قصائد مغناة ( رباعيات عمر الخيام )
تمهيد
جئتُ لكم يا إخوانى اليوم بفكرة جديدة ..
وهى إلقاءُ الضوء على القصائد التى تغنَّى بها
مطربونا العرب..راجياً أنْ تُعجبَكم
فكرتى ..وسأحاولُ إلقاءَ الضوء على بعض
جمالياتها...وأنتتظرُ مشاركاتكم الفعالة...
بل أطمعُ فى أنْ تكتبوا موضوعاتٍ مماثلةً بشرط
أنْ تكونَ القصائدُ المغناة باللغة العربية الفصحى
وليستْ بالعامية ...وأن نكتبَ ماغنَّاه المطربُ
فعلاً - حتى وإنْ خالفَ الأصل -
ولى فى ذلك غرضان :-
أولهما :- الارتقاء بلغتنا العربية الجميلة
ثانيهما :- تنمية الذوق الادبى والفنى وخصوصاً
فى هذا العصر الذى أصبحتْ الأغانى المبتذلة
التى تعتمد على الصورة ، وليس الكلمة أو
اللحن أو صوت المطرب....
وهأنذا أقدم لكم قصيدة غنتْها الراحلة (أم كلثوم)
واسمها (رباعيات الخيام )..
سبب تسميتها بالرباعية
وهى تشيرُ إلى قالبٍ من قوالب الشعر الفارسى
فالرباعية مقطوعة شعرية تتألفُ من أربعة
أبياتٍ ، وتدورُ حول موضوعٍ معينٍ ، وقد تتفقُ
قافية البيت الأول والثانى مع الرابع ...
أو تتفقُ قافية الأبيات الأربعة كلها..
ولقد نُسِبتْ لعمر الخيام أكثر من عشرين ألف
رباعية....فى حين أنَّه لم يزدْ عن مائتين فقط...
من هو عمر الخيام
كان من علماء الرياضيات ، واشتهرَ بالجبر
واشتغل بالتقويم السنوى الفارسى المتبع لليوم
عند الملك ملكشاه..واخترع طريقة حساب
المثلثات..واتهم بالالحاد بسبب فلسفته وتصوفه
وأحرقتْ كتبُه ولم يبقَ منها إلا الرباعياتُ التى
احبها الناس وتغنوا بها..
ولكن
هناك فريقٌ من المؤرخين يؤكدون بأنَّه مات
على الإسلام..ولقد كتب الرباعيات ؛ ليغنى
بها أوقات فراغه..وكتبها بالفارسية...
أشهر الترجمات للرباعيات
وأشهرُ ترجمة للغات الأجنبية هى الترجمة
الإنجليزية التى قام بها الكاتبُ البريطانى
( ادوارد فيتسجيرالد ) ولكن تبقى اشهر ترجمة
للغة العربية هى التى كتبها الشاعرُ
المصرى ..وخريج المعلمين (أحمد رامى )
عاشق ام كلثوم وأستاذها الذى علمها الفكر
والثقافة ، وكان يختارُ لها ماتغنيه لغيره...
نص القصيدة كما غنتها أم كلثوم : -
سمعتُ صوتاً هاتفا فى السحر........نادى من الغيبِ غفاة البشر
هبوا املأوا كأس المنى........قبل أنْ تملأَ كأس العمر كف القدر
لاتشغلْ البالَ بماضى الزمان..........ولا بآتِ العيش قبل الأوان
واغنم من الحاضر لذاته.............فليس فى طبع الليالى الأمان
غدٌ بظهر الغيب واليوم لى............وكم يخيبُ الظنُّ فى المقبل
ولستُ بالغافل حتى أرى..................جمال دنياى ولا أجتلى
القلبُ قد اضناه عشقُ الجمال........والصدرُ قد ضاق بما لا يقال
يارب هل يرضيكَ هذا الظمأ..........والماء ينساب أمامى زلال
أولى بهذا القلب أن يخفقَ............وفى ضرام الحب أنْ يُحرقا
ما أضيعَ اليومَ الذى مر بى........من غير أنْ أهوى وأنْ أعشق
أفِقْ خفيفَ الظل هذا السحر............نادى دعْ النومَ وناغِ الوتر
فما أطال النومُ عمراً ولا...........قصّر فى الأعمار طولُ السهر
فكم توالى الليلُ بعد النهار..............وطال بالأنجم هذا المدار
فامشِ الهوينا إنَّ هذا الثرى..........من أعينٍ ساحرة الإحورار
لا توحشْ النفسَ بخوف الظنون...واغنمْ من الحاضر أمن اليقين
فقد تساوَى فى الثرى راحلٌ غدا........وماض من ألوف السنين
أطفئْ لظى القلب بشهد الرضاب........فإنَّما الأيام مثل السحاب
وعيشُنا طيف خيال فنلْ .............حظك منه قبل فوت الشباب
لبستُ ثوبَ العيش لم أستشرْ .........وحرتُ فيه بين شتى الفكر
وسوف أنضو الثوب عنى ولم أدرك...لماذا جئتُ ؟! أين المفر؟!
يا مَن يحارُ الفهم فى قدرتكَ..........وتطلبُ النفسُ حمى طاعتك
أسكرنى الإثمُ ولكننى ..............صحوتُ بالأمال فى رحمتك
إنْ لم أكنْ أخلصتُ فى طاعتكَ..........فإننى أطمعُ فى رحمتك
وانما يشفع لى أننى ................عشت لا أشرك فى وحدتك
تُخفِى عن الناس سنا طلعتك.......وكل مافى الكون من صنعتك
فأنتَ مجلاه وأنت الذى...............ترى بديع الصنع فى آيتك
إنْ تُفصَلْ القطرة من بحرها.............ففى مداه منتهى أمرها
تقاربتْ يارب مابيننا...................مسافة البعد على قدرها
ياعالمَ الأسرار علم اليقين........يا كاشف الضر عن البائسين
ياقابل الأعذار عدنا إلى.............. ظلك فاقبلْ توبة التائبين
ْ
________*التــَّـوْقـْـيـعُ*_________
لا أحد يظن أن العظماء تعساء إلا العظماء أنفسهم. إدوارد ينج: شاعر إنجليزي