freeman المـديـر العـــام
عدد المساهمات : 19334 تاريخ التسجيل : 05/01/2011 العمر : 64 الموقع : http://sixhats.jimdo.com/
| موضوع: نحو إدماج فعال للعب التربوي في منظومة التعليم 5 الأحد يونيو 19, 2011 3:57 pm | |
| خـلاصـة:
إن الكم الهائل من الأبحاث والتجارب والدراسات التي تناولت موضوع اللعب تجمع على أنه محدد رئيسي لشخصية الطفل, ونشاط لازم لنموه و تكوينه على المستوى الحركي و النفسي و الاجتماعي, ووسيط فعال بينه و بين العالم الخارجي.
ومظهر سلوكي بهذه الأهمية يقتضي استثماره تربويا على أوسع نطاق ممكن , من خلال توجيهه , وإكسابه قيمة تربوية حتى يكون مدخلا وظيفيا لمسار تعلمي فعال.
يقول الإمام الغزالي رحمه الله : (( إن دخول مملكة الأطفال لن يكون إلا من خلال السماح لهم باللعب , وإن منعناهم عنه فسنرهقهم في التعلم , وسنميت قلوبهم الصغيرة , ونبطئ ذكاءهم , وننغص عليهم العيش, حتى يطلبوا منه الخلاص! !!)).
لعل واقع المدرسة المغربية يعكس بجلاء هذه المقولة , فرغم التطور الذي تعرفه مناهج التدريس و طرائقه ببلادنا لا زال الأداء التعليمي داخل الفصل يراوح مكانه منذ عقود ! فأغلب العاملين في حقل التدريس متمسكون بممارسة تدريسية قائمة على التلقين و الحشو والإلقاء واعتبار المتعلم قطعة إسفنج عليها امتصاص ماء المعرفة دون مشاركة عملية.
لذا فإن نشوء قناعة بقدرة الطفل على اكتساب التعلمات خارج الأسلوب السلطوي المعهود يعد خطوة أولى نحو تحديث الممارسة التعليمية , وجعلها أكثر انفتاحا على حاجيات الطفل و رغباته.
و أكاد أجزم بأن الإدماج الفعال للعب في مسار التعلم سيكون له عظيم الأثر في إحداث التغيير المطلوب, لأنه يمثل أسلوبا فاعلا لإطلاق القدرات الكامنة للطفلواكتشافها ورعايتها و توجيهها , وهو بذلك يعد صمام الأمان , ومؤسسة تربوية حقيقية تعمل تلقائيا قبل المدرسة و بعدها.
و خير دليل على ما أوردته, هو ما يحدث الآن في المشهد التربوي بالولايات المتحدة الأمريكية. فقد أصدرت الإدارة الأمريكية قانون " لا طفل يخفق دراسيا " , وشنت حملة وطنية واسعة للرفع من مستوى التعليم بعد أن تبين ضعفه, وجرت محاولات حثيثة لاجتذاب المتعلمين الذين بدؤوا يفرون من المدارس ! , ووجد المدرسون انفسهم أمام خيارين لا ثالث لهما: ! إما أن يجتهدوا و يرتقوا بتدريسهم و ذلك بأن يجعلوا الدرس أكثر مرحا و إثارة و جاذبية , وإما أن يفقدوا متعلميهم إلى الأبد.
فغدت الألعاب في المنهج الأمريكي تبدأ منذ اليوم الأول من التمدرس, وتعرف ب: الآيس بريكر Ice Breakerوتلعب أدوارا مختلفة مثل تلك التي تقدم للدرس, أو تقرب فكرة معينة,أو تستخدم لمراجعة الدرس, أولاستغلال وقت الحصة الباقي بما ينفع, أو لتدخل قليلا من الاسترخاء على جو الحصة.
سيقول قائل بان مدرستنا المغربية لا تخلو في الوقت الحاضر من توظيف للعب التربوي وتمركز حول رغبات المتعلم , لكن الأمر لا يعدو كونه اجتهادا فرديا يفتقر إلى التأصيل النظري. فاللعب التربوي أسلوب يتطلب تطبيقه العملي الاستناد إلى ثروة من الأبحاث و الدراسات الأكاديمية ,كما يتطلب إدارة تربوية منفتحة , ومرنة تسمح بالتجريب التربوي , وتنمي روح الإبداع و التساؤل و البحث و الاكتشاف لدى المدرس و التلميذ على حد سواء.
