الوضع البيئي في الجزائر يمتاز بالتدهور و اللامبالاة فهناك زحف كبير للرمال من الجنوب باتجاه الشمال و الغلاف أو الغطاء النباتي ضعيف و في طريق الزوال نتيجة لعامل الجفاف و زحف الأسمنت أو التعمير و البناء و السياسة اللآتشجير التي كانت في زمن سابق من أولويات و أبجديات العمل التطوعي (حتى نهاية السبعينات ) ، من ميزات الوضع الايكولوجي كذلك الموارد المائية الآيلة للاندثار و الوسط البحري و الشواطئ المتدهورة و التلوث الصناعي المقلق (مصانع الأسمنت بمفتاح ،مصنع البرايت بتسمسيلت و مركب اسمدال بعنابة ... الخ ) نفايات سامة و مكنسة في الهواء الطلق دون مراعاة الأساليب العلمية للتخزين و في مقابل كل هذا هناك ضغط ديمغرافي شديد و مشاكل حضرية تؤثر سلبا على الأوضاع صحية مؤلمة (حالات التيفويد في جل مدن الجزائر أم البواقي 1997 عين طاية 1997 خنشلة 1998 بسكرة 1998 ،بسبب اختلاط مياه المجاري بالمياه الصالحة للشرب ) حالات للتسمم الغذائي جويلية 1998 (قضية الكثير التي ذهب ضحيتها أزيد عن عشرون شخصا في كل من سطيف، قسنطينة ، بجاية ،باتنة ...الخ )
علاقة التنمية بالبيئة و بداية الاهتمام بالبيئة
ترتبط البيئة بالفقر في علاقة جدلية تجعل كل منهما يؤثر على الآخر ، فالتدهور الايكولوجي في مجتمع ما هو سبب مباشر لتنامي الفقر و انتشاره ، كما أن المناطق المدمرة ايكولوجيا في العالم توجد في المناطق الفقيرة، و بالرغم من الجهود التي سعت الحكومات العالم الثالث لتحقيقها في إطار التنمية ،مازالت لحد الآن محدودة النتائج خصوصا في المجال الايكولوجي .
البداية الأولى للاهتمام بالبيئة :لقد اجتمع في خريف 1921 بسويسرا بعض الرواد و هم اقتصاديون من الشمال و الجنوب تمخضت عن دراساتهم فكرة ألا يكو تنمية أ تنمية الايكولوجية مما أدى إلى اقتران فكرتي التنمية و البيئة ،و لم يهتم بموضوع التنمية و البيئة إلا في حدود شهر ديسمبر من سنة 1988 حيث تم استدعاء
مؤتمر عالمي بـريو ديجانيرو سنة 1992 يعني بدراسة :
حماية الغلاف الجوي للكرة الأرضية
التصدي للتغيرات الجوية (المناخية ) و الحيلولة دون تقلص طبقة الأزون و مكافحة التلوث الجوي العابر للحدود الدولية .
الاحتفاظ بالتنوع البيولوجي
التسيير العقلاني و الايكولوجي للنفايات الخطيرة و المواد الكيماوية السامة مع الوقاية من نقلها اللاشرعي و تحويلها من دولة إلى أخرى
حماية الأراضي عن طريق المحافظة على الغابات و محاربة التصحر و الجفاف
استئصال الفقر اعتمادا على برامج إنمائية شاملة في الأرياف و المدن .
يذكر بأنه إلى غاية سنة 1972 لم تكن بالدول المتقدمة كهيئات سياسية أو إدارية مكلفة بالبيئة سوى ست دول و كانت الأفكار الايكولوجية من اهتمامات المجتمعات المتطورة فقط . (...) وفي الواقع فان دول العالم الثالث كانت لها اهتمامات أخرى بل بالأحرى أولويات أخرى .
وقد تمخض عن مؤتمر ريو عدد من الوثائق البالغة الأهمية أهمها :
نصوص تقضي بإنشاء لجنة عالمية للتنمية المستديمة
اتفاقيتان حول الأزون و قعتهما 150 دولة
نصان حول الغابات و التصحر (2.4 مليار هكتار من الأراضي الزراعية التي تتوفر عليها قارتي إفريقيا و آسيا وهذه الظاهرة تنتشر بسرعة 70 ألف كلم في السنة عبر العالم متسببة في خسارة مالية قدرها 42 مليار دولار سنويا )
الأجندة أو مخطط العمل 21 الذي ينص على أن :
"كل الدول في العالم ملزمة بالتعاون فيما بينها للقضاء على الفقر علما بان هذا الإنجاز يعتبر شرطا أساسيا و ضروريا لكل تنمية مستديمة تهدف إلى تقليص الفوارق في مستوى المعيشة لتلبية تطلعات كل شعوب العالم"
أما في البند الثالث من مخطط العمل 21 فيحدد الأهداف و الأعمال التي يجب القيام بها لاستئصال الفقر و يعتبر هذا الإنجاز من أهم رهانات القرن الواحد و العشرين بالنسبة للبشرية جمعاء.
