القضية الفلسطينية : جذور القضية ، وأشكال التمركز الصهيوني
مقدمة :
في أواخر القرن 19 نشأت الحركة الصهيونية التي تعتبر المسؤول الرئيسي عن ظهور المشكلة الفلسطينية.
فكيف نشأت المنظمة الصهيونية ؟وكيف تحالفت مع بريطانيا لاستعمار فلسطين؟ وما هي أشكال التمركز الصهيوني في فلسطين والمقاومة التي واجهته؟
نشأة المنظمة الصهيونية وتحالفها مع بريطانيا لاستعمار فلسطين :
نشأة المنظمة الصهيونية وأهدافها :
*الصهيونية حركة سياسية عالمية استهدفت إنشاء وطن قومي لليهود .ويعتبر تيودور هيرتزل ( نمساوي الأصل) مؤسس الحركة الصهيونية وقد دعا في كتابة الدولة اليهودية إلى ضرورة تكوين وطن قومي لليهود.
*في سنة 1897 انعقد بمدينة بال Bâle المؤتمر الصهيوني الأول الذي انبثقت عنه المنظمة الصهيونية العالمية .
*اعتمدت المنظمة الصهيونية العالمية على الأجهزة التالية :
- الوكالة اليهودية التي تشرف على تنظيم الهجرة إلى فلسطين واستيطانهم لها.
- المصرف الاستعماري اليهودي الذي يتولى نفقات الخدمات العامة.
- الصندوق القومي اليهودي الذي يقوم بشراء الأراضي في فلسطين.
- الصندوق التأسيسي الذي يتولى جمع التبرعات وتمويل الهجرة.
- مكتب فلسطين الذي يشرف على استعمار الأراضي وتوطين اليهود.
- مليشيات عسكرية : وهي مجموعات مسلحة تستعمل العنف ضد الفلسطينيين من أبرزها الهاغانا.
التحالف الصهيوني البريطاني لاستعمار فلسطين :
* في الطور الأول من الحرب العالمية الأولى كانت دول الوسط متفوقة عسكريا على دول الحلفاء. لهذا دخلت بريطانيا في مساومات سياسية مع الحركة الصهيونية التي أقنعت الولايات المتحدة الأمريكية بالمشاركة في الحرب العالمية الأولى لقلب موازين القوى العسكرية . في المقابل أصدرت بريطانيا في ثاني نونبر 1917 وعد " بلفور " ( نسبة إلى وزير الخارجية البريطاني ) الذي التزمت من خلاله ببذل الجهود من أجل تأسيس وطن قومي للشعب اليهودي في فلسطين.
* منح صك الانتداب البريطاني الموقع سنة 1920 للصهاينة عدة امتيازات من أهمها ضمان إنشاء الوطن القومي اليهودي ، والاعتراف بالوكالة اليهودية ، وتسهيل هجرة اليهود،وتخويل الجنسية الفلسطينية لليهود، واتخاذ العبرية لغة رسمية في فلسطين .
أشكال التمركز الصهيوني في فلسطين والمقاومة التي واجهته :
أشكال التمركز الصهيوني في فلسطين :
* مر تطور هجرة اليهود إلى فلسطين في فترة ما بين الحربين بالمراحل الآتية :
-تزايد عدد المهاجرين اليهود خلال المرحلة 1920-1925 بفعل دعم الاستعمار البريطاني للوكالة اليهودية.
-تراجع الهجرة اليهودية أثناء الأزمة الاقتصادية العالمية.
-تصاعد الهجرة اليهودية نحو فلسطين خلال الثلاثينات بسبب اضطهاد اليهود من طرف النظام النازي الألماني بقيادة هتلر.
* حصل اليهود على عدة امتيازات في فلسطين من بينها: إقامة المستوطنات الزراعية ، وتأسيس صناعات جديدة، وحماية هذه الصناعات من المنافسة الأجنبية ،وتشجيع الاستثمارات اليهودية في مختلف المجالات، بالإضافة إلى احتكار اليهود لعمليات التصدير والاستيراد.
. نشأة وتطور المقاومة الفلسطينية :
*يمكن تصنيف المقاومة الفلسطينية في فترة ما بين الحربين إلى قسمين هما :
- مقاومة سلمية مناهضة للاستيطان اليهودي تمثلت في : تأسيس بعض الجمعيات الفلسطينية . فكان رد فعل الاستعمار البريطاني هو إصدار الكتاب الأبيض الأول سنة 1922
- مقاومة مسلحة : تميزت بمناهضتها للاستيطان اليهودي وللانتداب البريطاني وتمثلت في عدة ثورات من أبرزها ثورة البراق لسنة 1929 وثورة 1933 وثورة القسام سنة 1935 ، والثورة الكبرى في الفترة 1935-1939 حيث قام الفلسطينيون بإضرابات عامة وقاطعوا المنتوجات الصهيونية والإنجليزية ودخلوا في مواجهة مسلحة ضد الصهاينة والإنجليز .