1) إطلالة تاريخية:
*******************
يرجع تاريخ الألعاب التربوية إلى القرن السادس قبل الميلاد حين ابتكر سكان شبه القارة الهندية لعبة "الشطرنج" , ثم تطورت اللعبة فيما بعد لتستخدم في وضع و تطوير الخطط الحربية , حين استبدل القادة البروسيون قطع هذه اللعبة بالجنود و الدبابات و الضباط خلال الحرب العالمية الثانية, وأصبحت لوحة اللعب خريطة أو تصميما لمعركة !
بعد الحرب, ومع ظهور الحاسوب, بدأ رجال الإدارة و الأعمال و الاقتصاد يستعملون الألعاب لتوضيح العمليات التي تحدث في هذه المجالات للعاملين بغرض إنجاز العمل بسرعة و دقة متناهية. و اتسع المجال بعد ذلك ليتم إدماج الألعاب التربوية في مساقات العلوم السياسية لطلبة الدراسات العليا في نهاية الخمسينات من القرن الماضي, و في مجال التدريب و التعليم المهني .
أما في التعليم , فإن ظهور الألعاب التربوية ارتبط عضويا بظهور المدارس , حيث كان المدرسون يوظفون اللعب الإيهامي كتمثيل الأدوار المسرحية و تقمص الشخصيات من الواقع في حصصهم الدراسية , ولم يتم الاهتمام باللعب التربوي كأسلوب تعليمي إلا في الستينات من القرن الماضي , حيث أجريت بحوث عديدة حول أهمية هذا الأسلوب و أثره في تحقيق تعلم جيد.
2) تعريف اللعب التربوي:
***************************
يعرف اللعب التربوي ,أو أسلوب التعلم باللعب , بأنه استغلال أنشطة اللعب في اكتساب المعرفة و تقريب مباديء العلم للأطفال و توسيع آفاقهم المعرفية . إنه " لون من النشاط الجدي أو العقلي يستخدم كمتعة بهدف معرفي يؤدي إلى الكسب و التطور و الاكتشاف"(7) وهو كذلك" مقطع من الحياة الواقعية تتم فيه عادة المباراة بين شخصين أو مجموعتين أو أكثر بناء على قواعد موضوعة سلفا من أجل تحقيق أهداف معينة , وأهم عنصر فيه هو عنصر المنافسة"( .
من خلال هذه التعريفات يمكن القول بأن إكساب اللعب قيمة تربوية يقتضي توافر ثلاثة شروط:
- ممارسته وفق قواعد محددة.
- تضمينه محتوى تعليمي معين.
- توفر عنصري المتعة و التسلية.
3) آثار و فوائد اللعب التربوي:
*********************************
خلصت العديد من الدراسات التي أجريت حول آثار اللعب في الرفع من مستوى التحصيل الدراسي إلى أن الألعاب التعليمية متى أحسن تخطيطها و تنظيمها و الإشراف عليها فإنها تؤسس مدخلا وظيفيا لمسار تعلمي فعال يتجاوز بكثير سلبيات نمط التعلم التقليدي .
ومن آثار أسلوب التعلم باللعب:
- تيسير اندماج المحتوى التعليمي في عقول المتعلمين بفضل مخاطبته لأكثر من حاسة .
- استثارة الجانب الانفعالي" متعة, حماس, ترقب, إثارة…".
- تنمية القدرة التعبيرية لدى المتعلم.
- تقوية مهارة حل المشكلات و صنع القرارات و لو على مستوى بسيط.
- تنمية التفكير الإبداعي و الابتكاري.
- تنمية مهارة ربط المحسوس بالمجرد.
- كسر حاجز الخجل لدى فئة عريضة من المتعلمين .
- تعزيز الانتماء للجماعة.
- تعلم احترام القواعد و القوانين و الالتزام بها.
و نظرا لما يحدثه اللعب التربوي من تغيير في سلوك المتعلم فإن العديد من الباحثين دعوا إلى ضرورة إدماجه وفق مقاييس و شروط محددة تجنبا لأي انفلات قد يولد نتائج عكسية.
ْ
________*التــَّـوْقـْـيـعُ*_________ لا أحد يظن أن العظماء تعساء إلا العظماء أنفسهم. إدوارد ينج: شاعر إنجليزي
| |
|