اعتبر سفير ليبيا بباريس صلاح زارين الذي كان ضمن المستقيلين من مناصبهم احتجاجا على جرائم القذافي في حق الشعب الليبي أنه اعتزل منصبه، لأنه لا يرضى وهو ابن مجاهد ليبي معروف أن يرى الإجرام الذي يمارسه القذافي ولا يحرك ساكنا "المناصب لا تدوم والحياة كذلك، والدنيا ليست متاعا فقط ولكنها مواقف، وأنا استقلت من منصبي، لأني لا أرضى أن يراق دم ليبي واحد ولا أرضى أن يكون ابن المجاهد جبانا، فعلى لأقل يفتخر أبناؤنا بموقفنا عوض أن نتعرض لخزيهم"، مؤكدا أن والده كان من المجاهدين الذين ساندوا الثورة الجزائرية، حيث كان يرأس لجنة في طرابلس تعمل على تقديم يد العون للجزائريين.
وقال السفير الليبي في اتصال مع الشروق أن الإيمان بثورة الشباب الذين عانوا الأمرين مع نظام القذافي لمجرد أنهم طالبوا بحقوق إنسانية مشروعة، معتبرا إراقة الدماء التي تورط فيها جرائم تستوجب العقاب، ووصف هذا النظام بـ"الاستعمار" الذي لا يختلف كثيرا عن الاستعمار الفرنسي، بل هو أكثر إيلاما لكون المتسبب فيه من أبناء جلدة واحدة. وأشار محدثنا أن ليبيا يجب أن تمر بمرحلة انتقالية يقودها مجلس أعلى للثورة تشترك فيه جميع أطياف المجتمع الليبي، ليقوم بوضع أسس الدول المستقبلية، أما عن الذين يتخوفوا من انزلاق الوضع وتحول الثورة إلى حرب أهلية، فقال أن ذلك مستحيل، لأن القبائل الليبية كلها متصاهرة ولن تسمح بحدوث حرب بين أبنائها، وادعاء القذافي بأنه سيمنح الأسلحة للقبائل مجرد تخويف وتمويه للرأي العام، مؤكدا أنه لن تكون له الشجاعة لفعل ذلك. وذكر السفير المستقيل أن القذافي يعيش حالة صعبة ويأسا كبيرا، وهو يتنقل من مكان إلى مكان بحثا عن مأوى يوفر له الأمان المؤقت، لأنه في الحقيقة "جبان" وليس كما يبدو في وسائل الإعلام، بالإضافة إلى أنه استنزف كل أسلحته أمام الرأي العام وأصبح أمره مفضوحا ورحيله مرهون بعامل الوقت فقط، وأكد أن الموالين له يعيشون على الأعصاب نتيجة التطور السريع للوضع وعدم قدرتهم على التحكم فيه. وعن الاتهامات الموجهة للجزائر بخصوص وجود دعم للمرتزقة وتسخير طائرات حربية لنقلهم، قال السفير أنه من المستحيل أن تقوم الجزائر بفعل كهذا، لأن الجزائر بلد ثوار وشعبها أخ للشعب الليبي، خاصة في ظل عدم وجود دليل مادي، وحتى لو قام بتلك الفعلة أحد "التجار" المرتزقة، فهذا لا يعني أن الجزائر ضد الشعب الليبي، لأن الليبيين أيضا فيهم مرتزقة. وشدد زارين على أنه يجب التعامل بحذر مع موضوع الاتصالات الأمريكية بجهات معارضة في الشرق الليبي، ورحب من جهة أخرى بمبادرات المنظمات الدولية الحقوقية، كما طلب مساعدة الأشقاء لكي تخرج ليبيا من هذا الوضع، خاصة من الجزائر التي تجمعها مع ليبيا علاقات تاريخية ومجال إقليمي مشترك، بالإضافة اعتبار الشعبين شعبا واحدا، مصيرهما مشترك وانتماؤهما واحد. ومن جهة أخرى شدد على الحذر من التدخل الأجنبي في الشؤون الداخلية لليبيا وكل الدول العربية التي تعيش هذه الأيام ظروفا استثنائية، لكون نماذج التدخل الأجنبي موجودة، وقد تسببت في كوارث لهذه الدول، باعتبار التدخل مرتبط بمصالح اقتصادية، مستشهدا بالوضع في العراق. وأكد السفير الليبي المستقيل خبر استقالة قذاف الدم، بناء على مصادر عليمة مقربة منه، معتبرا هذه الاستقالة انتصارا معنويا كبيرا للثورة، خاصة وأن سيف الإسلام كان قد نفى الاستقالة، معتبرا أن مستقبل ليبيا سيتشكل شيئا فشيئا، وكل الثورات في العالم يحسمها عامل الزمن وإصرار الثائرين.