اتفاقيات الحد من تلوث المحيطات و البحار
نظرا لاهتمام العالم أجمع بمشكلة التلوث في المحيطات و البحار و السيطرة عليها ، فقد تم عقد الكثير من اتفاقيات بين الدول المتخلفة لمكافحة مصادر التلوث للبحار و المحيطات ومن هذه الاتفاقيات :
اتفاقية الحد من إلقاء بعض المواد السامة و النفايات المشعة في البحر التي وقعت في لندن 1972 . وقد وضعت هذه الاتفاقية ((قائمة سوداء )) للمواد التي لا يمكن التخلص منها بإلقائها في البحر و ((قائمة رمادية )) للمواد التي يمكن التخلص منها في مياه البحر . وذلك بعد اتخاذ بعض الاحتياطات الواجبة .
اتفاقية باريس بين دول الأطلنطي عام 1974 و التي تطلب من الدول الموقعة عليها السيطرة على مصادر التلوث من الأرض و الحرص على عدم تسربها إلى مياه المحيط .
خطة العمل لدول البحر الأبيض المتوسط التي وقعت سنة 1976 في برشلونة بين (تركيا ،اليونان ،سورية ،ليبيا ،مصر ،الجزائر ،المغرب ).
اتفاقية الكويت بين دول الخليج سنة 1978
التربية البيئية و ضرورتها
برزت أهمية التربية البيئية بشكل أساسي في مؤتمر الأمم المتحدة للبيئة البشرية في مدينة استوكهولم سنة 1972 وذلك بغية مجابهة المشكلات التي تثيرها البيئة أمام المجتمع المعاصر ،و التي تهف إلى غرس الوعي البيئي ،و الحفاظ على مكونات البيئة الأساسية.
.
ما معنى التربية البيئية .
هناك عدة آراء مختلفة و متعددة حول تعريف التربية البيئية و مدلولها ،تختلف بتعدد مدلولات معنى التربية البيئية و أهدافها من جهة ،و مدلولات معنى البيئة من جهة أخرى ، إن التربية البيئية تعني إعداد الفرد للتفاعل الناجح مع بيئته الطبيعية ، و يتطلب هذا الأعداد العمل على تنمية جوانب معينة في حياته منها : توضيح المفاهيم التي تربط ما بين الإنسان و ثقافته من جهة ،و بين المحيط البيوفيزيائي من جهة أخرى ،كما يتطلب هذا الإعداد أيضا تنمية المهارات التي تكمن الفرد من المساهمة في حل ما قد تتعرض له بيئته من مشاكل و ما قد يهددها من أخطار . من هنا يمكننا ان نفهم التربية البيئية على أنها عملية تهدف إلى توعية الإنسان ببيئته ، و إلى تفاعل عناصرها البيولوجية و الجماعية و الثقافية ، إضافة إلى تزويده بالمعارف و القيم و الكفاءات التي تيسر له سبل التعامل مع المشكلات البيئية الحالية و المستقبلية .من بين المفاهيم الأساسية المتعلقة بالمحافظة على البيئة و التي تساهم التربية البيئية في ترسيخها نجد :
مفهوم اعتماد الكائنات الحية بوجه عام على بعضها البعض ،واعتمادها بوجه عام على البيئة .
مفهوم توزن المنظومة البيئية وما يقتضيه هذا التوازن من ضرورة الحفاظ على الحياة البرية و الحيوانية و الغابات و الكائنات البحرية .
مفهوم الأضرار الصحية الناجمة عن تلوث الهواء و الماء و اليابسة .
مفهوم إدراك الإنسان بأنه الوحيد القادر على تغيير البيئة ، سواء في الاتجاه الإيجابي أو السلبي ،و أن ما أصاب البيئة من خلل ، إنما هو نتيجة لسلوك إنساني خاطئ ، وأن إصلاح هذا الخلل لا يمكن أن يتم إلا باتباع سلوك إنساني مغاير .
في الحقيقة إن مفهوم حماية البيئة يظل نسبيا في أمثلته و موضوعاته ، ومختلفا باختلاف البيئات و المجتمعات ، فهو إذا كان في بيئات معينة يتعلق بحماية الأجواء من الإشعاعات و الغازات ، فانه في بيئات أخرى يعني المحافظة على نظافة الشارع و المدرسة و المؤسسات الحكومية ، و عدم قطع الأشجار و الأزهار ، و التخلص السليم من الفضلات ، و التقيد بأنظمة المرور ... و غيرها من أمور قد تبدو لأول وهلة سهلة التطبيق إلا أن الواقع العلمي يثبت أنها صعبة ، وتحقيقها يحتاج إلى تربية بيئية سليمة ، تبدأ من المدرسة التي تأخذ على عاتقها مسؤولية إعداد النشء ، وتزويده بالمعارف و المفاهيم السليمة حول بيئته ، وحثه على اتباع سلوك بيئي سليم .
ْ
________*التــَّـوْقـْـيـعُ*_________
لا أحد يظن أن العظماء تعساء إلا العظماء أنفسهم. إدوارد ينج: شاعر إنجليزي