الانسجام مع النفس

الانسجام يتخذ أشكالا عديده....فقد يكون انسجاما على مستوى العمر...الشكل....الدين....الفكر....المشاعر....
وكذلك يختلف على مستوى الوضع والحاله....فقد يكون انسجام صداقة....انسجام زماله...انسجام حب....
والانسجام هو الساحة التي يقيم عليها مبدأ التواصل عماده....
فعندما تشعر أن طرفك الآخر يشاطرك نفس أفكارك (ولا أقصد هنا التبعيه)....بل يكون هو نفسه مؤمنا ومقتنعا بها....
فإن هذا يقلل من رغبتك بالابتعاد والانفصال عنه.....حتى يصبح ما تشعر به تجاه هذا الشخص....أكثر من مسألة مشاطرة فكريه....حيث يصبح حبا وتعلقا....
للحب أنواع....
فأنا قد أحب أمي....وأحب صديقتي....وأحب زميلي أو زميلتي....وأحب من اختاره القلب شريكا....
وهذا الحب لا يأتي عن عبث....
فالسبب الرئيسي لتولد هذا الشعور هو الانسجام....
فأنا أحب أمي لانها تنسجم معي دمويا....فأنا من صلبها....ولا يمكن "للعين أن تعلى عن الحاجب" كما تعبر الأمثال العامية.....

وأحب صديقتي....لأن هناك انسجاما أولا على مستوى الجنس والعمر(أحيانا) وطبيعة التصرفات....
وأحب زميلي أو زميلتي....لما تحتمه علي وضعيتي كطالبه الآن وأستاذه(إن شاء الله) في المستقبل....وكذلك كون هذا الزميل يحمل ما أحمله من أفكار حول البرامج الدراسيه وحول القدرات الفكريه ....وقد تكون علاقتي معه عمودية لا أفقيه إن كان هناك فارق فكري بيني وبينه....أي إن جاوزني في القدرات العقلية أو جاوزته....وفي حالة التجاوز لا يكون هناك انسجام ولكن يتولد شعور آخر وهو التبعيه....والتبعية هنا تتخذ معناها السلبي كما تتخذ معناها الايجابي....إذ تصبح تبعية سلبية إن كان زميلي يمدني بمعلومات خاطئه وقد يعتمد السفسطة لإقناعي بها....ورُب سفسطة صادقه!!!
وهنا تكون تبعيتي لهذا الانسان مجلب مشاكل لي....وقد تجعلني أؤمن بأشياء خاطئه ويحملها فكري معه إلى أن تأتي اللحظة التي توقظني فيها وخزة من حولي....
وتتخذ التبعية في هذه الحالة شكلا إيجابيا إن كانت مصدرا "موثوقا به" ويُعتمد عليه...وبالتالي فإن مصداقية من أتبعه تكون كنزا معرفيا بالنسبة لي.....وهل هناك من يمتلك كنزا ويتخلى عنه؟؟؟!!!!

نصل إلى الانسجام على مستوى المشاعر.....
فأنا قد أنسجم مع طرفي الآخر إن كانت لدينا نفس المبادىء الأخلاقيه بشكل أساسي....والأخلاقية هنا أعني السلبية والإيجابيه....فلا يمكن للشاب الخلوق أن ينسجم مع فتاة "منحطه"....حتى لو كان ما يشعر به تجاهها حبا...ولكن لا يمكن للانسجام أن يجد طريقه في علاقة من هذا النوع....والعكس بالعكس.....
والانسجام هو الذي يديم خيط العلاقة وبانقطاعه يقطعها......

ولكن أفضل أنواع الانسجام على الإطلاق....

هو انسجامك مع نفسك .....هو أن تفعل ما أنت مقتنع به....لا ما يُقنع الآخرين....
بهذه الحاله أنت تفرض شخصيتك....
وإن كنتَ تبحث عن إرضاء "المشاهدين".... فإرضاءهم غاية لا يمكن الوصول إليها بكل الأحوال.....
فإن تكن شخصا سليم الأخلاق....وغيرك يعيبك....هل ستفعل العكس كي ترضيهم؟؟؟؟
أحيانا إرضاء الناس.....يجلب كرهك لنفسك.....
وفي هذه الحاله....أنت لا تنسجم مع نفسك.....بل تعلن الحرب ضدها....
وأبشع أنواع الحروب....هو الحروب النفسيه....التي دائما ترديك صريع الضعف والعجز....وإن كنتَ في نظر من حولك بطلا
مع تحياتي

شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية . موفق بإذن الله ..