ولهذا من الضرورة بمكان إطلاع الأطفال على رغبة المربية بإضافة تحسين مستمر على القاعة الدراسية، وأخذ مقترحاتهم في ذلك؛ على سبيل المثال: التفكير بطرق لتسهيل عملية تنقلهم من ركن لآخر، أو تحسين في استخدام الأدوات الصفية في وقت قصير، أو استحداث قوانين تسهل عملية استخدام الأدوات وإعادتها، وتشجيعهم على إبداء رأيهم بالتحسينات المختلفة، ويمكنها أن تخصص يومًا في الأسبوع يسمى يوم التحسينات ليستعد الأطفال بمقترحات ومرئيات لشحذ فكرهم، وتعزيز ذواتهم، وإفساح المجال لعقولهم الصغيرة كي تخرج خارج النطاق المألوف فتعتاد الحركة والتأمل والبحث عن حلول مناسبة وأخرى إبداعية، وإعطائهم مسؤولية الالتزام الجماعي بإضافة التحسينات المختلفة ولو بخطوات صغيرة جدًا مما يضفي على التعليم مناخًا نفسيًا واجتماعيًا يتسم بالمودة والوئام والولاء التام لأنظمة وقوانين الجماعة.
ومهما كانت المرشدة ودودة مع أطفالها إلا أن الأطفال يتقدمون بشكل أفضل عندما يتعلمون في كل يوم وفي كل لحظة شيئًا جديدًا ومثيرًا، ويساهمون في صياغة عملية التعلم أكثر من تلقيها، فالتحسين المستمر فرصة جيدة وفكرة ممتعة لتوفير العديد من الخبرات التعليمية المتنوعة والمتتابعة طوال العام، مما يحدث في النهاية نقلة فريدة في فكر الأطفال وعزمًا لاستكمال عملية التحسين في الأعوام التالية.
الكايزن وتطور الأطفال الأكاديمي:
عندما تضع المربية خطة مستقبلية لأطفالها، بعد إجراء تقييم مبدئي شامل لقدراتهم، فإن استراتيجية الكايزن تجعلها تضع توقعات ذات سقف واقعي وعملي، وتخطط جيدًا للخطوات الصغيرة المتتالية التي ستساهم في تقدمهم دون الضغط عليهم، أو توقع الكمال السريع والتام منهم، (مما يؤدي إلى إحباطهم وضعف دافعيتهم للتعلم). بالإضافة إلى أن اعتياد المعلمة على الصبر على النتائج ووضع مبادرات متتالية بعيدة المدى يضفي على شخصيتها جدّية ومثابرة لتحقيق نجاحات ذات مواصفات عالية لم تكن تتوقعها يومًا.
وتشجيع المرشدة لأطفالها ودعمهم لتطوير قدراتهم بمبادرات صغيرة يسهل على الأطفال عملية التعليم والتطوير، ويحفزهم لطلب المزيد من التطوير فالطفل في مرحلة الطفولة المبكرة يكون متحمسًا للنجاح ويشعر بلذة كبيرة لتحقيقه. ففي بعض الأحيان قد تخطئ المرشدة في تقدير الخطوات المناسبة وتتعجل النتائج فتدفع الأطفال بخطوات كبيرة تفوق قدراتهم ومن ثم تقتل دافعيتهم وتطفئ لذة حماسهم للإنجاز والتطور. وبالتالي يفقد التعليم جدواه في وقت يكون الأطفال في سن هم أحوج ما يكونون فيها إلى تعليم واع ومُخطط له.
ومبدأ الكايزن يعطي للمرشدة فرصة كبيرة للحوار مع أطفالها وتفعيل التعلم النشيط، ولا سيما الحوار السقراطي الذي يتم من خلاله طرح أسئلة صغيرة لتبديد الخوف وتشجيع الأطفال على الإجابة عن أسئلة بعضهم البعض، وتجاذب أطراف الحوار فيما بينهم حتى يتوقف الحوار عند رأي أحدهم لتحديد الإجابة الأمثل لحل المشكلة أو لإضافة التحسين المبكر قبل أن تحدث مشكلة. على سبيل المثال:
تلاحظ المرشدة أن عملية جمع الأطفال من الملعب الخارجي تأخذ وقتًا وجهدًا كبيرًا، فتجتمع مع أطفالها وتطرح عليهم المشكلة ثم سؤالًا محددًا وواضحًا، ثم تطلب منهم حلولاً مختلفة وتدير دفة الحوار فيما بينهم بجدية وسلاسة فكل إجابة من أحدهم تمثل سؤالاً للآخر، وكل سؤال له إجابة من قبل أحد الأطفال أو حتى المرشدة. عند طرح المشكلة توضح المرشدة أن عملية جمع الأطفال تستلزم وقتاً طويلاً لأن أحدهم لا يستمع للنداء مما يؤخرهم للفترة التالية ويعيق سير اليوم (هدر وقت) وأن عملية الجمع تجهد المرشدة لأنها تضطر للنداء بصوت عالٍ والتنقل من مكان لآخر لإخبار الجميع بانتهاء وقت الملعب هدر(وقت + جهد)، لتأخذ بعد ذلك بنصائح ومقترحات الأطفال. ويختار الجماعة حلاً مناسبًا يساهم في الحد من الهدر.
(التأمل وطرح أسئلة صغيرة).
ْ
________*التــَّـوْقـْـيـعُ*_________
لا أحد يظن أن العظماء تعساء إلا العظماء أنفسهم. إدوارد ينج: شاعر إنجليزي