مقدمة: يواجه الممارسون في الحقل التربوي أصنافا متعددة من المواقف والسلوكات التي قد تتعارض أحيانا مع القيم والمثل العليا التي يرمي إلى ترسيخها نظام التربية والتكوين لدى ناشئتنا.
فما هي الغايات الكبرى للمدرسة الوطنية؟ وما هي مواصفات المتعلم الذي تهدف إلى تخريجه؟ وهل يمكن تغيير المواقف والاتجاهات السلبية التي تظهر بين الفينة والأخرى عند بعض المتعلمين في شكل أنماط من التمرد والرفض والتسيب واللامبالاة؟
1.مواصفات المتعلم المرغوب فيه
1.1. القيم الواردة في الميثاق الوطني للتربية والتكوين
تضمنت هذه الوثيقة الخطوط العريضة للفلسفة التربوية الموجِّهة للمنظومة الوطنية للتربية والتكوين، وحددت بذلك ملامح شخصية المواطن المرغوب في تكوينه في الغايات والمثل العليا التالية:
[ الشغف بطلب العلم والمعرفة والتوقد للاطلاع والإبداع؛
[ التطبع بروح المبادرة الإيجابية والإنتاج الفعال؛
[ التمسك بثوابت وبمقدسات البلاد؛
[ المشاركة الإيجابية في الشأن العام والخاص؛
[ الوعي بالواجبات والحقوق وتبني الممارسة الديمقراطية؛
[ الانفتاح على الآخر والتشبث بروح الحوار وقبول الاختلاف؛
[ التشبث بالتراث الحضاري والثقافي للبلاد بتنوع روافده وحمولته من القيم الخلقية والثقافية؛
[ التوفيق الإيجابي بين الوفاء للأصالة والتطلع الدائم للمعاصرة، في تفاعل مع مقومات الهوية الوطنية وفي انفتاح على الحضارة الإنسانية العصرية؛
[ المساهمة في رقي البلاد وتقدمها العلمي والاقتصادي والاجتماعي والإنساني والانفتاح على العالم(1).
2.1. الغايات الكبرى في الكتاب الأبيض
انطلاقا من القيم التي تم إعلانها كمرتكزات ثابتة في الميثاق الوطني للتربية والتكوين والتي يمكن تصنيفها إلى ثلاثة أصناف كبرى وهي:
1. قيم العقيدة والهوية الحضارية؛
2. قيم المواطنة؛
3. قيم الانفتاح على الحداثة؛
وانسجاما مع هذه القيم فإن "الوثيقة الإطار للاختيارات والتوجهات التربوية رسمت الغايات
الكبرى التي عملت المناهج التربوية على أجرأتها وترجمتها إلى كفايات معرفية ومنهجية، وإلى اتجاهات ومواقف ينتظر أن يكتسبها المتعلمون. وتنبع هذه الغايات والمواقف من الحاجات المتجددة للمجتمع المغربي، ومن الحاجيات الشخصية للمتعلمين وهي:
* ترسيخ الهوية الحضارية المغربية والوعي بتنوع وتفاعل وتكامل روافدها؛
* التفتح على مكاسب ومنجزات الحضارة الإنسانية المعاصرة؛
* تكريس حب الوطن وتعزيز الرغبة في خدمته؛
* تكريس حب المعرفة وطلب العلم والبحث والاكتشاف وتطوير العلوم والتكنولوجيا الجديدة؛
* تنمية الوعي بالواجبات والحقوق؛
* التربية على المواطنة وممارسة الديمقراطية؛
* التشبع بروح الحوار والتسامح وقبول الاختلاف؛
* ترسيخ قيم الحداثة والمعاصرة؛
* التمكن من التواصل بمختلف أشكاله وأساليبه والتفتح على التكوين المهني المستمر؛
* تنمية الذوق الجمالي والإنتاج الفني والتكوين الحرفي في مجالات الفنون والتقنيات؛
* تنمية القدرة على المشاركة في الشأن المحلي والوطني؛
* تنمية الثقة بالنفس والتفتح على الغير؛
* الاستقلالية في التفكير والممارسة؛
* التفاعل الإيجابي مع المحيط الاجتماعي؛
* التحلي بروح المسؤولية والانضباط؛
* إعمال العقل واعتماد الفكر النقدي؛
* تثمين العمل والاجتهاد والمثابرة والإنتاجية والمردودية؛
* المبادرة والابتكار والإبداع؛
* التنافسية الإيجابية؛
* الوعي بالزمن والوقت كقيمة أساسية في المدرسة وفي الحياة؛
* احترام البيئة الطبيعية والتعامل الإيجابي مع الموروث الثقافي الوطني(2).
1 . 3. المواطن الصالح أم الإنسان الصالح
هذه مواصفات المواطن الصالح الذي يظل الهدف الأسمى لكل نظام تربوي، ذلك المواطن الذي يشارك بفعالية في بناء مجتمعه الديمقراطي عن طريق مناقشة المشكلات من حوله، واتخاذ قرارات وتحويلها إلى أعمال بعد استقصاء اجتماعي واستقصاء القيم وتنقيحها وتفسيرها ثم صنع القرار وتطبيقه. فهو بذلك الشخص الذي يصنع قرارات فعالة في خدمة نفسه ومجتمعه وفي امتلاكه لمهارات البحث الضرورية للحياة ولتحمل المسؤولية الاجتماعية والمشاركة الفعالة في الشؤون الاجتماعية والبشرية من حوله. بكلمة واحدة: إن المواطن الصالح هو المواطن الفعال في خدمة نفسه وبيئته المحلية ووطنه والمجتمع الإنساني الذي ينتمي إليه، وبالتالي فهو أيضا "الإنسان الصالح"(3).
ْ
________*التــَّـوْقـْـيـعُ*_________
لا أحد يظن أن العظماء تعساء إلا العظماء أنفسهم. إدوارد ينج: شاعر إنجليزي