ما بين هرمس و أفلاطون
في رؤيا هرمس خاطبه صوت النور المالئ الكون بأسره و كاشفه بالسر الإلهي : النور الذي تراه هو الروح الإلهي الحاوي كل شيء بالقوة المتضمن رسوم كل الكائنات أما الظلمة فهي العالم المادي العائش فيه بنو الأرض و الضياء المتدفق من الأقاصي هو الكلمة الإلهية .
أما روح الإنسان فحياتها على وجهين : الأول تقلبها في المادة و الثاني ترقيها في النور .
إن الأرواح بنات السماء و سفرها تجربة لها , ففي التجسد تفقد ذكرى نشأتها السماوية و سُكرها بخمرة الحياة في أثناء اعتقالها في المادة ينحدر بها كسيل ناري إلى مواطن العذاب و الهوى و الموت , و ذلك بولوجها السجن الأرضي الذي أنت فيه الآن و تحسب الحياة الإلهية أضغاث أحلام .
إن الأرواح الشريرة المتدنية تبقى معتقلة في الأرض بأغلال تناسخات مترادفة , أما الأرواح السامية فترتقي إلى الأفلاك العلوية لتحظى من جديد بمرأى الإلهيات و تسعد فيها بقوة ما أحرزت من الإحساس و الإرادة الفعالة المكتسبة في غمرة معاناة الآلام و الأوجاع و مغالبة الأهواء و الشهوات الأرضية و تصبح بذاتها نيرة لأن النور الإلهي موجود في جوهرها و أفعالها .