* كان رد فعل بريطانيا خلال هذه المرحلة هو إصدار الكتاب الأبيض الثاني سنة 1930 ، وتقديم مشروع تقسيم فلسطين سنة 1937 وأخيرا إصدار الكتاب الأبيض الثالث سنة 1939.
خاتمة : باندلاع الحرب العالمية الثانية ، شهدت القضية الفلسطينية تطورات جديدة أدت إلى تأسيس إسرائيل.
شرح العبارات :
مدينة بال Bâle : مدينة بسويسرا
المجلس التشريعي الفلسطيني : البرلمان الفلسطيني
عز الدين القسام : هو زعيم المقاومة المسلحة الفلسطينية خلال الثلاثينات .استشهد سنة 1935
الكتاب الأبيض الأول : مشروع بريطاني أقر حق اليهود في فلسطين واستمرار هجرتهم في حدود الطاقة الاستيعابية واقترح إنشاء المجلس التشريعي الفلسطيني .
الكتاب الأبيض الثاني : أكد على تسهيل قيام الوطن القومي اليهودي وأقر إقامة المجلس التشريعي الفلسطيني
الكتاب الأبيض الثالث : اقترح إنشاء دولة مستقلة في فلسطين في ظرف عشر سنوات مع تقليص الهجرة اليهودية وفرض قيود على بيع الأراضي لليهود.
النظام العربي الرسمي فرّط بفلسطين…
ثمَّ تخلى عنها
زيـــاد أبو غنيمـــة
يخطىء من يظن أن تخلي النظام العربي عن القضية الفلسطينية وليد السنوات الأخيرة ، فالنظام العربي الرسمي الذي كان السبب الرئيس في نكبة فلسطين في 1948 و1967 م كان قد تخلى عن قضية فلسطين فور إنتهاء دوره المريب في ضياع فلسطين ، ولعل هذا المقال الذي كتبه الأستاذ المحامي شفيق الرشيدات في افتتاحية أسبوعية الميثاق الصادرة في 6 /2 /1950 م يؤكد ما أقول .
تحت عنوان " إعملوا أو أتركوا " كتب شفيق الرشيدات :
لك الله يا قضية فلسطين … ! لقد أصبحت يتيمة ، ليس لك من يرعاك ، ولا من يدافع عنك ، حتى ولا من يذكرك ، فقد نسيك العرب وانشغلوا بما يشغلهم ، وتناستك حكومات العرب ولم تعد تذكرك إلا كما يمر اسمك على لسان مندوب الصين أو كولمبيا .
حتى أبناؤك يا فلسطين ! نسوك وتناسوك وانشغلوا بما يشغل الناس من مصالح فردية وقضايا شخصية.
لقد صرتِ تاريخا ، إن ذكرت في الرواية ، وصرت كتابا مطويا ، إن فتحت فللتسلية تقطيع الوقت .
فلسطين التي حاربت أقوى استعمارين وجاهدت ضد اعتداء أقوى عدوين سنين طويلة ( الإنجليز واليهود ) ، وظلت صابرة صامدة تناضل وتكافح ، أصبحت أسطورة وأحدوثة ، وأثرا بعد عين .
يا لسخرية الدهر …! ويا لحقارة الجيل … ! أهكذا … حتى ولا كلمة ؟ أهكذا حتى الاحتجاج الذي أجدناه ، والتمثيل الذي أتقنـَّـاه نبخل به على فلسطين ؟
أعميت أعيننا عما تلاقيه فلسطين ، وعما يصنعه اليهود بفلسطين ، وعما يلاقيه أهل فلسطين ، في فلسطين وفي البلاد الشقيقة … لفلسطين …؟
قولوا : أيها العرب ما رأيكم في قضية فلسطين ؟ قولوا : ماذا تريدون من اليهود في فلسطين ؟ تكلموا… تحدثوا ماذا تنوون ان تعملوا من أجل فلسطين …؟
أتريدون عودة اللاجئين ؟ أتريدون تطبيق مشروع تقسيم فلسطين ؟أتريدون تعويضا للاجئين؟
قولوا … تحدَّثوا … حتى نعرف نحن قبل اليهود ماذا تريدون …
أما سكوتكم ، وأما انصرافكم عن فلسطين ، وأما تغاضيكم عما يعمل اليهود بفلسطين ، وأما حمايتكم لحدود إسرائيل بمعاهداتكم واتفاقياتكم ، فهي ليست إلا مشاركة في تدعيم موقف إسرائيل ، وهي ليست إلا تقوية لإسرائيل ، وهي بالتالي خيانة ، وعذر لقضية العرب في فلسطين .
تكلموا … يا من أثرتموها حربا ، وأسميتموها إنقاذا ، ورفضتم كل حل غير عروبة فلسطين . افصحوا عن نواياكم … وإلا تخلوا … عن قضية فلسطين .
المحامي شفيق رشيدات