نحن لا نبحث عن النجاح الشخصي على حساب الغير بل النجاح الذي يسهم في تقدم المجتمع
وبالتالي فهدفنا من هذا المشروع أن نتعلم كيف نستخدم عقولنا و كيف نفكر بشكل سليم و كيفية اتخاذ القرارات الصائبة و التفاوض مع الآخرين بحكمة و كيف نقيم أنفسنا و نبني في رصيد شخصيتنا و نتعامل مع الآخرين برقي و وعي و بلوغ و مرونة و كيف نغير عاداتنا و سلوكنا من خلال تغيير المفاهيم الخاطئة عن أنفسنا و العالم المحيط حولنا و أن ننظر إلى الحياة بتفاؤل و إيجابية و ثقة و نكون مبادرين و راشدين توازناً بين متطلبات حياتنا المختلفة .
و مهما كان السن الذي وصلنا إليه فإن التغيير لا يزال ممكناً
إياكم أن تصدقوا تلك الفكرة التي ابتدعها فرويد و صدقها بعده الكثيرون من أن السنوات الأولى في طفولتنا هي التي تقرر كل حياتنا مصلحاً أم مجرماً ، نبيلاً أو مشرداً فهذه الفكرة لا يمكن أن تكون سليمة لأنها تلغي كل الأسس التي تقوم عليها مسؤولية الإنسان و اختياره و عدالة الله في محاسبته على عمله ... خيره و شره .
إنك أنت الوحيد القادر على فتح بوابة التغيير على مصراعيها لتحقق علم الله و ثقته فيك فمفتاح هذه البوابة ذات القفل الداخلي موجود بيدك أنت وحدك و ما لم تفتحها بنفسك و تشرعها لرياح التغيير لتهب عليك فلن تستطيع قوة الأرض أن تبدل فيك شيئاً إلا بتحطيمك .
إن أكثر الشباب جبناً يمكن أن يتحول إلى أشجع الرجال و أكثرهم كسلاً يمكنه إن أراد أن يتحول إلى أكثر همة و فعالية و نشاطاً ..... و يحدث هذا الانعطاف عندما يتغير منظاره لنفسه و الحياة والناس من حوله .
و ما قيمة الإنسان ما لم يقف مرة و يسأل : من أين ؟ و إلى أين ؟ ... و ما قيمة عمله و سعيه ما لم يعرف مكانته بين كل المخلوقات ، و تكون له أهداف واضحة يحققها من وجوده في الحياة ؟
إن قيمة الإنسان و تكريمه و تفضيله على جميع مخلوقات الله { و لقد كرَّمنا بني آدم } بمن فيهم الملائكة ، ليست في قدراته العضلية فهنالك كائنات تحسن الجري و التسلق و القفز أسرع و أفضل منه و تغوص أطول و أعمق منه و تطير بقدراتها الذاتية .. .... بل إن تميز الإنسان عن غيره من المخلوقات هو فيما حمله من أمانة ، و ما فيها من خصائص الإرادة و القدرة على الاختيار و التعبير ...... { إنّا عرضنا الأمانة على السماوات و الأرض و الجبال فأبين أن يحملنها و أشفقن و حملها الإنسان إنّه كان ظلوماً جهولاً }.... ظلوماً لأنه لم يُعط تلك الأمانة حقها و لم يقدرها حق قدرها و جهولاً لأنه لم يعرف قدر نفسه و تميزه عن كل مخلوقات الله و إمكانيته في الاختيار و التغيير ، فلم يستخدم كل الطاقات الكامنة فيه .
و من هذه الأمانة التي يمتاز فيها الإنسان عن غيره من الكائنات قدرته على إدراك ذاته أي القدرة على الخروج من الذات و مراقبتها عن بعد و الحكم عليها فيرى و يتفص و يقيم تاريخه و أفعاله من الذات و مراقبتها عن بعد و الحكم عليها فيرى و يتفحص و يقيم تاريخه و أفعاله و عواطفه و دوافعه و مشاعره و عاداته و سلوكه ثم يقرر ما الذي يجب تعديله فيها .. ومنها قدرته على الاختيار و التغيير فيبدل الأساليب التي تعودها بهدف التقدم نحو الأفضل و يعيد صياغة أفكاره و يقيم ما يحمله من مبادئ و معتقدات و يوظف إرادته للتغلب على انفعالاته و مشاعره و ظروفه فيكون نتاج خياراته .. يقول جلال الدين الرومي ( الإنسان هو الكائن الوحيد الذي يتمكن من العمل حتى بخلاف طبيعته و ضد غريزته .. فلا يمكن أن تشاهد حيواناً يصوم في النهار .. الإنسان الوحيد الذي يتمكن أن يتمرد على الصورة التي خُلق عليها و حتى احتياجاته المعنوية و غرائزه الجسدية .... فالإرادة هي من أعظم خصائص الإنسان ) .
و من هذه الأمانة التي تميز الإنسان عن سائر المخلوقات قدرته على التخيل و رؤية نفسه في المستقبل و تصور الطريق و رسم السيناريوهات و ربط الأجزاء مع بعضها لتصور الكل ، وهذه القدرة تساعده على وضع أهدافه و خططه و السعي لتحقيقها وفق برنامج زمني ووضع معايير لحسن التنفيذ و الإنجاز فالقدرة على التعلم و عقل الأمور و التطور المستمر الواعي و المقصود و رفع مستوى حياته و مجتمعه هي صفات الإنسان وحده دون غيره من الكائنات وهذا هو سر النفخة التي وضعها الله فيه من روحه .
ْ
________*التــَّـوْقـْـيـعُ*_________
لا أحد يظن أن العظماء تعساء إلا العظماء أنفسهم. إدوارد ينج: شاعر إنجليزي