freeman المـديـر العـــام
عدد المساهمات : 19143 تاريخ التسجيل : 05/01/2011 العمر : 64 الموقع : http://sixhats.jimdo.com/
| موضوع: التفكير خارج الصندوق وداخله - Paradigm Thinking السبت يونيو 18, 2011 7:27 pm | |
| التفكير خارج الصندوق وداخله (Paradigm Thinking)
كم مليون شخص شاهدوا تفاحة أو ثمرة تسقط عن الشجرة؟ وكم واحداً منهم تساءل عن سبب سقوطها للأسفل؟ واحد فقط... هو إسحاق نيوتن تساءل: لمَ لم "تسقط" التفاحة إلى الأعلى مثلاً؟ كيف خطر هذا السؤال العجيب لنيوتن ولم يخطر للملايين غيره؟ يرى العلماء أن الإجابة عن هذا السؤال تكمن في فهم دور ما يدعى البارادايم (Paradigm) في طرق تفكيرنا. كتبت في ترجمة واستخدام هذا المصطلح ما تيسر لي توضيحه على هذا الرابط بعنوان ما وراء الترجمة (2): http://www.wata.cc/forums/showthread...171#post488171
وأميل شخصياً إلى ترجمة كلمة البارادايم بـ "النموذج المعياري" أو "النمط السائد". كيف تنشأ النماذج المعيارية في أدمغتنا؟ إن تجربتنا في الحياة -أي مشاهداتنا ومعلوماتنا وخبراتنا المختزنة في عقلنا- تعمل على تشكيل قوانين ومعادلات و "صيغ" أو "أنماط" أو "هيئات"أو "قوالب" للأشياء التي تشكل معرفتنا العامة بالكون الذي نعيش فيه وتفسر أحداثه ووقائعه. ما يحدث هو أن هذه "الصيغ" تعمل عمل الفلتر (المصفاة) حول أدمغتنا حيث تقوم باستقبال المعلومات الخام الواردة من العالم الخارجي ومن ثم ترشيحها وإرسال صافي تعديلها أو تصحيحها إلى الدماغ. تتم عملية الفلترة هذه بهدف إدخال معلومات "مُصحَحة الصياغة" بحيث لا يستغربها الدماغ ويفهمها فوراً.
لنفترض أن رجلاً عاش حياته في مجتمع بدائي لم ير أو يسمع بشيء اسمه طيران مطلقاً، يشاهد فجأة طائرة –إف-15 مثلاً- تمر فوقه بسرعة هائلة وتختفي في الأفق فإن المعلومات الواردة إلى دماغه عبر حواسه عن شكل الطائرة ستمر أولاً عبر الفلاتر إياها، فترفض هذه أية عناصر لا تتوافق مع معاييرها فتقوم بتقريب الصورة أو تعديلها إلى أقرب شيء يعتقد بوجوده عقل الرجل مثل نسر ضخم أو أي طائر خرافي معتبرة أن الفوارق التي لاحظتها حواس الرجل عما هو مألوف ما هي إلا خداع بصري وتهيؤات. إذن فإن هذه المعلومات التي أُرسلت للدماغ كانت مغلوطة وأن هذه الفلاتر التي مهمتها ترجمة المعلومات للدماغ تقوم بتضليله أحياناً. من الناحية المقابلة، أثبت غاليليو أن نظرية كوبرنيكوس صحيحة بأن الأرض هي التي تدور حول الشمس وليس العكس كما كان سائداً رغم أن العكس تؤكده كل حواسنا المادية فنحن نرى الشمس تتحرك ونشعر بحرارتها نهاراً.
السؤال الذي يطرح نفسه هنا هو: لماذا لم ينخدع غاليليو بحركة الشمس الظاهرية مثلما انخدع الرجل البدائي بشكل الطائرة؟ والجواب، في الحقيقة، يكمن في أن المعلومات الخام على ما يبدو تذهب مباشرة إلى أدمغة البعض مثل غاليليو ولا تمر عبر الفلاتر مثل غالبية البشر. ويكاد يكون هذا هو الفرق الأول بين العالم أو العبقري والإنسان العادي.
إلغاء تأثير هذه الفلاتر أو النماذج المعيارية -أو تنحية دورها ووظيفتها- إذن هو كسر للطوق المفروض على طرق التفكير وبالتالي حدوث تغيير مهم في الحقائق والقوانين والأنماط التي ألفناها والتي تشكل بمجملها "النموذج المعياري" لرؤيتنا للكون وما فيه من حولنا؛ فيبدأ النموذج السائد بالانسحاب أو الاندثار المؤقت أو النهائي ويظهر النموذج الجديد محدثاً ثورة في الرؤية أو تحول جذري فيه. هذا التحول في النموذج المعياري هو ما يسمى بالإنجليزية (Paradigm Shift) أو التحول البارادايمي – إن أحببتم. نحن في طور تحول في النماذج المعيارية؟ نحن نعيش على ما يبدو مرحلة من التحولات في النموذج المعياري "البارادايمي" على مختلف الأصعدة: انظروا إلى الأزمة المالية العالمية مثلاً. هل هناك تهيؤ لحدوث انقلاب أو تغيير حاسم في النموذج العالمي السائد؟ وما هي التغييرات التي قد يحملها معه هذا التحول؟ أسئلة كثيرة ومثيرة بلا شك.
ْ
________*التــَّـوْقـْـيـعُ*_________ لا أحد يظن أن العظماء تعساء إلا العظماء أنفسهم. إدوارد ينج: شاعر إنجليزي
| |
|