداد قائمة بالخبرات الحسّية المرتبطة بالمفهوم أو المبدأ.
تخطيط أنشطة مرحلة الاستكشاف.
تخطيط أنشطة الإبداع المفاهيمي.
تخطيط أنشطة تطبيق المفهوم.
ثالثاً : مميزات استراتيجية دورة التعلم:
يقوم متعلم ببناء المعرفة بنفسه ولا يستقبلها من المعلم بشكل مباشر.
يتفاعل المتعلم مع البيئة ، فأن المعرفة عملية تكيفية.
يكون دور الطالب فعّال ونشط في عملية التعليمية.
تراعي القدرات العقلية للمتعلمين.
تقدم العلم للمتعلم وفق الطريقة الاستقصائية من الجزء إلى الكل.
تهتم بتنمية مهارات التفكير العليا.
تبعث متعة الاكتشاف لدى الطلبة خاصة عندما يواجهون الظواهر الطبيعية.
المتعلمين ذوي التفكير المحسوس على اكتساب المفاهيم المجردة.
رابعاً : تطورات استراتيجية دورة التعلم:
1-استراتيجية دورة التعلم المُعدلة (4E's):
تم تعديل دورة التعلم الثلاثية إلى دورة التعلم المعدّلة المكونة من أربع مراحل كما وثّقها مارتن وزملاؤه 1994م.
كما يأتي :
مرحلة الاستكشاف :
و هي مرحلة تتمركز حول الطالب (المتعلم) وتثير عدم التوازن المعرفي للطالب.
و دور المعلم هو التوجيه والمساعدة.
مرحلة التفسير:
وهي مرحلة تتمركز حول الطالب مبدئيًا لكن بدرجة اقل من حيث أن المعلم يوجه تفكير الطلاب بحيث يبنون المفهوم
بطريقة تعاونية.
مرحلة التوسع أو تطبيق المفهوم :
و هي مرحلة تتمركز حول الطالب، وتهدف إلى مساعدة الطالب على التنظيم الفعلي للخبرات وترتيبها، وتشجيع التعلم التعاوني،
و يكون ذلك بإيجاد علاقة أو الربط بين الخبرات الجديدة أو المشابهة.
مرحلة التقويم :
يجب أن يكون التقويم مستمرًا في جميع مراحلها الأربعة.
و قد اعتمدت هذه الإستراتيجية على بُعدين:
- البعُد الأول: نظري (الإدراك والتصور).
- البُعد الثاني: عملي (بعد التجهيز والمعالجة).
و يشكل البُعدان أربعة مراحل للتعلم وهي: ( يشعر – يلاحظ – يفكر –يطبق )
و من خلالها نحصل على أربعة أنماط للتعلم وهي: ( التبايني – الاستيعابي –التقاربي– الموائمي ).
٢- استراتيجية بَايبي bybee (5E's):
إن إستراتيجية دورة التعلم ( الثلاثية ) تم تعديلها إلى الرباعية ، وفي هذا جُعل النموذج البنائي دورة التعلم كما طورها واقترحها
بايبي دورة التعلم خماسية، لاحتوائها على خمس مراحل وهي:
1- مرحلة الانشغال Engagement:
في هذه المرحلة يتعرف الطلبة المهمة التعليمية لأول مرة، ويربطون بين خبرات التعلم السابقة والقائمة
و في هذه المرحلة يشجعون على توقع النشاطات المقبلة ويتوصل المعلم إلى هذه المرحلة من خلال طرح سؤال أو حدث مثير.
2-مرحلة الاستكشاف Exploration:
حيث يُشارك الطالب في أداء مهمة باستخدام أدوات ومواد في مجموعات، ويكون دور المعلم مسهلاً وميسرًا يخبر.
3-مرحلة التفسير Explanation:
مرحلة التفسير هي أقل تمركزا حول الطالب ويزود المتعلم بالاستيعاب المعرفي، ويهدف إلى جعل المعلم يوجه تفكير
الطلبة بحيث يبني هؤلاء المفهوم بطريقة تعاونية , ويطلب منهم تزويده بالمعلومات التي جمعوها ويساعدهم على معالجتها
وتنظيمها عقليا، ويقوم بعد ذلك بتقديم اللغة المناسبة.
4-مرحلة التوسيع Elaboration:
يكون التوسع متمركزاً حول المتعلم ويهدف إلى مساعدة المتعلم على التنظيم العقلي للخبرات التي حصل عليها عن طريق
ربطها بخبرات سابقة مشابهة حيث تكتشف تطبيقات جديدة لما جرى تعلمه ويجب أن ترتبط المفاهيم التي جرى بناؤها
بأفكار وخبرات أخرى وذلك من أجل جعل الطلبة يفكرون فيما وراء تفكيرهم الراهن.
5-مرحلة التقويم Evaluation:
في هذه المرحلة يتم توظيف التقويم المستمر وعند نقاط معينه ينبغي أن يتلقى الطلبة تحديد مراجعة حول ملائمة تفسيراتهم،
ولا يقتصر على التقويم في نهاية الفصل، وان يتم استخدام أدوات تقويم مختلفة مثل خارطة المفاهيم، ملاحظات المدرس،
المقابلات مع الطلبة ، نتائج الاختبارات ، مدى تفاعل وتحقق الاستفادة عند الطلبة.